الاتحاد الليبرالي الكوردستاني - سوريا تصدر مجلة دنكه ليبرال شهريا

2012-05-16

تهتم بالأمور الثقافية والفكرية الكوردية كما تعنى بأهم الاحداث الثورية على الساحة الكوردية 

الافتتاحية  : الثورة السورية والتقييم الموضوعي لمعوقات النصر -  باران بختيار
تستمر الثورة السورية شهر بعد اخر وسنة بعد اخرى، وسط غموض يكتنف المسار الذ ي قد تسلكه الامور في سوريا،

فالقاعدة الاحتمالية لما يمكن ان يتم انطلاقا من الوقائع التي تجري على الارض، يجعل القارئ للمشهد السوري يرتبك ويقع في حالة من عدم القدرة على التكهن بما يمكن ان تؤل اليه الحالة السورية الفريدة من نوعها. ويعود انفراد الثورة السورية بخصائص ومحددات خاصة الى العديد من الاسباب التي تتوزع على عدة مستويات، وتبدا من الحالة الثورية المستمرة في الداخل، وتنتهي بتوازن العلاقات الدولية بين مراكز صنع القرار العالمي.
فعلى الصعيد الداخلي لسوريا، وهي الانطلاقة الاساسية لتفعيل وتنشيط العمل على بقية الاصعدة الاخرى، تتميز هذه الحالة بالديناميكية الكبيرة والقدرة على الاستمرار وتشكيل الحالات المتجددة، التي تتناوب في مسائل حمل المتن الثوري والفعل السياسي الداخلي الموجه لامتدادات الحراك الخارجية، على الرغم من ان الثورة في سوريا باتت ترتبط بالجغرافية السورية كاملة الا ان التضاريس الثورية في هذه الجغرافية تتسم بالتنوع الكبير، فمدن مثل درعا وحمص وادلب ومناطق ريف دمشق تتصف بقمة الجبل الذي يرتكز عليه باقي مدن سوريا الثائرة، وان كان هناك تبادل وتوزيع للأدوار بين مناطق سوريا احيانا كثيرة، والنظام اساسا له الدور الاساسي بتزكية هذا التبادل من حيث يدري او لا يدري، وذلك من خلال الفعل التدميري والقتل الممنهج الذي ينتقل به بين منطقة والاخرى، والذي بدوره يغذي الحالة الثورية ويشعلها اكثر فاكثر هنا وهناك.
وعلى الجانب الاخر من المستوى الداخلي، تظهر هيكليات المعارضة، التي تتوزع وتمتد من اقصى اليسار الى اقصى اليمين، مشتملة في جميع الحالات على النسخ المتطابقة تنظيرا والمتنافرة تطبيقا، والتي يقع عليها بالدرجة الاولى مسؤولية عدم القدرة على تقوية وتوحيد المستويات الخارجية الدولية وتفعيلها في خدمة الثورة السورية والشعب السوري، وقد يكون للنظام السوري دور محوري في افراغ الكثير من جهات المعارضة او شخصياتها من قدراتها وتجريدها من ادواتها، عن طريق اتباع سياستها القديمة الجديدة في صناعة المعارضة التي تتوافق مع مقاساتها وتطلعاتها، وكل ما يتصل بذلك من صناعة الرموز والابطال، بل والدخول في صناعة حالات ثورية مزيفة وشبيهة بالحالات الثورية الاساسية، هدفها التشويش على العمل والمطلب الذي ينادي به الثوار. ومن جانب اخر تظهر مشكلة اكثر ايلاما والتي تتميز بها المعارضة الكلاسيكية في سوريا، وهي مشكلة التنظيم والادارة ومشكلة النهج الثقافي في ممارسة السياسة، فعلى الرغم من وصول الثورة السورية الى جميع المدن السورية وبلداتها وقراها، لا تسطيع المعارضة الى الان ان تخرج من اطاراتها الضيقة التي تتصف في الكثير من الاحيان بالشخصية والعائلية، وان كانت الثورة قد قدمت الحل لهذه المشكلة وذلك بتشكيل الواجهة السياسية لها، من خلال صيغة المجلس الوطني السوري، الا ان المعارضة المتواجدة فيه، عادت الى مشكلتها الاخرى وهو النهج الثقافي في ممارسة الفعل السياسي، ويتضح ذلك في عدم القدرة على التعاطي مع  مطالب الثورة ووضعها الموضع المطلوب اولا، وثانيا بروز تشاركها بأرضية فكرية وثقافية واحدة مع النظام الشمولي، فيما يخص العديد من المسائل المهمة لسوريا الثورة وسوريا المستقل، وعلى راسها قضية التنوع الجغرافي والديمغرافي لسوريا والقدرة على تجسيد الحالة الوطنية المقنعة لكل هذه التنوعات الموجودة في سوريا، وكمثال عليها ما يخص القصية الكوردية في سوريا.
اما على المستوى الخارجي فتمتد العلاقة الخارجية مع الثورة السورية الحاصلة، من الحلقة الاقليمية الضيقة والمتجاورة مع سوريا الى الحلقات الاوسع التي تصل في كثير من الاحيان حتى الى الدول الافريقية او الى أميركا اللاتينية، وهذه الحالة تنبع من كون الديكتاتورية في سوريا تتميز عن غيرها من الديكتاتوريات، بكونها ديكتاتورية مؤدلجة، وليست ديكتاتورية جوفاء، فنظام البعث ومنذ وصوله الى السلطة اظهر ارتباط كبير بالمسائل القومية العربية والاشتراكية، على الرغم من انكشاف القناع تماما عن هذه الادعاءات الا ان ترابط المصالح الاقليمية والدولية مع وجود نظام البعث في سوريا وتحديدا بقيادة الاسد، يطيل امد الثورة والمعاناة التي يقاسيها شعب سوريا، وتبدا العقدة من اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية التي تهدف الى حماية مصالحها بالدرجة الأولى، وتعبر حتى الان هذه المصالح مهددة في غياب بشار الاسد، نظرا لما شهدت حدود اسرائيل امن وامان في ظل هذا النظام، وما تم من تمرير للكثير من المشاريع الخاصة بفلسطين ولبنان والعراق عن  طريق هذا النظام، وتأتي على المستويات الاخرى كل من تركيا وايران والعراق ولبنان ودول الخليج ولكل منها مطالبها التي تريدها في بديل بشار الاسد، وقدرة هذا البديل في التعامل مع المعادلة الاقليمية الصعبة التي كان نظام الاسد الاب والابن يتعاملون معها، مستغلين الكثير من الاذراع وشبكة العلاقات الارهابية التي عملوا على ترسيخا في المنطقة، ولا ننسى في هذا السياق دور روسيا والصين وما يسمى ببقايا المنطومة الاشتراكية، والتي ترى في سوريا في ظل الاسد موطئ القدم الاخير لها في المنطقة. 
ان الحالة الثورية في سوريا تخضع لكل هذه التوازنات الداخلية والخارجية، مما يزيد ألم الشعب السوري، ويرفع من قيمة الفاتورة التي يقدمها وسيقدمها في كل يوم وكل ساعة من دمه وماله، وبات الافق المنظور للشعب السوري غير واضح او محدد المعالم، وبالرغم من ذلك يظلون مستمرين في ثورتهم ليقينهم التام ان نصرهم وحريتهم لن يأتي الا بإصرارهم واستمرارهم في النضال والتضحية، فهي الادوات الوحيدة التي يمكنها تغير ما لا يمكن تغيره في السياسية.
 

رابط المجلة