سردار احمه .. حكاية عودة

2014-01-29

إلى بوابة العبور إلى الوطن, طوابير من الناس تنتظر دورها في التسجيل على الجانب التركي لتغادر نحو الجانب السوري ..
معبر الدرباسية من الجانب التركي حاملاً حقائبي فرحاً بالعودة, سكة القطار وجنود الحدود والموظف التركي يقرأ اسماء العائدين. امرأة لا تتخلى عن عناق امها وختمت العناق أخيراً ببكاء الرحيل وقبلة من اليد. ومع ملامسة قدمي لأرض الوطن تساقطت قطرات من المطر لتفوح رائحة التراب تلك الرائحة المصفاة من المسك .

هنا سوريا أو غرب كُردستان كما تحلو لي تسميتها, دخلت الدرباسية وأول مشهد مفرح رأيته هو حاجز للقوات الكُردية نعم لأول مرة منذ أن ولدتُ أرى حاجزاً للشرطة افرادهُ من الكُرد ولهجتهم كُردية, اجتزتُ الحاجز بعبارة (سباس هفال) شكراً رفيق.

وصلت عامودا والليل قد فرش اجنحتهُ. ومن حسن حظي لم تكن الكهرباء منقطعة, فإختلست النظر من خلف نافذة السيارة الى شوارع عامودا ومحلاتها المرصوصة والمتقابلة على خطين متوازيين حتى نهاية المدينة, والخروج منها متجهاً صوب قامشلو .

نعم قامشلو.. اشم رائحتها النقية من بعيد, واحبها من قريب وبعيد. أقل من نصف ساعة في الطريق ماراً بعدة حواجز للأسايش وصلت إلى قامشلو من مدخلها الغربي من حي الهلالية من فوق تلك القمة التي تظهر لك الكثير من بيوت المدينة المتخفية بين طيات الظلام المفروض عليها. الشوارع كانت خالية والهدوء يعم الأحياء وكان يؤلمني تكرار عبارة الدار برسم البيع, إنهم يبيعون بيوتهم ويهاجرون خشيةً من الموت جوعاً وفقراً مع ازدياد الحصار عليها في كل يوم من قبل الجماعات التكفيرية.

إلا انها تبقى قامشلو. مدينة الحب, مدينة العشق والسلام, مدينة التعايش والصمود. و إلى أن وصلت عتبة منزلنا كدت اختنق من شدة إبتلاعي لهوائها الذي يعيد لك الروح ويدخل الدفء إلى عظامك الهشة من أثر البعد. واشبعت أنفي من استنشاق تربتها وأرضها الفاضلة. وبالرغم من الهجرة والرحيل وبالرغم من المصائب التي حلت وتحل على قامشلو وسكانها تبقى هي المدينة الأولى في حياتي بدون منازع .

نشرت في مجلة ولات (welat) العدد الثامن
https://www.facebook.com/serdar.ehme



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.