عماد يوسف : الشباب الكوردي و تحديات المستقبل
2015-05-19
على الرغم أن الأمة الكوردية أمة فتية يتراوح نسبة الشباب فيها حول 40 % إلا أن هذا الكم الكبير أخذ شكلا كمياً لم يترجم على أرض الواقع باعتباره متغيراً نوعيا و بقيت هذه الفئة خارج إطار صنع القرار في شتى مناحي الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية نظراً لتردي الأوضاع العامة و ما تعرض له الشعب الكوردي من شتى أشكال القمع و الكبت و طمس الهوية القومية إضافة إلى تشرذم القوى و الأحزاب الكوردية و انشغالها بخلافاتها البينية التي أوقعت الشباب في بوتقة صراعات ايديولوجية حولتهم إلى مجرد أدوات تحركها القوى السياسية و الاجتماعية حسب أجنداتها .
و كانت الآمال بالشباب الكورد معقودة مع بداية الثورة السورية في إحداث تغير ما و قيادة الحركة الكوردية و هذا ما ظهر جلياً في الميادين لكن سرعان ما تضاءل دورهم بسبب الكم الهائل من التنسيقيات و الحركات الشبابية التي تشكلت في صفوفهم و تناحرهم حول الشرعية و المناصب الفخرية في المجالس و تدخل الأجندات الحزبية الأمر الذي أدى إلى تشتتهم و ضعف إمكاناتهم و تخلخل بنيتهم التنظيمية , مع تعرض العديد من النشطاء للتهديد و الاعتقال و النفي و التهجير القسري و فقدان الأمان فحلت بعضها و لم يبق للبعض الآخر صدى إلا صفحة في وسائل التواصل الاجتماعي و بقيت قلة قليلة حافظت على تواجدها الكمي و النوعي وسط هذه التحديات .
و بعد مرور أربع سنوات من عمر الثورة و التغييرات الحاصلة في المناطق الكوردية في سورية و دخولها في معمعة الصراع العسكري نتيجة هجمات تنظيم داعش الارهابي و تنوع القوى المتحكمة بإدارة المنطقة من تواجد للنظام و ميليشات الدفاع الوطني و جيش الصناديد و السوتورو وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي و تشكيل ما يسمى بإدارة بقوانينها التي جاءت مجحفة بحق الشباب بفرض قانون التجنيد الاجباري دون توافق كوردي – كوردي وسط خلافات عميقة بين المجالس الكوردية الأمر الذي أدى إلى موجة نزوح كبيرة و خطيرة للشعب و الشباب الكوردي على حد سواء من شأنها أن تبيدهم عن أرضهم .
و يضاف الى ذلك ما يعانيه الشعب الكوردي من فقر و بطالة و قلة الامكانات المادية و انهيار المجتمع المدني بالتوجه الكبير نحو العسكرة و الترويج لها ففقدت الجامعات قيمتها و التعليم مكانته و أصابت المنطقة الكوردية شللا ً في تأمين الخدمات الضرورية من الكهرباء و المحروقات و المياه , فوجد الشباب الكوردي نفسه بلا مستقبل فكانت الهجرة هي الضرورة الحتمية التي تؤمن له بعض ما يصبو إليه رغم آلامها و صعوباتها .
و يما أننا لا نستطيع أن نتجاهل التطورات و التغيرات السياسية و الاجتماعية الحاصلة لكن الصراع مع هذه التحديات هي ما يمكّن الانسان و يقوي تجربته في الحياة , و علينا جميعاً أن نتوجه إلى سبل الاستفادة من المتغيرات و تمكين دور الشباب أينما حل ثقافيا و اعلاميا و فكريا كي يمكننا التعاطي مع هذه المستجدات بواقعية الأزمة التي نمر بها و ربطها بثقافتنا و هويتنا لدفعهم نحو الانفتاح بعد حالة الاضطراب و النقص التي شابت ثقافة شبابنا .
الأحد 17 / 5 / 2015
عماد يوسف