محمود خليل : اكراد الهُجن أولاد قمبيز

2012-11-14

الذين يهتفون" يعرعرون" في المناطق الكوردية هذه الأيام ,ويطلقون العنان لحناجرهم المريضة "الله محيي الجيش الحر" هم بالتأكيد غرباء عن الشعب الكوردي ومآسييه وظلمه التاريخي وهم بالتأكيد مثل هؤلاء الغرباء"غرباء الشام" الذين دخلوا البلدة الكوردية الحدودية"سري كانيه" رأس العين, دون أي مبرر, والدليل: هو فرار معظم المدنيين العزل من المدينة إلى القرى المجاورة وتركيا خوفا من تداعيات هذا الدخول .

  أرسلت تركيا "غرباء الشام" وغيرها من حملة الرايات السود, لغايات تخدم أجندتها, وحدها, وليس لها علاقة,ب "مساندة" الشعب السوري والثورة السورية كما تنافق وتُصدع الرؤوس دائماً,فهَمُها وهدفها الوحيد,ووفوبياها المستفحل:إن لا يحصل الكورد السوريون على أية حقوق.
أريد أن اسأل العراعرة الكورد الهُجن: هل فقدتم ذكورتكم  حتى تنادوا للغريب والغرباء بدخول مناطقكم, حتى يمارسوا"الغرباء" دوركم ألذكوري بدلاً عنكم, وبالنيابة عنكم, كي يُزيد نسلكم, فهل عُديتم الدياثة, ولماذا لا تكونوا انتم الجيوش والأحرار-لأهل سري كانيه-؟ وانتم أدرى بشعابكم, بدلاً عن غرباء الشام!؟, ولماذا كلفتم هؤلاء الغرباء العٌتق عناء السفر من "أبين" اليمن وليبيا والشام  وقندهار,أن يسيروا كل هذه المسافات وان يتحملوا عناء السفركي يحرروا مدنك؟, أليس هذا إجحاف وخيانة للثورة والثوار!!!, ولماذا لا تكونوا أنتم من ينال شرف حماية مناطقكم وأهلكم وأهاليكم وشعبكم, وإنسانيتكم في المنزل الأول, وان تحرروا مدنكم و بلداتكم من أيدي النظام, وان تنادوا بأعلى أصواتكم الله محيي ثوار الكورد ولجان الحماية الشعبية.!!!؟؟؟
السياسة والعرعرة والگرگرة والفلسفة والفذلكة,في المحصلة تكون في خدمة الإنسان في أولاً وآخراً.
الإنسان هو جوهر الحياة وغايتها وهدفها, ومن لا يهتم بحياة الآخرين ليس من صنف الإنسان وهو أبعد من أن يَدعي ممارسة السياسة أو أي شأن عام ,سوى متسول, مرتزق, باحث ,عن إرواء غرائزه الشخصية الدنيئة.
طيلة عشرين شهراً من عمر- الثورة السورية- تعيش المناطق الكوردية حالة هدوء نسبي, وقد عّبرت مشاركتها ومواكبتها للثورة بشكل حضاري وديمقراطي وسلمي-عبر المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية-, فكان محل تقدير واحترام المجتمع المحلي والعالم الخارجي الحر أيضا ,وعندما تحولت الثورة السلمية إلى مسلحة, ولأسباب عدة ,لم تواكب الكورد وغيرهم من المكونات السورية الأخرى هذا التحول,فأنحصر الصراع المسلح في المناطق ذو الأغلبية المسلمة السنية, وطغى على الصراع الصبغة الدينية المذهبية, وتجلى ذلك من خلال :أسماء الألوية والكتائب وأسماء الجمع, والهتافات ,ودخول الجماعات الجهادية التكفيرية ساحة الصراع, وغيرها من المظاهر,والتي بمجملها فرقت الجمع السوري والنتيجة, أضحت سوريا اليوم مصابة بجرح نازف , إذا لم يسعفها المجتمع الدولي, ستموت بسبب هذا النزف,أنها تقاوم كالفارس الجريح , والجريح كثيرا ما يخطئ الهدف.
منذ يومين داهمت عدة قوة عسكرية غريبة أطلقت على نفسها اسم "غرباء الشام" , وما يسمى: جبهة النصرة الإرهابي, وكتيبة التوحيد بلدة"سري كانيه"رأس العين الكوردية المتاخمة للحدود التركية ,غرباء الشام: يعني أنهم من الشام و يعني أيضا أنهم ليسوا من المنطقة, فمكانهم الطبيعي أن يكونوا في الشام, , فأهل الشام: الجرحى, الثكلى, المشردين,  بأمس الحاجة إليهم, فعليهم ترك غربتهم إذا كانوا سوريين أحرار صادقين, وليسوا مرتزقة ومرتهنين لدى الغير أن يعودوا إلى الشام فأهل الشام أحوج لهم!.
