عماد يوسف : الكورد صراعهم في القمة و قضيتهم في القاع

2016-08-23

لا شك أن الخلاف السياسي و التنظيمي و الاختلاف في التوجهات و الوسائل للوصول إلى الهدف المنشود أصبح أحد مظاهر الحياة الكردية في أجزاء كوردستان الأربعة , و اتخذ مستويات عدة وصلت مرحلة العنف حيناً و المنافسة الشريفة حيناً آخر للوصول إلى صيغ مشتركة لبناء تحالفات تنظيمية للتعاون في الدفاع عن حقوق الكورد و هويتهم القومية , إلا أن توظيف الصراع الكردي الكردي و إذكائه من قبل دول إقليمية و دولية أخذ في الفترة الأخيرة منحى خطيراً قد يقضي على تطلعاتهم القومية بعد أن لمح العالم أجمع ضغط الورقة الكردية في الثورة السورية .
 
مع بداية الثورة السورية حاول نظام الأسد استمالة الأحزاب الكردية التقليدية و تحييد دور الكرد في الثورة إلا إن تفاعل الشارع و الشباب الكردي مع الثورة حال دون تحقيق ذلك فلجأ الأسد حين بدأت معالم التوجه نحو عسكرة الثورة إلى حزب العمال الكردستاني و جناحه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي للسيطرة على المناطق الكردية الأمر الذي زاد من وتيرة و عمق الصراع بعد أن تغيرت موازين القوى , و لم تجدي كل المحاولات التي قام بها رئيس إقليم كردستان للتقارب بين الأحزاب الكردية في سورية متمثلة بالمجلس الوطني الكردي و حزب الاتحاد الديمقراطي .
 
و مع تعمق الخلافات السياسية اتخذ كل فريق ايديولوجية معينة و تحالفات خاصة به تمكنه من فرض وجوده على الآخر و سحب بساط التمثيل الكردي داخلياً و خارجيا , و اتخذت الحملات الدعائية سخونة لا مثيل لها حتى وصلت بهم إلى تبادل اتهامات التخوين و العمالة فعمد حزب الاتحاد الديمقراطي و مؤسساته العسكرية إلى استهداف الرموز الكردية تارة و العلم الكردي تارة أخرى مع حملات اعتقال طالت النشطاء و الكوادر الحزبية سابقا إلى أن انتهى بهم إلى أعلى الهرم التنظيمي باعتقال قياديي الأحزاب و نفيهم مؤخراً .
 
و لا شك أن هذا التفكك السياسي الكردي و حالة التشرذم  التي تشوب واقعهم السياسي و الاجتماعي كان محل ارتياح لكل من النظام و المعارضة على السواء إضافة إلى القوى الإقليمية و الدولية الموظفة للورقة الكردية كلما دعت الحاجة لذلك , كون هذا التفكك الكردي يضعف ثقلهم الداخلي و الدولي لاختلاف توجهاتهم و مطالبهم و تشتت حاضنتهم مما يقلل من فرص تحقيق مطالبهم القومية , و هذا ما يبدو واضحا ً من خلال ما نشهده من تحالف روسي إيراني تركي يحمل في طياته المسألة الكردية في سورية و كبح جناح حزب الاتحاد الديمقراطي الذي كما يبدو سيتخلى عنه الداعمين له مقابل تغيير تركيا لسياساتها الإقليمية و انفتاحها على نظام الأسد . 
 
لعلنا نخُلص إلى يقين أن الكورد في أزمة حقيقية لا خلاص؛ والدائرة أحاطت بهم من كل جانب , فأصبحت من جراء ذلك تعاني ربما بشكل مضاعف مقارنة بباقي سكان سورية وما فيها من نحل وملل وأطياف.. الكورد الآن إلى جانب طغيان النظام يتلقون ودون رحمة طغياناً آخر من أقرب المقربين إليها والهدف جلي وواضح أن تظل حبيسة عبوديتها دون أن تنال حقها المشروع,لا سبيل لاستقلال الكورد والصراع بل والممانعة قائمة وذلك من خلال عدة جبهات أقلها قوة وعتاداً أبناء جلدتها وهم في قمع وكم وترويع , لا نعلم إلى ماذا يؤول مصير هذا الشعب الذي كُثرت حوله السكاكين ؟!!
 
عماد يوسف
المنسق العام لحركة الشباب الكورد T.C.K