سردار احمه .. الثورة بين مطرقة النظام وسندان المعارضة

2013-10-20

يسقط الحكام, يرحـلون, يتغيرون, يموتون, ومهما بقي الحاكم ظالماً كان ام منصف فأنه سيأتي يوم ولابد أن يرحل فيه

والثورة باقية وأن طالت وازهقت الكثير من الدماء وأن اتعبت رجالها واغرقت نسائها بالدموع وحرمت اطفالها من الفرح واللعب وهجرت شبابها, ولكنها لن تُبقي شيئاً على نحوه تماماً كما الثورة السورية
الثورة التي انهكت سورية بغزارة الدماء التي سالت, ولاتزال الثورة تفدي سوريتها الشهيد تلو الآخر رغم العقبات التي غيرت مسار الثورة بدون أن تخمد روحها المتعطشة لنيل الحرية والعيش بسلام في ظل دولة القانون
إلا أن تدخل الدول والسياسات الخارجية ومصالح الأنظمة في الوضع السـوري بشكل عام افقد الثورة جمالِتها وبريقها, وعدم توحد المعارضة في صف واحد واستراتيجية مشتركة متحدة هادفة لاقتلاع نظام الأسد من جذوره افسحت المجال لامتداد الأيادي إلى وسط المعارضة و تشكيل تكتلات ضمن صفوفها تابعة لدول مختلفة, تلك الدول التي مزقت المعارضة بدعمها لفصيل معين دون غيره ومد السلاح والمال لكتائب تخدم مصالحها وسياستها دون غيرها
ولكن باعتقادي اللوم الأكبر يقع على الشعب او ذاك الفصيل الذي أثبت خصوبة فكره وعقله للمال والسلاح والرجال المتدفق من خارج الحدود إلى رحم الثورة من دون الإكتراث والتفكر بمنهج ومطلب اولئك القادمين صوب وطنهم قبل الندم على فعلتهم كما يحصل اليــوم تندم على المجاميع المتشددة المطالبة بالخلافة الإسلامية والمرحبة بعودة سورية آلاف السنين إلى الوراء دون الاهتمام لمطالب الشعب الثائر لأجل الكرامة والدولة المدنية التعددية الديمقراطية, ودون أن يأخذوا في عين الإعتبار شهداء رحلوا عن أرض سورية لأجلِ وطنٍ يتعايش فيه الجميـع وتصان فيه كرامة المواطن وتسود في ربوعه العدالة وحرية الفكر والتعبير .
هشاشة المعارضة وعدم قدرتها على أتخاذ القرارات الصارمة تجاه تلك الفصائل المسلحة المتشددة دينياً كَجبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والكتائب المنضوية تحت رايتها, وايضاً أصحاب النفوس الضعيفة من الشعب السوري والباحثين عن مصالحهم فقط والكثير من الذين رحبـوا بقدوم مجاهدين من دول مختلفة إلى سوريا لتجاهد من أجل فرض فكرها وليس حباً بالثورة وأهدافها, انهكت الثورة والثوار واختلقت مشاكل وسياسات مختلفة ضمن المحافظات السورية
فالدروز ظلوا محايدين في مناطقهم مثل المسيحيين أيضاً ضمن مشاركات محدودة والفئة الصامتة كذلك خوفاً من الأحداث التي غيرت مجرى الثورة وحولتها إلى أهداف وشعارات إسلامية متعصبة في بعض الأحيان وإقصائية في حينٍ آخر وظهر واضحاً لهم في تدمير الكنائس بعدة مناطق تلك الأعمال التي أرهبتهم من سوريا المستقبل في ظل هذا التفكير المتعصب, والكُرد رفضـوا دخول تلك الجماعات بينهم خوفاً من هدم النسيج والفسيفساء القائم منذ عقود في الشمال والشمال الشرقي من سوريا بين الكُرد والعرب والمسيحيين ووجود اطياف متعددة كالأزيدين والشركس والشيشان وإلى ما هنالك من تمازج بين الأعراق في المناطق الواقعة تحت يد القوى الكُردية المانعة لتدفق الفكر المتعصب إليهم
وأدى تكاثر هذا الفكر وهذه المجموعات العاملة لأجل أجندات تخدم مصالحهم فقط إلى ارتياح النظام في دمشق وإقامة ولايات إسلامية والتقاتل على فرض النفوذ والسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي, وبالتالي يزداد الشرخ الحاصل أساساً ضمن مكونات الشعب السوري ويزداد البعد عن روح الثورة التي بدأت أهدافها تتبعثر يوماً بعد يوم .

https://www.facebook.com/serdar.ehme



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.