شفان ابراهيم : جدلية العلاقة بين القضية الكُردية والإعلام العربي

2016-01-18

ثمة توجس كبير لدى الكورد تجاه الإعلام العربي, مرده إلى سنين الحرمان الذي لاقاه الكوردي من تهميش وعدم اهتمام بمجمل القضايا التي تهم وتخص الفرد الكوردي وتحديداً في سوريا والعراق ما قبل 2003. لكن ما غاب عن ذهنية الكوردي أن الإعلام العربي وتحديداً المقصود بالفضائيات العربية الضخمة التي انطلقت بعد موجة العولمة الثالثة,

وتطور تقنية الاتصالات, وبروز فائض وأسواق خصبة في مجمل الدول العربية, إن الحالة السياسية الجديدة قد خلقت هاجس الربح والفائدة لدى بعض رؤوس الأموال الحكومية والخاصة, مما دفع بها إلى تسخير الإعلام لجهة الاستفادة من التقنية الرقمية في زيادة الربح من جهة, والتوجيه السياسي المُراد غرزه في ذهنية الفرد الشرقي من جهة أخرى. عدا عن رسم لوحة مفاهيم للشعوب عليهم أتباعها والاقتداء بها, فكان الكوردي ضحية مرتين, مرة لعدم اهتمام الإعلام العربي به بسبب عدم بروز الكورد كقوة إقليمية أو تبوئهم أهمية دولية مقارنة بجملة من القضايا والمشاكل التي كانت تحصل في المنطقة وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي, وعدم رغبة تلك الدول, وعلى الأغلب بتوجيه من بعض دوائر القرار في المجتمع الدولي لجهة عدم أثارة القضية الكوردية أبعد من مجرد مشكلة داخلية, والمرة الثانية التي وقع الكوردي ضحية الأعلام, كانت في اعتماده على الإعلام العربي لنشر قضيته كما يرغب هو, وهذه الرغبة كانت تصطدم بجهة التمويل والراعي والاستفادة من أسواق بعض الدول التي لن تجد حرجاً في منع تلك الجهات الإعلامية من الاستفادة المادية من أسواقها, في حال تجاوز الاهتمام الإعلامي بالكورد مجرد السرد البسيط.

لماذا تغيرت النظرة
إذا اعتمدنا إقليم كوردستان العراق كجهة يُمكن التطبيق العملي عليها من جهة العلاقة بينها وبين الأعلام العربي, أي بين الانغلاق والانفتاح, سنجد أن من بين أبرز القضايا والمشاهد التي هزت الكيان الدولي الإنساني والقانوني كانت مجازر حلجبة والأنفال, وهي المجازر التي لم تُعرض بشكل رسمي واهتمام عالمي إلا بداية حقبة التسعينيات, أي بعد المجازر المروعة بعدة سنين تختلف بحسب تاريخ اقتراف النظام العراقي الأسبق للجينوسايد ضد الكورد. لكن ما إن بدأ النظام العالمي الجديد بالانتقال من حالة الترويج إلى حالة التطبيق وسيطرة النظام الديمقراطي الليبرالي عوضاً عن النظام الشيوعي, بدأت معها حالة الانفتاح الإعلامي على الوسط الكوردي وإن بتأن وبطئ شديدين. ريثما يتم الاستفادة من الأطراف المعادية للكورد إلى أقصى الدرجات. 

فضائيات كوردية بدائية
أضحى للكورد اليوم أكثر من (22) فضائية كوردية, تمتاز غالبيتها بعد اهتمام الشارع الكوردي بها, بسبب عدم مخاطبة تلك القنوات لأي اهتمام أو رغبات الشارع الكوردي. فلو استثنينا عدد قليل جداً من تلك الفضائيات, فإن البقية غير معروفة حتى في أسمها, وهو ما يخلق حالة تناقض غريبة في الشارع الكوردي , إذ في الوقت الذي يجهل غالبية الشارع الكوردي لأسماء المحطات الكوردية, فإنه يتوجه باللوم على الأعلام العربي. يقيناً أي محطة إعلامية تتبع سياسة خاصة بها, وعلينا ككورد عدم نسيان أن الإعلام العربي هو الآخر يحمل في طياته فكر وشعور قومي عربي, لا يقل عن الشعور القومي الكوردي لدى الشعب الكوردي, فالأجدر بنا ككورد الالتفات إلى النقص في الإعلام الكوردي بدلاً من السباب أو التشهير بقنوات لا تهتم بالقضية الكوردية, أو على أقل تقدير لا تقدم المادة الإعلامية كما يرغبها الكوردي. وفي السؤال عن عدد الفضائيات الكوردية, لابد من الاستفسار عن سبب غياب الأعلام الكوردي باللغة العربية, وهو ما يعني غياب الخطاب الموجه للشارع العربي, وبغض النظر عن مألات الثورة السورية وانعكاسات مشروع الشرق الأوسط الكبير على المنطقة وخاصة سوريا والعراق, فإن الوضعية الكوردية الراهنة والمستقبلية ستكون بجوار العرب وتحديداً السُنّة, لذا بات لزاماً ضرورة الانتقال من حالة نقد الإعلام العربي, إلى حالة حجز مكان للإعلام الكوردي ضمن الإعلام العالمي بلغاته المتعددة.