ريزان قامشلوكي : اليسارالقومي الكوردي- الانتصار الفكري و التصفية التنظيمية

2012-06-18

ربما سيقول البعض ان الوقت غير مناسب للدخول في اي مسائل ايديولوجية او نظرية قد تتسبب في تذكية خلافات يبدو للبعض انه تم تجاوزها بعد تشكيل معظم الاحزاب الكوردية المجلس الكوردي الذي من المفترض ان يضم اغلب التيارات الكوردية العاملة في سوريا

خاصة ان الوقت الحالي هو وقت ثورة تتطلب التألب و التوحيد في خدمة الهدف الاوحد الا و هو اسقاط النظام الحالي بكل اركانه و احقاق الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي . و لكن الهجمة المستمرة التي يتعرض لها هذا التيار((الفكري-النضالي)) المتمثل في ما جرت العادة على تسميته باليساروذلك تمييزا له لما هو متعارف علية جماهيريا باليمين و من يمثل و ما يمثل . دفعني الى كتابة هذة الاسطر من باب القراءة الشخصية(بعيدا عن الادعاء بامتلاك الحقيقة او احتكارها و المعلوم ان القراءة الشخصيةهي وجهة نظر قابلة للصح او الخطا). و لفهم مايجري (بالرغم من اعترافي المسبق ) ان الامور اختلطت علي و لم اعد اميز او ارى اي خط بياني واضح يبين استراتيجية الاحزاب الكوردية الموجودة على اختلاف اسمائها و ادعائاتها و تبنياتها و ارتباطاتها.

بعيدا عن التنظير فانني ازعم ان الحالة الكوردية في سوريا لايمكن ان تدخل في اطار نمط عام و لايمكن ان نصنف الاحزاب الموجودة  و التي يفترض ان تكون نواتها النظرية انطلاقا من ما تحمل من اسماء .فاليمين الكوردي في سوريا  مثلا يحمل اسم التقدمي و  تلقى و لا يزال يتلقى الدعم من اليسار؟ الكوردستاني (ممثلا بالاتحاد الوطني) و اليسار الكوردي  مرتبط جوهريا و تاريخيا بين الجماهير  بالبارزاني الخالد( الذي جرت العادة على تسمية حزبه بين البعض  بعد نكبة 1975 بالعشائري- و اليميني) كما ان اليمين هو اول من تعاون مع المنشقين من حزب البارازني بينما اليسار القومي الكوردي هو اول و اعتى من تصدى جماهيريا لمن حاول المساس بالثورة البارزانية خاصة من منظمات الاحزاب الكوردستانية التي ادعت اليسارية و الماركسيةو الاشتراكية  من الاجزاء الاخرى  والتي نشأت و ترعرعت في كنف النظام السوري و افشل في داخل و خارج البلاد ايضا محاولاتها  لشق التجمعات التي كانت تعتبر بارزانية المنحى تاريخيا كجمعيات الطلبة الكوردستانية و تجمعات الاحزاب و منظماتها .... الخ
وبالرغم من التسابق و المنافسة في مسائل التنطير المغالب فية احيانا بتاثيرات مختلفة (من بينها النظام  المدعي للاشتراكية و التقدمية نفسه) ايام رواج الفكر الاستراكي كمعيار للتقدمية و اليسارية بين التيارين المذكورين من تبني النطرية الماركسية و الاشتراكية و الاهتداء بها وما شابه...   الا ان هذا لم يمنع البته من تراكم مفهوم اخر لليسارية بين الممارسين للعملين الحزبي و التنظيمي و كذلك السياسي  تجلى بالتمسك بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي ابتداء من تبني مفهوم الشعب كمسمى للوجود الكوردي في سوريا كبديل للاقلية التي ما لبث اليمين يروج لها و الذي اضطر ايضا و تحت ضغط الجماهير الى تبنية(و كمثال بسيط على كلمة اضطر للتذكير ليس اكثر فان المحسوبين على اليمين الكوردي كانوا حتى الامس القريب ينسحبون من اي اجتماع او تحالف يذكر "كوردستان سوريا" كمسمى للمناطق الكوردية . و يرفضون هذه التسمية النبيلة شكلا و مضمونا بحجج مختلفة... ) و مرورا بوضع اطار واضح للحقوق القومية المشزوعة و التي كان اليسار الكوردي هو اول من بلورها بوضوح و علميةو بالشكل الوحيد الذي يليق بالمكون الكردي كشعب يعيش على ارضة التاريخية له لغته و تراثة الخاص و عاداته و تقاليدة الخاصة ايضا  و  طرحها في اوائل الثمانينات من القرن الماضي متمثلة في الحق المبدئي في تقرير المصير على قاعدة الاتحاد الاختياري (لاعتبارات المرحلة) كبرنامج عمل سياسي وكهدف يسعى لتحقيقة من خلال نضالة .