لقد داهمت هذه القوى تلك البلدة النائية ,الخالية من أية قوى تذكر للنظام, سوى بعض المراكز لا حول لها ولا قوة,وهدف هذه العملية- الغير موفقة- مقارعة النظام والسيطرة على آخر المعابر الحدودية كما رُوِج لها بعض الفضائيات الدعائية العدائية للشعب السوري والكوردي معاً ,وإنما جاءت بناء على رغبة الأتراك,الذين يُكنًون العداء للعرب "بيس ملت" أكثر من الكورد, جاءت ليضعوا المناطق الكوردية الآمنة في امتحان صعب ومصيري , هدفها واضح للجميع وهو إشعال نار الفتنة بين العرب والكورد, وبين الكورد أنفسهم, وكأن الكورد مُسوا بلعنة الفراعنة, وكأن الكورد  هم من جلبوا الدمار لسوريا ,وكأن الكورد هم من حولوا الرايات السورية الوطنية إلى الرايات الظلامية  "القروأوسطية",وكأن الكورد هم من سبب في تدمير المدن السورية ,الواحدة تلوى الأخرى.
البعض يريد تبرير فشله وأخطائه بجرائم بحق الأبرياء , فعندما كان النظام يخسر بعض المدن والبلدات مع إسرائيل في الحروب, كان يطلق أسماء تلك البلدات على القرى الكوردية في سبيل تعريبها اولاً, وجعلها شاخصة وكأنها حررت .
اليوم يحصل نفس الشيء مع المعارضة المسلحة السورية.
بذريعة السيطرة على معبر حدودي وهمي ,عبر وهرب ثلاثون ألف من المدنيين الكورد الحدود مجتازين ذلك المعبر المحرر!!,
لقد حلم الكورد السوريون استنشاق هواء الحرية يوما ما, وعندما اقتربوا من حلمهم,تشدق بهم الجميع ,الأتراك ومر تزقيهم في الصدارة ,لقد دأبت تركيا منذ اليوم الأول على استغلال دماء السوريين لمصالحها الإستراتيجية "الأمن القومي"والتي تختصر في كلمتين اثنتين لا ثالثهما:الفوبيا الكوردية.
كوطني كوردي سوري لا فرق لدي بين تركيا وإسرائيل, فالجولان ليس بأفضل من لواء اسكندرون.
كوطني كوردي سوري لا فرق لدي بين البعثيين والإخوان المسلمين والسلفيين: الاثنين ينكرون حقيقتي التاريخية ,وسيجرون سوريا نحو الانحدار والتقهقر الحضاري.
كوطني كوردي سوري, لا يمثلني الجيش الحر, فالجيوش الحرة والنظامية عادة في خدمة الوطن -المواطنين- وليست ممثلة عنهم.
 إن ماعانوه الكورد تاريخيا ,على أيدي البعثيين والكماليين الأتراك وغيرهم من الشوفينيين ,عبر سياسات التطهير العرقي والموت الرحيم للغة والتاريخ والحضارة, لا تستطيع تحّمُلها حَمَلةِ العَرش, ومع كل ذلك, لا زالوا يتكالبون عليه كالكلاب المسعورة,يعقدون المؤتمرات, ينشئون مراكز خاصة,يدربون المرتزقة,يفتحون أبواب خزائنهم المالية على مصراعيها لمرتزقته ولكل من يعادي الكورد.
إن مقياس الوطنية والمواطن "السوبر" في تركيا "الديمقراطية" هو :مدى معاداته وحقده للكورد, ولا يقل عنهم البعثيين الشوفينيين العرب عداوةً وحقداً,لذلك نرى المعارضة السورية :هجينة ومنسوخة وقريبة من نهج البعث  وتتجه فيما يبدو- مع بعض التغير- نحوالأخونة والأسلفة.
لقد تجلت مواقف تلك المعارضة تجاه حقوق الشعب الكوردي بالضبابية والالتوائية الكلامية عبر, سلسلة من المؤتمرات "الاستانبولية " والقطرية , وقد أثبتت الأيام بأنهم- المعارضة " ما زالوا بعيدين جداً عن الوعي التحرري والديمقراطي, وبالتالي بعيدين عن التقارب الحقيقي والحضاري للموضوع السوري بشكل عام, والكوردي بشكل خاص .
وللشجون بقية...
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.