جوان سليمان : الشباب السوري والمحرقة السورية

2016-04-02

يعتبر الشعب السوري من الشعوب الفتية والتي تتميز بنسبة ولادات مرتفعة مقارنة مع المعدل العالمي، إلا أن هذه الارتفاع في نسبة المواليد وهذه الطاقات الشابة تحول إلى عامل سلبي بدل الاستفادة منها واستغلالها من قبل الدولة في عملية الإنماء والتطوير الاقتصادي, ومع مرور الوقت ونتيجة لضعف السياسات الاقتصادية تراكمت البطالة في المجتمع السوري وكان للشباب النصيب الأكبر منها،
واختلفت هذه النسبة ضمن المناطق السورية المختلفة, حيث تزداد البطالة (القمع والقهر) كلما ابتعدت المنطقة عن التأييد للسلطة الحاكمة في دمشق وتنخفض كلما زاد الولاء لها، وهذه الواقع الاقتصادي انعكس على الواقع الاجتماعي والنفسي للشباب السوري، من تأخير في الزواج والاستقرار العائلي إلى القلق النفسي والخوف من المستقبل وغير ذلك من المشاكل والأمراض الاجتماعية والنفسية التي طالت الشاب السوري. 
 
ومع انطلاقة الثورة السورية والتي قادها الشاب السوري بجميع مكوناته أملا في التغيير نحن واقع أفضل يحفظ للإنسان كرامته وحريته ويؤمن له الاحتياجات الأساسية التي هي من حق كل إنسان، هذه الثورة التي انطلقت سلمية على شكل مظاهرات واحتجاجات سليمة, إلا أن الرد من السلطة الحاكمة في دمشق كان قاسياً ودموياً وكل ذلك من أجل عسكرة الثورة وإخراجها من سياقها السلمي، وتحقق له ما أراد ظنن منه أن ذلك سوف يسرع من القضاء على الثورة والتي هي مطالبة محق في الحرية والكرامة, وبهذه العسكرة المستمرة إلى اليوم والتي يتحمل النظام السوري وزرها, كانت الضحية هي الشعب وخاصة الشاب السوري بغض النظر عن الطرف الذي اصطف معه، سواءً اصطف مع الطرف الذي طالب بالحرية والكرامة أو الطرف الذي اصطف مع النظام الذي حولها إلى حرب مذهبية عرقية أو الطرف الذي وقف على الحياد. 
 
 فالنتيجة كانت مئات الآلاف من القتلة والجرحة والمصابين من الشباب، إضافة إلى الأعداد الهائلة من المعتقلين والمختطفين والمفقودين والتي تقدر إعدادهم أيضا بمئات الآلاف، يضاف إليهم نسبة كبيرة من الشباب الذي تحول إلى الفكر المتشدد والذي يرفض كل شي  في مناطق سيطرة داعش وجبهة النصرة, ومئات الآلاف من الشباب المهجرين والذي تحولوا إلى طالبي لجوء في جميع أنحاء العالم، والأعداد الكبيرة من الشباب الجامعيين الذين انقطعوا عن الدراسة أو لم يستطيعوا الالتحاق بجامعاتهم, وغيرها من النتائج والأرقام والتي يصعب ذكرها جميعا أو تحديدها على وجه الدقة, فالكارثة كبيرة والشاب السوري والمستقبل السوري هو الضحية الأولى في هذه المحرقة المستمرة.    
                                                                                         جوان سليمان