Sozdar Mîdî (E. Xelîl) : يا ساسة كُردستان! تُرى كيف ستدخلون التاريخ؟!

2013-12-23

تاريخ الأمّة هو وعيها الجمعي، هو ذاكرتها الخالدة، هو عقلها الباطن الذي يخزّن كلّ التفاصيل، هو "الرقيب العتيد" الذي يُحصي كلّ شاردة وواردة، هو ضمير الأمّة الذي يقيّم كلَّ قول وفعل، ويصنّفه إمّا في خانة (أهورامَزدا) وإمّا في خانة (أهريمان)، إمّا في خانة النبل والأصالة وإمّا في خانة الانحطاط والنذالة.

يا ساستنا المحترمين! لا منطقة رمادية في تاريخ الأمّة، إما أبيض وإمّا أسود، ولا شيء يستعصي على وعي الأمّة الجمعي، ولا شيء يبقى خارج ذاكرة الأمّة، ولا شيء يستطيع التماكر على عقل الأمّة الباطن، ولا شيء يَفلت من رقابة ضمير الأمّة، كل شيء يستقر أخيراً في الخزانة الأبدية، هناك في تاريخ الأمّة.
يا ساستنا المحترمين! انظروا! تُرى كيف قررتم أن تدخلوا تاريخ الأمّة الكُردية؟! هل قررتم أن تدخلوها كما دخلها ملكنا العظيم دَهْياكو (دَياكو)، الذي وظّف حكمته وصبره وحزمه، فوحّد شتات قبائل ميديا، وجعل أمّتنا صفاً واحداً، ووضع أسس الدولة الميدية، وهيّأ الأمّة لمشروع التحرير من إمبراطورية آشور العاتية؟
أم أنكم قرّرتم أن تدخلوها- والعياذ بالله- كما دخلها القائد الميدي هارْپاك، الذي دفعه حَنقه على الملك الميدي الآخير أَزْدَهاك إلى أن يتآمر على أمّته، ويتخابر مع الملك الفارسي كورش الثاني، ويقدّم له مملكة ميديا على طبق من ذهب، ويرمي بالأمّة في ظلمة العبودية طوال 25 قرناً؟
هل قررتم أن تدخلوا تاريخ أمّتكم الكُردية رجالاً شجعاناً مخلصين، كما دخلها بدرخان بك، وعُبيد الله نَهْري، ومحمود بَرزنْجي، وإسماعيل سِمْكو، وقاضي محمد، وسعيد پيران، وسيّد رضا، وإحسان نوري، ومَلا مصطفى، ومنهم مَن توفّي في المنافي يتجرّع آلام التشرّد، ومنهم من قضى نحبه على أعواد المشانق؟
أم أنكم قرّرتم- والعياذ بالله- أن تدخلوها كما دخلها مَلا إدريس بَدليسي، الذي ساق الإمارات الكُردية المستقلة إلى حظيرة الدولة العثمانية سنة 1515، أو كما دخلها قاسم بك جَبْران، الذي وشى بالشيخ سعيد پِيران وكبار قادة ثورة 1925 إلى الأتراك، فقبضوا عليهم وأعدموهم، أو كما دخلها ممثّل تركيا في مؤتمر لوزان سنة 1923، الكُردي عصمت إينونو، الذي اصطحب معه مرة الكُرديَّ بِرينجي زاده فوزي بك نائب ديار بكر، ومرة ثانية النائبَ زُلفي زاده بك، وأعلن الاثنان:" نحن والأتراك أخوة، لا توجد بيننا أيّة فروقات، ولا نرغب بالانفصال عنهم"؟!
يا ساستنا المحترمين! في كل الأمم، وعبر كل العصور، العارفون بحقائق الأمور قليلون، والناطقون بحقائق الأمور أقلّ، والصامتون- جهلاً أو مجاملةً، أو خوفاً أو ارتزاقاً- كثيرون وكثيرون جداً. لكن تاريخ الأمّة لا يجهل، ولا يجامل، ولا يخاف، ولا يرتزق، إنه القاضي الأعدل والحاكم الأعظم، فانظروا، كيف ستكونون في حضرته؟ وكيف سيكون موقف الأجيال القادمة منكم؟
إنكم يا ساسة كُردستنان- وبحكم مواقعكم القيادية- تصنعون تاريخ أمّتنا.
وأقولها مضطراً: لقد بالغتم في شرذمتنا، وحان أن تتوحّدوا وتوحّدوا أمتنا.
حان أن تجتمعوا وتَجمعونا على مشروع وطني كُردستاني تحرري شامل.
وتذكّروا- أيها المحترمون- أنّ كل واحد منا يصنع تاريخه.
فانظروا، تُرى كيف ستدخلون تاريخ أمّتكم الكُردية؟
ومهما يكن، فلا بدّ من تحرير كُردستان!
21 – 12 - 2013



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.