كما ان هذا المفهوم لليسارية القومية تبلور ايضا في مسألة تموقع الحركة التحررية الكوردية في الاجزاء الكوردستانية جميعا من التحالفات و الاصطفافات  في المنطقة(خاصة بعد تزايد و تيرة العمل النضالي الكوردستاني في الاجزاء الاربعة و ازدياد اهمية العامل الكوردستاني اقليميا و محاولة الانظمة الغاصبة استغلالها ) وكذلك يحسب لليسار القومي  تحديد الخطوط الحمر ( كاعتبار النظام في سوريا مغتصبا لحقوق الكورد كبقية الانطمة المجاورة الاربع (في حين  كانت تنطيمات كوردستانية اخرى تنفي و جود مشكلة او معضلة او قضية كوردية في سوريا تبريرا لوجودها في سوريا  وارضاء للنظام ) وانه لايجوز التعامل معة استنادا الى مبدا عدم الاعتماد على الانظمة الغاصبة لكوردستان( الذي طرحة و تبناة اليسار القومي الكوردي كشعار منذ بداياته في 1965) و ضرورة التعامل مع القوى التحررية في المنطقة و العالم و الابقاء دائما على القرار الكوردي مستقلا  و بعيدا عن ايدي الدول الغاصبة انفة الذكر .. ).
و علية و نتيجة للنهج الواضح و المبدئي للنهج اليساري القومي منذ انطلاقتة في 5اب 1965 فقد حورب بكافة الاساليب  و الامكانات و الاساليب كالاعتقالات و الملاحقة و التشريد و الاخطرهو تعرضه الى عملية تفتيت ممنهجة من قبل الاجهزة المختصة شارك فيها (ومع الاسف) اشقاء كوردستانيون رعاهم النظام و تسبب في تفريخ الحزب الام لمعظم الاحزاب الموجودة على الساحة اليوم , 
و اليوم و بعد التاكد من قبل الجميع  بحتمية التغيير في سوريا خاصة بعد ان كسر الكورد قبل غيرهم حاجز الخوف   ومحاولة للحاق بركب التطور النوعي للفكر لدى الجيل الثائر و بعد ان اصبح تبني الشعارات و المطالب لايخضع لاي اعتبارات امنية و لم يعد يتناقض؟ مع طروحات الاحزاب الكوردستانية الراعية لبعض احزاب الداخل من وراء الحدود, و كذلك و بعد بروز العامل الكوردستاني (اقليم كوردستان) كراعي و داعم  لعملية التلاحم و الوحدة الكوردية في كوردستان سوريا فإن الصراع مع اليسار الكوردي الذي نظَّر لمجمل ما يتم تبنية اليوم من شعارات و أهداف و إستحقاقات خرج من مستوى النظرية و الصراع السياسي البحت. 
ونظرا لامكانية تفاعل الشباب الثائر مع اطروحات اليسار القومي التي تعبر عن وجدانه و تطلعاته فكان لابد من تعليب الحركة في اطار يمكن السيطرة علية و كذلك لقطع الطريق امام عودة كوادر اليسار الذين انهكتهم الانشقاقات الى خضم ساحة النضال الثوري من جديد مما قد يفشل مشاريع مشتركة بين هؤلاء و بعض الاجهزة بتحييد الكورد عمليا بالرغم من التظاهر بمشاركتهم في العمل التغييري العام,.ولان البعض من ممثلي التيار المذكور لم يكن ممكنا احتواؤة فقد.اخذت مسألة تحييدهم منحى خطيرا جدا وبمشاركةو برضى واضح من النظام . 
