شخصيّة المرأة الكُردية (الجزء الثاني) المرأة الكُردية .. ووِسام التقدير Dr.Sozdar Mîdî (Ehmed Xelîl)

2016-01-29

تستحقّ المرأة الكُردية وِسام التقدير والتكريم؛ إنها تقوم بكل متطلّبات الحياة اليومية (احتطاب، جلْب الماء، تخبيز، إعداد الطعام، ترتيب البيت، تنظيف، تربية الأطفال، نَسْج البُسط والثياب، إلخ)، وإضافة إلى هذا تشارك الرجلَ في كثير من أعمال الحياة الرَّعَوية والريفية، وهذه حقائق معروفة في المجتمع الكُردي، ولندع الآخرين يدلون بشهاداتهم.
 
فقد نقل باسيل نيكيتين  Basil Nikitin عن ڤلاديمير مينورسكي Vladimir  Minorsky قوله:
"جميع الأشغال المنزلية الشاقّة تقوم بها النّساء، فهنّ يُحمّلن الدوابَّ، ويُنزلن عنها الأحمال، ويَحملن الماء، ويَصعدن إلى مواقع رعي القطعان لحلبها، كما يقمن أيضاً بجمع الحطب والمحروقات الأخرى، ويَنقلنها إلى منازلهن للتدفئة والطبخ. ولا يتخلّين أثناء عملهن هذا أبداً عن أطفالهن الذين يُعلّقنهم على ظهورهن بواسطة أحزمتهن الطويلة"( ). 
 
ويضيف نيكيتين قائلاً:
"ولئن كانت النّساء يَكتسبن من هذه الأعمال المُرهقة قوّة جسمانية كبيرة، فإنهن يَفقدن بها كذلك أنوثتهن، ويَذبلن بسرعة. إن نساء الرؤساء وحدهن يستطعن الحفاظ على جمالهن؛ لأنهن يعشن حياة هنيئة رغيدة، ولا يَقمن بأي عمل شاقّ"( ).
وما أكثر الأدلّة على صمود المرأة الكُردية في مواجهة قسوة الحياة الرَّعوية والريفية، بكل ما تعنيه تلك الحياة من مشقّات وكدح، وصبر وتفانٍ بلا حدود، وهل كان من الممكن للكُردي أن يحمل البندقية، ويلتحق بالجبال، ويقاتل المحتلين، لولا ثقته بأن شريكته في الحياة سترعى الأولاد والماشية والحقل في غيابه وبعد واستشهاده؟ وهل كان من الممكن للشباب الكُرد أن يشاركوا في الثورات، لولا أنهم رضعوا حليب الإباء والشجاعة من هؤلاء الأمهات؟ 
 
وها هو دانا آدمز شميدت Schmidt  Dana Adams يصف امرأة كُردية من جنوبي كُردستان، تضطر إلى مغادرة قريتها صباحاً، واللجوء إلى الجبل، وتأوي هناك إلى كهف، لتنجو من قصف الطائرات العراقية، قائلاً:
 
" سارت أمٌّ في مُقتبَل العمر ببطء في الطريق الصاعدة، وترعى نصف دَزّينة من الأطفال، وأربعاً وخمساً من الماعز، وتَحمل غِرارة كبيرة [كيس كبير] على عاتقها، وأردفت فوقها أوعيةَ المطبخ وأوانيه، وتسوق بغلاً مُحمَّلاً بأثاث بيتيّ أمامها، وتَنسج جَوْرَباً وهي سائرة، كانت تقصد كهفاً تقضي فيه نهارها. 
 ثم تعود عند حلول المساء إلى القرية في موعد إشعال النار وخَبْزِ كميةٍ من الرِّقاق (نان)، وعند الفجر تنهض ثانية، لتصنع اللبن والزَّبد بخضّ اللّبن في زِقّ من جلد الماعز، بحركة رتيبة إلى الأمام والخلف، ثم تصعد الجبل ثانية هرباً من الطائرات المخيفة"( ). 
25 – 1 – 2016