نوري بريمو: هل لدولة كوردستان موقع في خارطة شرق أوسطنا الجديد؟

2015-06-01

تاريخ منطقتنا الشرق أوسطية، يشهد بأنها كانت عامرة وحافلة بحسن جوار وحوار الحضارات، ويؤكد بأن الشعب الكوردي كان يحظى بحضور ودور وإعتبار لابأس به وسط جيرانه من الشعوب التي عاصَرَتْه على مرّ العصور، وإستمرت حضارة الكورد في بلادهم كوردستان إلى أن داهمتْ الحروب ديارهم الآمنة من كل حدب وصوب،
بدءاً بالغزوات الإسلامية قبل أكثر من 1400سنة، ومرورا بمعركة جالديران 1514م التي قسمت كوردستان بين العثمانيين والصفويين، وأخيرا وليس آخراً إتفاقية «سايكس ـ بيكو 1916م» التي جزّأت كوردستان المقسمة إلى خمسة أجزاء تحاصَصَتْها بعض الدول (تركيا وايران وسوريا والعراق والإتحاد السوفياتي) الناشئة آنذاك على أنقاض الحرب العالمية الأولى.
أما حاضر منطقتنا الشرق أوسطية الممجوجة بالمشكلات والسائرة صوب العسكرة والسياسية والميدانية، فيشهد بأنها مبتلية بحروب لا طائل عليها، ويوحي إلى بروز ثمة خرائط طريق جديدة عنوانها هو تفتيت جغرافية بلدانها الحبلى بالقضايا العالقة بين أطراف مرحبة بها وأخرى رافضة لها ومنكمشة على ذواتها وتخشى أي تغيير قد ينهي سريان مفعول طغيانها على الآخرين.
ومابين المرحبين بالتغييرات القادمة إلى منطقتنا والرافضين لها، لن يقف الكورد حائرين، بل سيرحبوا بكل تغيير جديد مقبلٍ تحت أي مسمّى كان، ليضع النقاط على الحروف وليعيد الحقوق لأصحابها وليحط الأمور في نصابها الصحيح، ولينصف شعوبنا وأدياننا وطوائفنا التي كانت وستبقى متجاورة إن شئنا أم أبينا.
وبما أنّ المعادلة الشرق أوسطية تسير حاليا نحو التعقيد السياسي والتأزيم العسكريتاري اللذان قد يؤديا إلى المزيد من الإختلافات والإفتراقات والإنقسامات الجيوبوليتيكية غصباً عن إرادة بعض الحكام الخريفيين الذين يحاولون عبثاً إيقاف ربيع الشعوب المقهورة التي قد يأفل نجم البعض منها في الفضاءات الجديدة القادمة إلى ديارنا التي يتوق أهلها إلى الديمقراطية ويتحضِّرون لتقرير مصيرهم بأنفسهم. 
وبــهذا الصـدد فإنّ الزيارة المصيرية لرئيـس الكـورد وكوردستان السـيد مسعود بارزاني إلى واشنطن، يمكن إدراجها في إطار التحضيرات الذاتية والموضوعية الجارية في سبيل إعادة الإعتبار مرة أخرى للجانب الكوردستاني على الصعيد الإقليمي والدولي، من خلال إعلان دولته القومية المستقلة فوق ترابه الوطني إسوة بباقي أمم وشعوب المعمورة.
وبما أن الأمور باتت تسير وفق هذا المنحى «إعلان دولة كوردستان» التي كانت حلماً وصارت خياراً سياسيا لا رجعة فيه، في ظل إستمرار القلاقل والنزاعات بين مختلف الأفرقاء، ونشوب الحروب في معظم البقاع الشرق أوسطية وخاصة في التخوم الكوردستانية كالعراق وسوريا وايران وكذلك في لبنان واليمن وليبيا والحبل على الجرار!؟، فإن المطلوب الآني الملحّ، هو ترتيب البيت الكوردستاني عبر تلاقي وتوحيد صفوفه والإحتكام إلى جادة صواب الإستئناس ببوصلة تغليب التناقض الرئيسي مع أعداء شعبنا على إختلافاتنا الداخلية التي يمكننا التغلب عليها وألغاءها أو تأجيلها إلى أجل آخر.
وفي كوردستان سوريا، الواقعة حاليا بين فكي كماشة النظام وأعوانه من جهة، والمجاميع الإرهابية من جهة أخرى، فإن من واجب المجلس الوطني الكوردي المحافظة على ترتيب البيت الداخلي وتعزيز علاقاته الأخوية الكوردستانية والإلتزام بتوجيهات الرئيس بارزاني، ولاريب بل لابد من تمتين صلاته مع الإئتلاف السوري المعارض والحضور معه قلبا وقالبا في مختلف المحافل الدولية والإقليمية التي قد تنعقد بخصوص الشأن السوري المتأزم واللاغي للحلول السياسية والذي سيؤدي بالضرورة إلى إسقاط نظام الأسد، وقد يؤدي إيضا في نهاية المطاف إلى تقسيم البلد وتوزيع الكعكة بين العلويين والسنة والكورد وغيرهم.
أما متى سيتم اسدال الستار على المشهد الأخير للحروب الدائرة بالوكالة في سوريا وجوارها؟، فإن معظم الدلائل تشير إلى إقتراب النهاية، لأننا نخوض حروبا ساخنة وقد تنتهي بين الحين والآخر بانتصار هذا الطرف على الآخر، ولسنا أمام حرب باردة يتنافس أطرافها على الموجة الطويلة حتى تطول لسنوات.
وفي كل الأحوال...فإن معظم المهتمين بالشأن السياسي يؤكدون بأنه سيتم إعادة الإعتبار للجانب الكوردي في المنطقة، وقد يكون لدولة كوردستان المستقلة مكان لا يستهان به في الخارطة الجيوسياسية الجديدة لشرق أوسطنا الجديد، أم أنّ الرياح قد تجري بما لا تشتهيه السفن وأنّ المستقبل قد يخبِّئ مفاجآت ويكتنف مسارات بعكس التيار...لاسمح الله؟.