سردار احمه .. عند باب الحديقة العامة

2014-04-19

استيقظَ مُتأخراً وتناولَ وجبةً من الأرُز الأمريكي والفاصولياء على الغداء مع العائلة, ثم جلسَ بعضاً من الوقت على الكومبيوتر, وأحتسى كوباً من الشاي وسيجارة من النوع الخفيف, بعدها أخذَ يُرتب خزانتهُ الفوضويّة قليلاً, وحملَ كتاب اللغة الفرنسية الذي لا يفقه منهُ شيئاً, ثمَ ذهب إلى كورس اللغة الفرنسية فقط كي يفهم اسئلة الامتحان القادمة في فحص البكلوريا, ويأتي عدم اهتمامه بالفرنسية كونهُ لا يحبُها ولا يرد أن يتعلمها  
 
وهو يمشي على رصيف الطريق العام مُتجهاً إلى الكورس المنبوذ لديه, رأى حبيبته تخرجُ من احدى بيوتِ اهلها القاطنين في ذاك الحيّ, خفف من وطء خطواته العجولة بعض الشيء إلى أن ودعت هي اقارِبها وسارت أمامهُ على الرصيف ذاته, حينها اسرع إليها بخطواته فمنذُ يومين لم يلتيقا واليوم جمعتهُما الصدفة دونما تخطيط مسبق والعمل على لقاء كما تجري عادة اللقاءات بينهم, وعندما دخلت الفتاة إلى احدى الشوارع الفرعية, اقترب الشابُ منها وامسكَ بيدها من الخلف, والتفتت إليه وللوهلة الأولى أبتسمت بخجل, وقالت متعجبة ً: كيف خرجت من هنا ومن أين اتيت ؟!
 
قاطعها الشاب قائلاً: أحبُكِ, وبقت هي صامتة والأبتسامة مرسومة على ثغرها, ثم قال: من جديد أحبُكِ, ردت هي بحياء أنثى وأنا ايضاً أحبُكَ. ثم قال الشاب يجب أن اذهب الأن كي لا اتأخرعن درس اللغة الفرنسية فقد تأخرت عليه, وقبل الرحيل اتفق الإثنان على موعدٍ للقاءِ غداً مثل كل مرة " عند باب الحديقة العامة " , واكملت الفتاة المشيَّ متجهة إلى الطرف الآخر, وهي تقطعُ الشارع العام وتتبادل النظر إلى ملامح حبيبها إصطدمت بها حافلة لنقل الركاب, وعلى الفور وقعت على الأرض مستلقية على ظهرها دون حراك, حينها ركض الشاب إليها مسرعاً خائفاً من الدماء التي سالت من مؤخرة رأسها, ولايكاد يُصدق ما حدث للتو من الصدمة التي صُفع بها, وبكل حُبٍ وخوف حملها بين ذراعيه مسرعاً إلى المشفى وهو يسردُ لها في الطريق اشعارهُ التي كتبَ ونظمَ قوافيها لاجلها, وكان يتحدث لها عن احلامهما ومشاريعهما المستقبلية, ولم يكُن يتوقف عن الكلام كي يُبقيها مستيقظة, وتوقف آخيراً عن الركض عند مدخل الاسعاف, حينها نظر إليها, كانت نائمة على يديهِ المحمرةُ من الدماء, وضعها على كرسي الاسعاف وهو يُدرك بأنها لن تستيقظ من نومها آبداً, نظر إلى عينيها المغلقتين واضعاً يدهُ على جبينها وقال: أحبكُ وأنتِ نائمة ايضاً ولكن أحبُكِ أكثر وأنتِ مستيقظة. اكمل حديثهُ وهو يرتجفُ قائلاً: هل غداً سيأتي موعد اللقاء؟, فإذا جاء انتظرُكِ يا حبيبتي مثل كل مرة عند باب الحديقة العام.