Sozdar Mîdî ( Dr. E. Xelîl ) إشراقات الأربعاء الحلقة - 14 آلهة وشخصيّات قصّة الطُّوفان السُّومرية

2015-07-05

ارتبطت أحداث قصّة الطوفان السُّومرية ببعض الآلهة والشخصيات، ولكل واحد منهم دوره الخاصّ، وكي تتّضح أحداث هذه القصّة دعونا نستعرض بإيجاز أبرز الآلهة والشخصيات المشاركة فيها. 
1 - الإله آن An: يسمّى الإله (آنُو/أنو) أيضاً، إنه أبو الآلهة السومرية، كان منزله في السماء، ويُعَدّ (ربّ السماء). وكان معبده في مدينة (أُوروك). ويذكُّر اسمه بالكلمة الكُردية: ê nû (المتجدّد الحياة/الحيّ)، وصار اسم الإله (آن) بمثابة (الله) في بداية أسماء آلهة أخرى مثل (أن- ليل/ أنْ- كي)( ).
2 – الإلهة جي Gi: أمّ الآلهة، وزوجة الإله الآب (آنو)، وهي إلهة الأرض، ويذكّر اسمها بالكلمة الكُردية: cî (أرض/مكان)، وقد اتّحدت (تزوّجت) بالإله (آنو)، وعُرفت (جي) أيضاً باسم (نينتو) Ninto، وهو اسم يحمل معنى الأمومة ( ).
3 – الإله (أَنْليل) Enlil: يسمّى (إليل)Ellil  أيضاً، إنه ابن (آنو) و(جي)، وهو الإله القومي للسومريين، وأهمّ آلهة المَجْمَع الإلهي السومري، ويشبه الإله زِيوس Zeus كبير آلهة المَجْمَع (پانثيون) الإلهي اليوناني، وجوپيتر Jupiter كبير آلهة المَجمع الإلهي الروماني، وكان يُعتبَر إلهَ الهواء، ويسمّى (الجبل العظيم) Kur – gal، وكان معبده (مقرّ إقامته) يسمّى E- kur أي (بيت الجبل). 
وكان السومريون يسمّون جبال كُردستان (Kur - ra)، أي (البلاد العليا/الجبلية)، ويتّخذون أسراهم من تلك الجبال عبيداً، ويسمّونهم Lu – Kur-ra أي (أهل الجبال). وما زالت عبارة Lu باقية في اللغة الكُردية بمعنى (شخص مذكّر/Lo). وصيغة Kur باقية في (bakur) بمعنى (شمال)، وفي (bayî kur) و (kurba) بمعنى (ريح شمالية)، باعتبار أن الرياح القادمة من شمالي كُردستان شديدة البرودة.
إن الإله أنليل هو الذي فصل السماء (آنو) عن الأرض (جي) بعد أن كانا ملتصقَين، وخلق الإنسانَ والحيوان والنبات، واهتمّ بالزراعة، ووضع أسس الحضارة، وقام بتنظيم الكون، وأخذ سلطةَ الإله (آن) وهيبته، وظلّ مركزه عظيماً حتّى استولى الإله القومي البابلي (مَرْدُوخ) على ذلك المركز، بعد الاحتلال البابلي لبلاد سومر( ).
4 – الإله إ
أنكي Enki: يسمّى (آنجي)Angi  أيضاً واسمه مركّب من (آن= السماء) و(جي = الأرض)، وهو الثالث من حيث الأهمّية في المجمع الإلهي السومري بعد (آنو) و(أنليل)، ويعتبر إلهَ الحكمة وسيّدَ المعرفة، وإلهَ العالم السفلي (الآخرة)، وهو موكَّل بـ (مياه الأعماق) التي تسمى في السومرية (آبْزو) Abzu  [لاحظوا الكلمة الكُردية:  Abzê/ Avzê= المياه النابعة]، وهو الذي ينظّم شؤون الأرض بحسب الخطط التي يضعها أنليل، وعلّم البشرَ الكتابةَ والفنون والصنائع( ).
5 – الإله إيا: تُعزى إليه الحكمة، وحماية البشر من الأمراض، وهو إله السحر المختصّ بالتعويذ، مستخدماً ماء (أبْسو= الأعماق) المقدّس في معبد مدينة (أريدو) Eridu السومرية، لممارسة طقوس السحر للشفاء أو الوقاية من الأمراض، وإلى اليوم يطلب كتّاب التعاويذ (الحُجُب) من المرضى أو المسحورين تذويب الحبر الذي كُتب به الحجاب في الماء، وشُرب مائه، أو مسح أجسادهم به( ).
