اللاجئون السوريون من الترحيب إلى الترحيل ..

لا يوجد ردود
مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

عانى اللاجئون السوريون ظروفاً سيئة ابتداء مما لاقوه من التهجير القسري والحرب التي دمرت منازلهم وشردت عائلاتهم ومروراً بمعاناة العبور وما لاقوه من ويلات في الحدود والبحار  وانتهاءً بإجراءات البلد المضيف والعيش في المخيمات  وسبل اندماجهم فيها .

وعلى الرغم من الترحيب الذي لاقاه اللاجئ السوري بادئ الأمر اثر اندلاع الثورة السورية عام 2011 نظراً لقلة الاعداد النازحة ورغبة الدول المستضيفة في إيجاد ثغرة اجتماعية وسياسية يؤثر فيها على سوريا المستقبل بعيد عملية التغيير المنشودة , إضافة إلى الاستفادة من اللاجئين في توفير الأيدي العاملة الرخيصة وازدهار السوق الاستهلاكية المحلية مع استجرار رؤوس الأموال والتجار وأصحاب المهن من السوريين لتنشيط الصناعات والمشاريع الصغيرة في تلك الدول , إلا أن زيادة أعداد اللاجئين والتي قدرت بنصف سكان سوريا قبل الأزمة أي حوالي 13 مليون نازح منهم حوالي 7 ملايين خارج البلاد , وهي نسبة عالية فاقت قدرات بعض الدول الإقليمية التي كانت تعاني من فساد اقتصادي وتناحر سياسي وطائفي أصلا ً , جعلت من قضايا اللاجئين تتصاعد لتكون المشكلة التي يقايض بها في الاستحقاقات الانتخابية في تركيا ولبنان والتحالفات السياسية في ألمانيا , ويعلق عليهم المشاكل الاقتصادية في الأردن واليونان .

 

اعتبر النظام السوري اللاجئين ورقة ضغط على الدول الإقليمية والاوربية باعتباره أن المناطق التي تتصاعد فيها حدة الاشتباكات والمعارك وينزح منها السكان هي مناطق حاضنة للإرهاب والإرهابيين وبالتالي فإن التصريحات الصادرة من مسؤوليه كانت تؤكد أنها ستغرق أوربا بالإرهابيين , وما حديثهم عن سوريا المفيدة التي تعتبر المواطنة حق لمن يدافع عنها إلا تعبير عن عدم اهتمامهم باللاجئين وسبل اعادتهم إلى وطنهم في مناطق الاستقرار النسبي الحاصلة فيه , الأمر الذي أشعل شرارة التدخل العسكري التركي في الشمال السوري تحت ذرائع إعادة ثلاثة ملايين لاجئ سوري أولاً وتأمين حدودها الجنوبية مع سوريا من وحدات الحماية الشعبية التي تعتبرها تركيا رافداً لحزب العمال الكوردستاني ثانياً , وأدى بالتالي إلى تحول المسار السياسي لتركيا من الداعم الأول للمعارضة إلى المتودد للنظام السوري بعد استجرارها لمحادثات آستانة مع ايران وروسيا وتقبلها للاستراتيجية الروسية لحل الآزمة السورية بعد ان خيبت أمريكا آمالها في دعمها للكرد في سوريا .

 

ولا يبدو هذا  التوجه نحو التودد للنظام بعيداً من ممارسات الأردن بعد أن لمحت توسع النظام وتفوقه العسكري تزامناً مع مشاكل الأردن الاقتصادية والأمنية في ضبط الحدود وعدم قدرتها على استيعاب اللاجئين والتفكير مع لبنان اللتان تحتضنان أكثر من مليونين ونصف لاجئ سوري على ترحيلهم إلى موطنهم وإعادة علاقاتهما مع النظام لفتح المعابر التجارية  .

 

أحدث التدفق الهائل للاجئين السوريين على الدول المضيفة ضغطاً كبيراً على الموارد الاقتصادية المختلفة كفرص العمل والضغط على البنية التحتية , ناهيك عن ازدياد الحوادث التي تسببوا بها وارتفاع أجور السكن وتفاقم البطالة بين الشباب وزيادة الطلب على المياه والصحة والتعليم , مع زيادة ملفتة في النفايات , وقد استغل معارضو الحكومات التي فتحت حدودها للاجئين هذه الأزمات لتأليب الرأي العام الشعبي ضدهم واستخدامهم كورقة انتخابية للتناحر السياسي , فشهدت كل من تركيا وألمانيا ولبنان تصاعداً في لهجة الخطاب المعادي للاجئين , وكاد الائتلاف المسيحي في ألمانيا أن يتصدع بسبب معارضة وزير الداخلية  هورست زيهوفر وهو من الحزب المسيحي الاجتماعي لإجراءات المستشارة أنجيلا ميركل في الحزب المسيحي الديمقراطي والذي دفع بهم الأمر لتشديد إجراءات لم الشمل وتمديد عدم قبول طلبات الحاصلين على الحماية الثانوية المؤقتة مع إمكانية طرد اللاجئين الذين تم تسجيلهم في دولة تابعة للاتحاد الأوربي .

و تشير تقارير الأمم المتحدة إلي أن الأوضاع الإنسانية للاجئين شديدة السوء، فنسبة 70% منهم لا يحصلون علي مياه شرب كافية، و واحد من أصل ثلاث لاجئين سوريين لا يحصل علي حاجته الأساسية من الغذاء، و أكثر من 2 مليون من أطفال اللاجئين السوريين مسربين من التعليم، و أربعة من أصل خمس لاجئين سوريين يعيشون تحت خط الفقر، و هي أوضاع بالغة السوء بلا شك .

 

إن الخائض لغمار هذه المعاناة الإنسانية لو قدر له أن يعود إلى وطنه ومنزله لترك خلفه حياة البؤس والتشرد التي يعيشها , لكن المتسبب لهذا الشتات البشري لا يريد إعادتهم إلا وفق أجنداته وتوزيعه السكاني في تغيير ديمغرافية الوطن بناء على ايديولوجياته الفكرية , وفرز الباقي في المنافي التي لم يتخذوها ملجأً بإرادتهم , بل هرباً من الاعتقال والدمار واعتماد الحل العسكري والأمني في معالجة الأزمة السورية ,وإن كان تخوف دولٍ  فقيرة الإمكانيات المادية مثل لبنان والأردن مشروعاً من ارتفاع أعداد اللاجئين فيهما إلى أكثر من مليون لاجئ , خاصة وأن النسيج السكاني في لبنان معقد بين السنة والشيعة والمسيحيين والدروز واندماج هذا العدد الهائل من الطائفة السنية التي ينتمي اليها اللاجئون يؤثر بشكل كبير على الصراع الداخلي فيه , مما تعالت الأصوات الداعية لترحيل اللاجئين السوريين  , وفرض قوانين تعسفية تعيق دمجهم في المجتمع، حيث يُطلب من اللاجئين السوريين الحصول علي تصاريح إقامة مقابل مبلغ يقدر ب 200 دولار كل ستة أشهر، و يمنعون من الحصول علي تصاريح لمزاولة العمل هناك .

 

وبلا شك فإن قضايا اللاجئين ستبقى مستعصية على الحلول في ظل استمرار النظام السوري في نهج سياساته الرامية إلى تأكيد مقولة " سوريا لمن يدافع عنها " , مع ضعف الاهتمام الدولي بقضية اللاجئين وخفض تمويل المشاريع الإغاثية وتراجع الدول الداعمة في مساعدتهم وإنهاء معاناتهم .

 
 
 
 
 

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع