حسن حاجي عثمان أوسو : التهجير القسري المباشر والغير المباشرة ، في مقدمة أهدافها تدمير الأمم.الجزء (2)

2015-09-27

لقد قام مجموعات من المرتزقة على أبواب النظام في دمشق والدول المجاورة لسورية بتهجير العقول النابغة ثم زعموا أنهم سيقوموا بردم الهّوة القائمة بين العالم المتقدم، والعالم الشرق أوسطي المتخلف، عبر لجان من الطوابير الفاسدة والمشتركة وبجهود مكثفة !! فكان ما كان ـ
 
ليس فقط في ردم الهوّة - بل في إيقافها عند حد معين وبقيت هذه الهوة تزداد اتساعاً كل يوم - وهنا خرج علينا من المجموعة الفاسدة بطرق غير مباشرة بمقولة الخيانة، ومضمونها:
 
إن الشعب الكوردي لا يمكنها اللحاق بالعالم المتقدم بسبب كوادر أحزابها المنهارة ضميرياً- وإن قطار الحضارة قد فات هذا الشعب ، ولا يمكنها أن تلحق به مهما حاولت ذلك من جهد.
 
وإن عليها أن تقنع بمكانها من السلّم الحضاري، وتتخذ من(التبعية) الكاملة للأنظمة والأجندات المغتصبة لكوردستان سبيلاً للتقدم في نيل حقوقها وطريقاً للحضارة !!
 
وقد أعاد أعداء الأمة الكوردية على مستوى كوردستان من حيث بدأت، وزينّوا لها طريق(التقليد) والتبعية وفرشوا للكوادر من الدولارات فبدأت في الدوران داخل الحلقة المفرغة للتبعية التي تنتج التخلف - والذي يولًد بدوره تبعية جديدة.
 
قلنا : نعم، هذه حقيقة، ولكنها حقيقية لا تعفي الشعب الكوردي من مسؤوليتها أمام الله والتاريخ ، يوم يكون الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره.
 
وأحسب ـ والله أعلم ـ أنه من المفيد لنا أن ننظر إلى واقع الشعب الكوردي كمشكلة   (مجتمع)لا كمشكلة(دين) وعقيدة، وبعبارة أخري:
 
كمشكلة بشر كورد مسلمين لا مشكلة إسلام الكوردي ، وحين أقول : مشكلة مجتمع، لا مشكلة دين، لا أقصد أن أنزع المسلم من دينه وعقيدته ، بل أريد فقط أن نفرق بين السنن التي تجعل الإنسان عاجزاً، والسنن التي تجعل الإنسان مجتهداً عاملاً بمعني:
 
أن الإسلام ينطبق عليه ما ينطبق على البشر من غفلة وجهل وعنجهية وغرور وطيبة ووداعة، وسذاجة وحماقة.
 
ولاشك أن هذه النظرة الإسلامية الصحيحة القائمة على عدم بخس الناس أشياءهم والعدل حتى مع الأعداء كما أن قوله تعالي : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ }النساء : 135.
 
مبدأ قرآني لنعدل في الانتصاف من أنفسنا وممن نحب، ونقدر الأصدقاء والأعداء لا بميزان العدل لا بميزان الهوى المبني على النظرات القصيرة.
 
ولذلك تقول :
 
إن استمرارنا في تكرار المقولة المعهودة، وربما الصحيحة في جانب منها، بأن الحضارة الغربية حضارة مادّية ومنحلّة وآيلة للسقوط، لن يغيروا من الحقيقة القائمة والمفروضة في واقع العالم وهي قوة هذه الحضارة واقتدارها واستمرارها لقرون- وانتشارها في كثير من أنحاء العالم.
 
إن هذا الاقتدار والاستمرار لابد أن تكون وراءه عناصر قوة حقيقية في الحضارة والمجتمع والإنسان، وليس في التكنولوجيا فقط، لأن التكنولوجيا لا تنبثق ولا تتطور ولا تكون موضوعة في يد إنسان هش، ومجتمع هش، وحضارة هشة !!.
 
إن عن علينا أن ندرك أن الغرب الذي يمثل ( المقابل ) الحضاري لأمة الإسلامية والشرقية ، هو في صراعه الحضاري يطبق ما يمكن أن نسميه قوانين ذاتية القوة، وأننا إذا أردنا أن نخدم أمتنا على مستوى كوردستان الكبرى ، ونقيم حضارتنا فلابد أن نعرف هذه القوانين التي وفّرها الغرب في مجتمعه فأصبح قوياً، ثم نبدأ في تطبيق هذه القوانين في مجتمعاتنا لكي تتمتع بالقوة الذاتية المستمدة من عمق عقيدتنا وهويتنا الإسلامية المستقلة.
 
ولكي نوضح ما نقصد بـ ( قوانين ذاتية القوة ) نشير إلى هذا الحديث الذي رواه موسي بن علي عن أبيه قال: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص:   سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
 
تقوم الساعة والروم أكثر الناس.
 
فقال له عمرو:
 
أبصر ما تقول - قال أقول ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم - قال: لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالاً أربعاً :
 
إنهم لأحكم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة ، وأمنعهم من ظلم الملوك. رواه مسلم.
 
كوردستان - حسن أوسو – 22-9-2015