6 – الإلهة نينوت: تسمّى (نينتو) و(مامي) أيضاً، إنها إحدى تجلّيات الإلهة الأمّ (جي)، وهي خالقة البشر، وقد مزج الإله (أنكي) الطينَ بدم إله ذبيح يُدعى (كَنْجو)، ويذكّر اسمه بالكلمة الكُردية Genc (گَنْج) أي (شاب). وانتزعت نينوت  14 قطعة من الطين، وأخذ إله السحر والتعويذ (إيا) يطأ على القطع الطينية، والإلهة نينوت تقرأ التعاويذ والرُّقى، ووضعتْ 7 قطع على اليمين، و7 على اليسار؛ وخُلق أربعة عشر إنساناً، 7 ذكور، و7 إناث، وهكذا تمّ خلق أوّل سبعة أزواج من البشر، وسُمّي الإنسان بالسومرية ( لولو Lu Lu)، وبالعبرية Adma، ولعلها مقتبسة من كلمة (آدامو) Adamu الميزوپوتامية، بمعنى (رجل الأرض) أو (الأرضي)( ).
7 - آلهة آنونّاكي  Anunnaki: ورد اسمهم بصيغة (آنونّاكو) Anunnaku أيضاً، ولعلّ اسمهم يعني (السماويون) باعتبار أن الإله الأكبر (آنو) إله السماء خلقهم، وهم الآلهة العظام، وكانت لهم الصدارة في المجمع الإلهي، وصار سبعة آلهة منهم قضاةً في العالم السفلي (العالم الآخر). وبحسب الروايات السومرية أنتج الآنونّاكي كثيراً من المخلوقات المتحوّلة، بما فيها حيوانات مثل الثيران والأسود برؤوس بشرية، وحيوانات مجنَّحة، وقرود، وأشباه بشر برؤوس وأقدام ماعز( ).
8 - آلهة أيجيجي Agigi: ورد اسمهم بصيغة (إيجيجي) Igigi أيضاً، ولعلّ اسمهم يعني (الأرضيون) من كلمة (جي= أرض)، وكانت مكانتهم في المجمع الإلهي السومري أدنى من مكانة الآلهة (آنونّاكي)، ومهمّتهم هي القيام بالأعمال التي تتطلّب الكدح، وكانت راضية بالعناء الذي تلاقيه( ).
9 - زِيوسُودْرا Ziusudra: بطل قصّة الطوفان السومرية، واسمه يعني (الخالد/ذو الحياة الخالدة). ويسمّى في قصة الطوفان البابلية (أُوتْناپيشْتِم) Utnapishtim، أي (الخالد/ذو الحياة الخالدة)، ويسمّى في صيغة بابلية أخرى ((إثْراخْسيس) Ethrakhsis أي (الفائق الحكمة)، ويسّمى في النسخة التوراتية والإسلامية (نُوح) وهو في الأصل العبراني (نُوَحْ)( ).
وإذا أخذنا بالحسبان أن حرف (س) في بعض الأسماء السومرية أصلها (ش)، ومنها سومر= شومر)( )، وأخذنا بالحسبان أيضاً التقاربَ الصوتي بين حرفي (ش) و(چ) فاسم (زيو- سو- درا) يشبه العبارة الكُردية (ziya- çû- dera) أي (الذي طاف الأمكنة بلا بَلَل= الناجي من الغرق). وقد نجا زيوسودرا من الطوفان بفضل تقواه وطاعته للآلهة، فكافأته بأن منحته نعمة الخلود. 
10 – گالْگامِش  Galgamish: هذا هو الاسم الصحيح، وكلمة (گال) السومرية تعني (العظيم/الجليل)، وكلمة (گا) تعني (ثور/جاموس)، ويكون معنى اسمه (الثور القوي/الجليل). وكلمة (گال) موجودة في الكُردية بصيغة kal أي (كبير/شيخ/جليل)، وكلمة (گا)  ga/  gahمستخدمة في الكُردية بمعنى (ثور)( ).                           
وگالْگامِش هو ملك مدينة أُورُوك Uruk، عاش حوالي سنة 2900 ق.م، أو سنة 2700 ق.م، وقد تصارع مع البطل الجبلي (أنْكيدو) (لاحظوا الصيغة بالكُردية [أنكي- دا] An kî da = هبة الإله آنكي)، ولم يستطع أحدهما التغلّب على الآخر، فأصبحا صديقين حميمين. ولمّا مات أنكيدو أُصيب گالْگامِش بالرعب من الموت، فتوجّهُ إلى جبال جنوبي كُردستان، يبحث عن زِيوسُودرا، ليعرف منه سرّ الخلود، وهناك يروي له زيوسودرا قصّة الطوفان( ).
هؤلاء هم أبرز الآلهة والشخصيات ذوو الصلة بقصّة الطوفان السومرية، وبقي أن نستعرض لاحقاً أحداث تلك القصّة.
الأربعاء 1 – 7 – 2015
توضيح: 
يترجم الصديق الأستاذ مصطفى رشيد حلقات هذه السلسلة إلى الكُردية بالحرف اللاتيني، وينشرها، فله الشكر الجزيل.