حسني كدو : قراءة في التطورات الأخيرة في أقليم كردستان العراق

2015-10-20

ينتابني قلق متزايد للقلاقل التي تحدث في كردستان العراق  ,هل هذه الاحتجاجات ستسبب في حرب أهلية أخرى (يقول مواطن كردي استشهد  أثنين من أولاده )
الأقلام الشريفة 
لقد كانت كردستان تزدهر وتنمو 10 بالمئة قبل عام ,اي قبل دخول داعش والحرب المفروضة على الاقليم، اما اليوم فنسبة النمو صفر بالمئة ، وهناك أكثر من 1300شهيد من البشمركة وأكثر من 6000جريح ,هولاء البشمركة الشجعان الأبطال الذين يفتخر بهم جميع الكرد, لم يستلموا معاشاتهم و مستحقاتهم منذ شهور , ومع ذلك لم يحتجوا و يثوروا.
هناك بطالة في الاقليم ,  75 بالمئة من الوظائف في الأقليم حكومية و لم تستطع الحكومة ان تفي بهذه الالتزامات ، و هذه تعد أمرا كارثيا بالنسبة للكثيرين الذين لا دخل لهم سوى رواتبهم ، فالاعمال قليلة هنا , هناك سائقي الأجرة ، او بعض الاعمال الحرة الصغيرة .و حقيقة يستغرب الكثيرين و يعتبرون الأمر معجزة " كيف لم تقع الاحتجاجات من قبل.
الصراع السياسي الذي يتراوح مكانه  منذ عقود, بين مد وجزر,  والخلاف حول مسألة رئاسة الاقليم و تحويله الى نظام برلماني   ، زاد من قلق المجتمع و سخطه وانقسامه , و زاد  من تراكم الضغط النفسي لدى الشارع الكردي الذي انفجر وادى به  الى النزول إلى الساحات و الشوارع للتعبير عن مشاكلهم المحقة .
الاحتجاجات بحد ذاتها تعتبر ظاهرة ديمقراطية و صحية ،و برهنت و أظهرت فشل  هذه الاحزاب لتطبيق الممارسات الديمقراطية و الحفاظ عليها، مثلما برهنوا عن عدم استطاعتهم  ايجاد موسسات مدنية دستورية فعلية , وبناء قاعدة انتاجية اقتصادية , وبنية تحتية لمواجهة الازمات ، ويبدوا ان الازدهار كان شكليا هو الأخر .
 
البرلمان في كردستان العراق هو الأخر  , مجرد اسم ، مثل عدمه ، لا نفوذ و لا سلطة لديه يذكر، الأمر كله بيد  قادة الأحزاب الذين يصدرون القرارات ، والوزراء الذين يرفضون الحضور للتصديق على الميزانية و الاوضاع المالية ، مكاتب قادة  الأحزاب هي التي  تدير التجارة المحلية وتأخذ هذه الأرباح .
تأخير رواتب الموظفين لسنة أو اكثر ، وعدم وجود مدخرات لدى العامة من الناس ، وقف الاقراض البنكي , توافد العراقين من الموصل ونينوى و وحجب السلطة المركزية لرواتبهم  ، ازدياد عدد اللاجئين , كلها أصبحت ضغوطات على الحكومة في هولير ، وادى الى ركود اقتصادي .
غير ان  الأزمة السياسية وعدم اتفاق الاحزاب السياسية على اجماع ما,  و عدم التوافق في الأراء ، زاد من سخط الشعب ، وزاد من الاحتقان الداخلي الموجود أصلا ، والذي لم يعمل معظم الأحزاب على ازالته   , وهكذا استطاعت بعض الجهات المعادية من تغذية هذه الصراعات و انزال الناس الى الشوارع ، وهنا ايضا نرى بان هناك ثلاثة شرائح من الناس نزلوا الى الشارع .
1- شريحة  شريفة نزلت تلقائيا من نفسها للتعبير عن غضبها وسخطها على الوضع الحالي والمطالبة بحقوقها المشروعة .
2- شريحة نزلت بتوجيه و تحريض شخصي  من أحزابها طبقا لحساباتهم واجنداتهم الخاصة بهم.
3- شريحة نزلت الى الشارع للتخريب والحرق و محاربة  الشرطة  بهدف زعزعة الوضع الأمني ،و إظهار ان  الحكومة عاجزة و فاشلة وغير قادرة على ضبط الأمور , و هذه الشريحة قد تكون مأجورة من خارج الاقليم ، او لها ثأرات و عداوات مع طرف معين .
ان العنف  و العنف المضاد ، و حرق مكاتب الأحزاب ، واطلاق الأعيرة النارية على قوات الأمن ,و حرق مكاتب الاعلام و اغلاقها و الهجوم عليها ،لانها صوت جهة سياسية معينة ، ليس سوى رسائل ومؤشرات تخيف المتفرجين بأن الأمر اكثر خطورة مما يتوقعه الكثيرين ,وان أعمال رهيبة ستحدث.
 
