مروان سليمان : الشوفينية العربية تجاه الكورد

2015-06-24

لا يمكن تحقيق الهوية إلا بالإنتماء إلى نفس الجماعة التي تنتمي إليها كل تركيبة سكانية لأن ذاك الكائن ومن خلال التماهي مع جماعته يحافظ على بقائه و هذا هو النمط و السلوك الإجتماعي و الدفاع عنه و التواصل فيما بينهم و السكان الذين يعيشون في بقعة ما إنما هم مواطني تلك المنطقة تعشش فيهم عاطفة الوطنية و من هنا يبدأ صراع الإنسان و بين مختلف الأوطان و هو ما يرتبط بالأرض أيضاً و ليس فقط بمن يسكنها،
فإذا كان الوطن و حبه يوفر للإنسان سلته الغذائية و يجعله يعيش بأمان قد يصبح أحياناً بشكل أو آخر عملاً انقراضياً حيث عادة ما يترتب على الصراع الشوفيني الأعمى إفناء بين الأفراد و الجماعات و بالتالي فإن ما يلحق الضرر الأكبر هو تدخل السلطة الشوفينية لتحول إلى صراع عرقي و تسخر كل ذلك من أجل تحويل السلطة إلى فردية و قهرية و تتحول إلى شوفينية تطهيرية و عرقية.
الشوفينية هي التعالي على الآخر و التنكر لحقوقه و السعي لقمعه و هي حالة من حالات المغالاة في التعصب القومي بحيث يرى إنه الأفضل بين الأمم و نجد ذلك بين صفوف جميع القوميات و خاصة ( العرب) و الشوفيني عادة يخفي تعصبه و شوفينيته من خلال شعارات براقة كحب الوطن و الحفاظ على وحدته كما يتشدق به الكثير من السوريين.
 
الشوفينية السلطوية العربية في سوريا كانت موجودة و لا تزال تسير في نفس النهج البعثي حتى و إن كان الجميع يعيش في ظروف حرب مدمرة تحرق الأخضر و اليابس و لكن النظرة الشوفينية تجاه الكرد هي نفسها و لكن السلطة البعثية كانت تنتهج الشوفينية مبدءاً في تعاملها مع الكورد فكانت تصدر القرارات و المراسيم الشوفينية صباحاً و مساءً كالتعريب و الفصل و مصادرة الأراضي و الإعتقالات و محاربة الكورد في معيشتهم و لكن المصيبة الكبيرة أن تصدر التصريحات الشوفينية من الطبقة المثقفة من العرب الذين كانوا يعتبرون أنفسهم في يوم من الأيام أصدقاء الشعب الكردي و بدأت أقلامهم تنشر السموم و تنفث الغازات السامة في تصريحاتهم و تجرح و تطعن تحت ستارات تدعي إنها تحرص على الوحدة السورية و وحدة أبنائه كما هي بالعادة شعارات النفاق التي تتردد منذ عقود و لكنه في الوقت نفسه ليس مستبعداً لأنهم متشبعين بفكر و منهج شوفيني لا يستطيعون التخلص منه أبداً تجاه الكوردو لذلك تجده يتصدى لكل شئ  و يقف منتصراً لأية قومية أو عرق أو مذهب في العالم و لكن إذا تعلق الأمر بالكورد فإنه يقف ضد حقوقهم المشروعة حتى لو في آخر الدنيا( العقدة الكوردية).
لذلك فإن الشوفينية العربية كانت فاشلة حتى في بناء الدول و التي بنت حكم عصابات بدلاً عنها و بدل احتواء القوميات الأخرى كانت تعاديهم و تعمل على إبادتهم و تهجيرهم و لم يؤمنوا بحق الآخرين في الوجود و من خلال التصريحات التي تصدر من الطبقة التي تدعي الثقافة فإنهم يعبرون عن مكنوناتهم الداخلية بتجريح مشاعر الآخرين و تعميق الهوة بينهم و بين الآخرين بغرس بذور الشوفينية و العنصرية و مثلاً على ذلك قناة الجزيرة و اللبواني و المناع و المالح و الغليون ....الخ و الذين بسبب تطرفهم يجب أن يصعب على الكثيرين من الطبقة المثقفة خاصة أن ينتموا إلى أمثالهم أو يصنفوا أنفسهم مع هؤلاء بسبب ثقافتهم تلك الثقافة المشبعة بالإقصائية و الإلغائية و المبنية على عقيدة اللون الأوحد الذين لا يحترمون خصوصية سوريا كبلد و مكوناته الأساسية.
 
إن طريق الأمان و الإستقرار في المنطقة هو الإعتراف بحقوق الآخرين و العمل على تعميق العيش المشترك من خلال طمأنة الآخرين و الحفاظ على حقوقهم و إعتبارهم شركاء في الوطن، و بدلاً من زرع بذور التفرقة يجب أن تزرعوا بذور المحبة لكي يشعر الآخرون بالراحة و الأمان.
مروان سليمان
20.06.2015