عماد يوسف : مفهوم الأمن في ظل الصراعات المسلحة

2016-08-05

يعتبر تحقيق الأمن و السلامة في مناطق الصراعات المسلحة من أكثر الصعوبات التي تعترض طريق القوى و التنظيمات التي تحاول تكوين وجود و كيان لها في بقعة جغرافية ما لكسب رضا الناس و التفافهم حولها لتمنحها الشرعية و الثقة في إدارة المنطقة في دوامة الأزمة التي تجتاحها ..
و نظراً لأن مفهوم الأمن بشكل عام يتلخص في شعور الناس أفراداً و جماعات بالطمأنينة و إشاعة الثقة فيما بينهم وإزالة كل ما يهدد استقرارهم وعيشهم، وتلبية متطلباتهم الجسدية والنفسية؛ لضمان قدرتهم على الاستمرار في الحياة بسلام وأمان , إلا أن التنظيمات المسلحة تستخدمه غالباً كشماعة في حربها ضد الإرهاب و إبعاد خطره عن مناطق سيطرتهم رغم شيوع الكثير من التجاوزات و الاضطرابات الأمنية الحاصلة التي تهدد حياة المواطنين في معيشتهم و ممتلكاتهم و استقرار وجودهم .
و بما أن الإدارة الذاتية التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD و مؤسساته العسكرية التي تسيطر على المناطق الكردية في سوريا و أخذت على عاتقها مهمة حمايتها و إدارتها في استفراد واضح للسلطة دون إشراك شقيقاتها من الأحزاب الكردية , فإن أكثر ما تحاول إظهاره لكسب مؤيديها هو تأمين الحماية و الاستقرار للمنطقة بعد سحب النظام لمؤسساته الأمنية بصورة تبادلية ممنهجة فيما بينهم , و قد استطاعت الإدارة بلا شك تحقيق نوع من الاستقرار و الأمان النسبي بعدم حدوث فوضى في استعمال السلاح للنزاعات الأهلية و العشائرية و التقليل من عمليات السرقة و الجرائم , غير أنها أصبحت مصدر الخوف و الترهيب لدى كافة النشطاء السياسيين و الإعلاميين و المناوئين لسياساتها التفردية .
و أدت القوانين التعسفية التي أصدرتها إلى تهجير الشعب بدل استقراره و نفي النشطاء عوضاً عن حمايتهم و تحول الاستقرار النسبي و الوقتي المنشود إلى وباء بحق المواطنين لانعدام مرحلة حكمهم من أدنى ظروف الاستقرار و العيش الكريم بداية من حروب دائمة و سوق شبابهم للتجنيد إلى انهيار في العملية التربوية و التعليمية و انتهاء بعدم تأمين المقومات الضرورية للحياة من خدمات و أغذية و أدوية , أدت إلى سيطرة حالة من اليأس في نفوس الناس أفقدتهم الثقة بمؤسسات حزب الاتحاد الديمقراطي الأمنية وشعاراتهم في الحرية و تحقيق الأمان خاصة بعد تعرض المنطقة لتفجيرات و عمليات خطف و نهب و إحراق مكاتب حزبية و مداهمة حرمة المنازل لم تلق منهم أي تحقيق موضوعي فيها .
من هنا علينا أن نُذكّر أنه مهما تعاظم شأن هذه الإدارة من تحقيق ما سبق ذكره لا يشفع لها ما تقوم به من جوانب أخرى ، لها ما لها من تبعات مريعة على بقعة عانت قبلاً دون أن تحظى بالراحة حتى وهي تحت لواء من نعدهم من بني جلدتنا في خضم ما يجري من قمع وهو في نظر الإدارة قوانين تنضوي تحت ظلها الأمان الذي تعيشها هذه الرقعة ؛ هل يعقل أن يلتبس علينا مفهوم الأمن؟ إذن كيف بالذي كان يرى في الثورة نافذة للخلاص مما لحق به من ويلات القمع ، ومآسي نظام جثم وبكل جبروت على آمال أمة كاملة أن يتحول إلى نظام آخر بديل وهو المتحدث باسم أبناء جلدته لا يقل بأي شكل من الأشكال من سيده الذي يملي عليه دروساً في ترويض هذا الشعب المنكوب الذي كان كل مرامه أن يمنح الكرامة والعيش دون أن تطاله أيادي القهر والسيل بلغ الزبى بل تجاوزه إلى مجال لم يعد للفرد أن يتنفس والوطن أصبح بؤرة لا حياة فيه؛ غير الجحيم يصرخ بين جنباته وبكل طغيان وجور !!