  الحرب الأهلية التي حدثت  أبان الحكم الذاتي في 1990 ايام  حكم صدام حسين ,حيث قاتلت جميع  الفصائل الكردية  بعضها البعض,  لا تزال مائلة امام أعين الكرد , و في مخيلتهم  ,وليسوا بعيدين عنها ,بالرغم من انها التئمت, إلا ان الخوف من تكرارها يسبب القلق للجميع .
منذ عام فقط , كان الكرد  يعتقدون بان استقلالهم قاب قوسين أو ادنى ,و لكن بسبب عدم التجانس و سوء الإدارة  و  الاداء الحكومي الضعيف , وغياب  تعزيز الديمقراطية , وصراع الاحزاب ,فان الاستقلال أصبح حلم أصحابها , بل يذهب البعض بان   وضع الاقليم   كله أصبح على المحك , الوقت ليس لصالح الكرد , سيف داعش على الأبواب , وعلاقة الاقليم  مع بغداد ليست على أفضل حالاتها , ناهيك عن شهية جيرانها لابتلاعها, والعودة بها الى ايام السبعينات . 
 
حقا على ضوء هذه  القراءة الواقعية و الموضوعية  ,كردستان كلها أصبحت على المحك ، والانظار كلها متجهة صوب الجبل الأشم و نسوره و صوب سياسيها ,ليس فقط الحفاظ على وحدة الاقليم , بل على السمعة الكردية الجيدة , والحفاظ على بقاء كردستان شامخة على خريطة العالم ,  وهذا يتطلب تحرك فوري من السروك مسعود البارزاني ،( البشمركة الذي تربى على اخلاق البشمركة الاول ,البارزاني الأب  بان يضع كردستان نصب عينيه وليس المنصب )  ومن جميع الاحزاب  السياسية و الفعاليات والمثقفين و وسائل الاعلام و الاجزاء الكردستانية الخرى, و وضع حد  لخلافاتهم والاتفاق على حل جميع المشاكل قبل فوات الأوان وقبل ان تكبر كرة الثلج و تتدحرج و تصل الى حد  حرب أهلية والمطالبة بانفصال السليمانية عن الاقليم  ,والذي سيغذيه أطراف كثيرة خارجية ..
ختاما هناك مسؤولية اخلاقية تقع على عاتق حليف كردستان القوي , امريكا , وهي تعرف جيدا ان جيران الاقليم يبذلون الغالي والرخيص في القضاء على الاقليم كونه يحتوي على ثروة غنية , وبنا ءعلى ذلك , على امريكا ان تتدخل و تتوسط بين الاطرف لتسوية الأزمة ، و من ثم  تأقلم أظافر أعداء كردستان المحيطين بها وتضع حدا لتدخلهم في الاقليم ,  وان تساهم في تطوير و تصدير النفط الكردي بشكل مباشر ، و كذلك تسليحها مباشرة و بدون الرجوع الى بغداد.
 
حزني كدو