الليلة الأخيرة في المدينة الجامعية بحلب

اعتاد قاطنو المدينة الجامعية بجامعة حلب عبر سنوات مضت أن ينهوا عامهم الدراسي بحدث مميز كمشكلة أو "خناقة" قلما تنتهي دون تدخل السكاكين،أو حفلات رقص و دبكات جماعية يصعب أو يستحيل على أحد ضبطها  أو إيقافها بسهولة - وسط زغاريد الطالبات من شرفات و شبابيك وحداتهم التي تغلق عليهم الساعة العاشرة -هذا العام لم يشذ عما سبقه من أعوام فقد حول الطلاب ليلتهم الأخيرة بالمدينة الجامعيّة إلى لوحة "موازييك" غير جميلة احتوت في تفاصيلها على مشاكل و سكاكين وزغاريد وأغانٍ ولعلّ ما ميّز أحداث الليلة الأخيرة هذا العام وجود كثيف لعناصر وسيارات الشرطة والشرطة العسكرية التي حوّلت المدينة الجامعيّة إلى ثكنة حقيقية.كأس العالم هو السبب بدأت القصة عندما كان الطلاب يتابعون مباراة الأرجنتين والمكسيك من خلال شاشة الهواء الطلق المجانية، وبالرغم من أن الأرجنتينيين والمكسيكيين الذين حضروا المباراة في الملعب بألمانيا جلسوا إلى جانب بعضهم بدون أي إزعاج متبادل من الطرفين وهم المعنيون فعليا بمجريات المباراة، إلا أن بعض أنصار الفريقين في المدينة الجامعية بحلب كان لهم رأي آخر فرأوا بهتافات وصيحات التشجيع استفزازاً لبعضهم البعض، وهنا انطلقت شرارة المشكلة التي لم يستخدم خلالها من الأسلحة إلا الأكف والأرجل لتنتهي الأحداث بإصابة ثلاثة طلاب إصابات متفاوتة وهرب الضاربين والمضروبين على وعد ضمني - كما في كل المشاكل السابقة من هذا النوع - بالتقابل في اليوم التالي.ولعل ما زاد الطين بلة القرار المتسرع بإيقاف عرض مباريات كأس العالم بالمدينة الجامعية مما خلق حالة احتقان إضافية كان من الممكن استيعابها لو بقيت العروض قائمة مع ضبطها بشكل عملي من خلال لجان تنظيم فعالة.أحداث اليوم الأخيروكعادتهم التقى الطلاب خلال اليوم التالي في شوارع المدينة الجامعية وأمام السوق المركزي وبدأ السيناريو الذي حفظناه عن ظهر قلب - من نظرات تحد واستفزاز إلى شتائم على مسمع ومرأى الطالبات المارات إلى اشتباك والتحام شارك به أكثر من 40 طالباً باستخدام السكاكين والحجارة و"الشنتيانات" امتد لأكثر من نصف ساعة متواصلة - دون أن يجرؤ أحد من الكثيرين الذين أتيح لهم مشاهدة ما جرى على التدخل بما فيهم معاون مدير المدينة الجامعية وعناصر الحرس الجامعي. ولم تقف هذه المهزلة إلا عند استدعاء سيارات وعناصر الأمن والشرطة العسكرية التي فرضت سيطرتها على الموقف ثم أطلقت العنان لسياراتها بشوارع المدينة بمحاولة ناجحة لاستعراض القوة التي زرعت الرهبة في قلوب أصحاب المشكلة وجعلتهم يشعرون بالجدية المتأخرة لبتر الموضوع مما دفعهم جميعاً للهرب خارج المدينة  الجامعية ليبقى بالمدينة عناصر الشرطة والطلاب الذين لا ناقة ولا جمل لهم بهذه القصة. ولعل ما يسجل لعناصر الشرطة تعاملهم اللبق والمسؤول مع الطلاب رغم ضبطهم للمشكلة وجديتهم الكاملة بالتعامل معها. حفلات غنائية حزناً على وداع الجيرانومع هدوء شوارع المدينة التي خلت إلا من عناصر الشرطة وبعض المارة بعد الساعة /10/ ليلاً انطلقت أغاني الغزل الجميلة من المسجلات التي وضعت على شبابيك وحدات الطالبات المقابلة لوحدات الطلاب، ليرد لهم الطلاب التحية بأحسن منها ويتحول ليل المدينة الجامعية إلى حفل صاخب وصاخب جداً لم ينته حتى وقت متأخر من الليل رغم جولات إدارة المدينة والمكتب الإداري ومخاطبتهم للطلاب عبر مكبرات الصوت التي لم تجد نفعاً. فيما لم يستطع بعض عناصر الشرطة أن يمنعوا أنفسهم من التفاعل الإنسانيّ مع هذه الحالة الاجتماعية الرومانسية فبقيت أبصارهم معلقة بوحدات الطالبات والأغاني التي تنطلق منها. لا تعجبوا.. إنها المدينة الجامعيّة بجامعة حلب.. و ما أدراكم ما جامعة حلب، وما مدينتها الجامعية؟؟!!!

MAS


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.