و هنا و لكي  لا ادعي شيئا قد يتسبب في الفرقة و الصراع بين ابناء جلدتي  فانني ساطرح ما اريد قولة  من خلال اسئلة مفتوحة و تساؤلات مطروحة للنقاش  و اترك لمن يشاء  التفكير فيها :
1-معروف للجميع الصراع السياسي  التاريخي بين ممثلي التيار اليساري القومي في سوريا و بين قيادة الاحزاب التي نشأت و نمت و ترعرعت في سوريا في كنف الاسد الاب الذي استطاع ببراعة استخدام الورقة الكوردية في صراعاته مع الدول الاقليمية  فماذا كان دور النظام واجهزتة المختصة بالملف الكوردي في هذا الصراع و ما تبعات ذلك الصراع على ما يجري اليوم؟؟و كيف يمكن لنا ككورد فهم ان قيادات تلك الاحزاب التي تعلن جهارا نهارا صداقتها للنظام حتى اليوم يمكن ان تدعم عملا توحيديا اونضاليا حقيقيا لتنظيمات تتبعها تاريخيا  يسعى لاسقاطة؟ 
2_- ما الهدف من ابقاء المجلس الكوردي بعيدا عن هياكل المعارضة كالمجلس السوري بحجة عدم الاعتراف بحق تقرير المصيرللشعب الكوردي (الذي حاربتة الكثير من تنظيمات المجلس المذكور حتى قبل بضعة اشهر؟) اذا كان الكورد بكافة تشكيلات هذا المجلس تنادي بحقوق الكورد ضمن سوريا واحدة موحدة  كما المجلس السوري نفسة ام ان مايطالب ويعترف به هذا المجلس يقل عن ما كان ينادي و يطالب به اعلان دمشق الذي كان القائمون الحاليون على المجلس الكوردي يطبلون لة و يزمرون, هذا من جهة المجلس اما من الجهة الاخرى  فما الهذف من رفع شعارات واعلام و صورخاصة  باجزاء اخرى من كوردستان و الخروج بمظاهرات ضد دول غاصبة اخرى  في خضم الثورة السورية الملتهبة( و كان الامور انتهت في سوريا التي تغلي و لم يبقى امام كورد سوريا الا تحويل جحافلهم الى الخارج لنجدة اخوتهم هناك- طبعا مع تقديرنا الكبير لنضال و تضحيات اخوتنا في الاجزاء الاخرى )  اليس للايحاء بحيادية الكورد في الثورة التي هي اصلا امتداد لثورتهم الباسلة الممتدة منذ 2004 ؟
3- هل هيكلية المجلس بشكلها الحالي بما يمّّكن الاحزاب و امتداداتها في خارج الوطن السوري التحكم به و بنفس الوقت  وجودالقيادة الحالية على راس المجلس الوطني الكوردي و امساكها بزمام الكثير من الامورخاصة المادية  وكذلك ما يتعلق منها بالادعاء بتمثيل كامل للكورد من خلال انشاء مجالس فرعية و الدعوة لكونفرانسات على مقاسها و حسب فهمها للمقربين منها من تيارات حزبوية واشباة مستقلين و كذلك تحركها ضمن سوريا و دول الجوار بشكل شبه حر و كذلك حركة البعض ممن يقيم الحواجز و المخافر و الفروع الامنية البديلة لفروع امن الدولة و انصارها في المناطق الكوردية  بعيدة عن تفاهمات بين بعض الاحزاب الراعية لهؤلاء  مع النظام في سوريا؟
4-واخيرا و ليس اخرا لماذا يزداد يوما بعد يوم  استهداف امتدادات اليسار القومي الكوردي التنظيمية  في سورياو ممثلية تاريخيا  بكل الوسائل الممكنة اعلاميا , حركيا و حتى تصفيتهم احيانا  كما في حال الشهيد الرمز مشعل التمو  و انتهاء بالاعتقال و الملاحقة والتهديد كما يحدث الان مع السيد م.جمعة بالرغم من وجود الاخيرحاليا تحت خيمة المجلس الكوردي؟
انها مجرد تساؤلات بريئة اطرحها لاخرج من مرحلة الضياع التي دخلت فيها منذ تبني حركتنا الكوردية اجماعا بيمينها و يسارهاو شمالها و جنوبها لحق تقرير المصير و لافهم ما يجري و احاول ايضا فهم لماذا لايزال منظري اليسار القومي الكوردي في سوريا و ممثلييه  الاشخاص الاكثر استهدافا في سوريا( من قبل الكورد انفسهم سواء علنا او ضمنا  ) بالرغم من ان كثيرين من  ممثلي هذا التيار قد   طلقوا العمل التنظيمي الحزبي منذ ما يقارب العقد من الزمن بل حتى ان صداقة بعضهم الشخصية  اليوم قد تودي بحياة البعض و تعرض حياة اخرين لخطر حقيقي.
 و ما الدور الذي يخشاة البعض من ان يلعبة  ورثة اليسار القومي الكوردي  و كذلك حاملي نهجه و المدافعين عنه في الثورة السورية اذا كانت تدعي جميعها العمل على اسقاط النظام و التاسيس لحالة ديموقراطية جديدة تقر بحق تقرير المصير للشعب الكوردي في سوريا الذي طالب بة اليسار القومي اساسا منذ 1980 ام ان الامر هو تصفية حسابات سابقة  لجهات معلنة وغير معلنة في فرصة سانحة .سواء مباشرة او بالنيابة.
rezanqamisloki@hotmail.com