د. أحمد خليل : شخصيّة المرأة الكُردية (الجزء السادس) المرأة الكُردية قائدة ومقاتلة

2016-02-19

المرأة الكُردية قائدة: 
في المجتمع الكُردي كانت المرأة تصبح زعيمة لقومها أحياناً، وتمارس النشاط السياسي، قال الكُردولوجي الروسي باسيلي نيكيتين:" ويمكننا أن نذكر أسماءَ العديد من النّساء اللائي تزعّمن بعضَ العشائر التي خضعت لهن خضوعاً تامّاً"( ). وفيما يلي بعض الأمثلة.
• إن الحاكم الأخير من السلالة الدَّيْلَمية (البُوَيْهِيّة) الكُردية، الحاكمة خلال العصر الوسيط في مدينة رَيْ (رَغَه = طَهْران)، كان سيّدة تدعى "ماما خاتون" Mâmâ khatun، وطوال 30 سنة تقريباً، وبمزيج من الشجاعة والدبلوماسية، صانت المملكة من غزو البُداة التُّرك، ومِن ملكهم الجبّار السلطان محمود الغَزْنَوي( ). 
• كانت عادِلَة خان (ت 1924م)، أرملةُ عثمان باشا جاف، في مدينة حَلَبْچَة، تتزعّم قبيلة جاف الكُردية الضخمة، إنها كانت عالية الثقافة، وكان الكردولوجي الروسي الشهير مينورسكي قد التقى بها، ووصف قوّة شخصيتها، ووصفها الإنكليزي إ. ب. سون E. B. Soane  الذي كان كاتباً عندها بـصفة "اللَّبْوَة"( ).
 
(عادلة خان)
• حوالي منتصف القرن 19، برزت السيّدة قَرَه فاطمة (أي فاطمة السمراء) من مدينة مَراش في كُومّاجينه Commagene بأقصى غربي كُردستان، إنها مثّلت الكُرد في الديوان الملكي العثماني في إستانبول، ووصلت إلى إستانبول وهي حاملة رمحاً، ويرافقها 300 ثلاثمئة فارس من حاشيتها( ). 
• قال دبليو آر W.R حاكم أربيل الإنكليزي ببن (1918 - 1920): "كانت ثمّة أميرة كُردية تعيش في منطقة راوَنْدُوز تقريباً، تسمى (خانْزاد)، كان لها شأن في هَرور(حَرير)، وباطاس، عندما قامت فيها إمارة سُوران الكُردية...، لقد كانت هذه الأميرة ترتدي ملابسَ الرجال، وتَحمل السلاح، وتَخرج ليلاً للمراقبة، وتَجلس لسماع شكاوى الناس، وحَلِّ خصوماتهم ومشاكلهم، وكان قصرها في شَقْلاوَه، ولا تزال آثاره على جبل سِفين"( ). 
المرأة الكُردية مقاتلة: 
المقاتلات الكُرديات اللواتي يلتحقن بالجبال، ويحملن السلاح، ويشاركن في الثورات الكُردية، يجسّدن الفروسية العريقة في شخصية المرأة الكُردية، وهي ظاهرة قديمة في التراث الكُردستاني، وهذه الظاهرة يعجز عن فهمها أتباع ثقافة "المرأة ضِلع قاصر"، وأنها "شرٌّ لا بدّ منه"، وأنها خُلقت للمطبخ فقط، وفيما بعض الأمثلة. 
مقاتلة من شرق كردستان
  البطلة الشهيدة ليلى قاسم من جنوب كردستان
 
• لقد كان بين فرع گُوتي (جُوتي/جُودي)  من أسلاف الكُرد، نساءٌ يَقُدن الجيش غالباً (R. Ghirshman 1954, 44). وذكر المؤرّخ الروماني پُلوتارْخ Plutarchus  (40 – 120 م) أن زوجة الملك الكُردي ميثْرِدات Mithridates ملك مملكة پُونت (پونتس) Pontain ، كانت تقدّم في عرض مثير للإعجاب قوةً عسكرية، وتقاتل إلى جانب زوجها ضدّ القائد الروماني پُومْپَى Pompey  (106 – 64 ق.م) الذي كان يهاجم المملكة( ).
• في عهد سلالة زَنْد اللُّرّية الكُردية الحاكمة في إيران بين (1750 - 1794م)، شاركت النساء على نطاق واسع في الحملات العسكرية، وقاتلن جنباً إلى جنب مع الرجال، وكانت زوجة الحاكم كريم خان زنْد تقاتل معه القوّات الأفغانيةَ الغازية، ولم يفهم الضبّاط الأفغان هذه السِّمة العريقة في التراث الكُردي، فسَخِروا من الزَّنْديين، واتّهموهم بأنهم يختبئون خلف تَنّورات نسائهم( ).
مقاتلة في شمال كردستان
 
فارسة من كُرد اللُّرّ
• في خمسينيات القرن 19، ثارت على الدولة العثمانية امرأة كُردية حاكمة في منطقة هَكّاري تُدعى ماما پُورا حَليمة من قبيلة پَيشْدَر، وثارت عليها كردية أخرى تدعى ماما قَرَه نَيرْگِزNêrgiz  من قبائل شُوان Shuwan في كُردستان المركزية. وحينما غزت القوّات الروسية كُردستان المركزية سنة (1916م)، قادت ماما مريم، أرملة الشيخ محمّد صادق النَّقْشَبَنْدي، عمليةَ الدفاع عن مدينة ناهرْي (نَهْري)( ).
 
(مقاتلات كُرديات من غرب كردستان)
• نقل نيكيتين عن مينورسكي قوله: " والنّساء الكُرديات- أيّاً كانت طبقتهن ومهما بلغن من العمر- يُجِدن الفروسية، بل يتحدّين الرجال في امتطاء الخيل، كما أنهنّ لا يَخشين كذلك تسلّقَ الجبال الوعرة، ويُبدين مهارة فائقة في ذلك"( ). 
هذه أمثلة قليلة من تراث المرأة الكُردية في الشجاعة والقيادة والفروسية، ولا عجب أن تقدّم المرأة الكردية الآن، في جميع أجزاء كردستان، أروعَ الأمثلة في التصدّي للغزاة، وفي الدفاع عن أرض كُردستان وعن كرامة الأمّة الكُردية.
9 – 2 – 2016