شفان ابراهيم : اسطوانة السيادة الوطنية بين الانفصال الكوردي والعملة التركية

2015-08-19

شهدت سوريا ومنذ بداية فترة الانقلابات وحتى اليوم, ارتفاع منسوب الحقد ضد أبناء الشعوب المتمسكة بهويتها الخاصة في ظل غياب الهوية الجمعية, والتفافها حول قومياتها نظراً للسعي نحو فرض رتم قومجي خاص عليها, خاصة وأن أبناء القوميات المتميزة تعدّ من الجماعات القوية الأكثر وعياً, والتي تشترك في ماضٍ تاريخي,
وتتحرك باتجاه مستقبل مشترك مع جميع مكونات المتواجدة. ومع ذلك فقد شهد خريف1949 طعنة واضحة في الوجدان الكوردي, وتشكيك فاضح في ولائه وانتمائه الوطني, فبعد أن سيطر حسني الزعيم على مقاليد السلطة, وأوكل إلى محسن البرازي مهمة تشكيل الوزارة حتى بدأت التهم الجاهزة تنهال عليهما وألصقت بالزعيم تهمة الرغبة في إنشاء دولة كوردية, على الرغم من تشكيل حكومة ذو قاعدة عريضة تضم ممثلين عن جميع المكونات, مع ذلك أستمر التخطيط الرسمي للتأمر من قبل بعض السياسيين الشوفينيين, وربطهم بالاستعمار وإشاعة العلاقة بين البرازي والزعيم مع الكيان الصهيوني, بحجة (الانتقاص من السيادة الوطنية!), وعُممت النظرة إليهم على أنهم مجرد جيب عميل في خاصرة الدولة السورية. ثم قام سامي الحناوي وعبر انقلابه بتصفية حسني الزعيم ومحسن البرازي, ولم يكن هناك من سبب للتصفية سوى النزعة العدائية تجاه الكورد.
 
اليوم ويعد عقود عديدة, هناك إعادة أنتاج لذهنية السلطة التي خرج الملايين لإسقاطها, ولا تزال القضية الكوردية تصطدم بحواجز التأمر والانفصال والتقسيم, في الوقت الذي تشهد سوريا حالة تقسيم حقيقية غير معلنة, عبر سيطرة أطراف عدة متناحرة ومتصارعة في مناطق شاسعة من سوريا, إلا أن السيادة الوطنية تطفوا على السطح فقط في حالة الوجود الكوردي. فمن التطهير العرقي الذي سبق دخول قوات الحماية الشعبية إلى كري سبي الكوردية, إلى قصة رغبة البشمركة اجتياح شمال شرق سوريا ( وفق منظورهم) إلى رغبة الكورد في إقامة كيان مصطنع وجيب عميل في سوريا. تُرى أي اتصال ذهني هو ذاك الرابط بين انقلاب سامي الحناوي الذي مهده بخيانة وعمالة الرئيس حسني الزعيم وتصفيته, وبين تكرار الدباجات عينها وأشدها فتكاً بروابط العيش المشترك.
 
اليوم تتفق بعض أطراف المعارضة في مناطق شاسعة من سوريا على استبدال العملة السورية بعملة أخرى, علماً أن العملة تعد من أشد رموز السيادة الوطنية لأي دولة, وهؤلاء ينشدون دولة المواطنة وحماية المؤسسات من الانهيار والحفاظ على هيكلية الدولة السورية على حد زعمهم, لكن استبدال العملة بحجة الإسراع في إسقاط النظام ليست سوى دباجة سمجة, وهي من ابرز سمات اختراق ونسف السيادة الوطنية من قبل من يدعون حماية الجمهورية ( العربية) السورية. استبدال العملة السورية بالعملة التركية حولت تلك المناطق وبحسب سياسيين أتراك إلى ولاية من الولايات التركية. وإذا صحت حُجتهم, هل يحق لنا في كوردستان سوريا استبدال الليرة السورية بالدينار العراقي, أو العملة الكوردية المرتقبة, سيكون الرد لا يزال النظام موجود في مناطقكم, حينها سيتسائل أحدهم: لماذا لا تحافظون على أحد رموز سيادة الدولة السورية الوطنية, خاصة وأنكم تخلصتم من النظام في مناطقكم؟