(Dr. Ehmed Xelîl) دراســــــــات في التاريخ الكُردي الحديث ( الحلقة 25 ) التقييم البريطاني لجمعيّة آزادي (خُويْبُون)

2015-04-21

إحسان نوري پاشا (نشاطات واتهامات):
كان إحسان نوري عضواً في جمعية هيڤي Hêvî سنة 1908، وتخرّج من الكلية العسكرية في إستانبول سنة 1910، وقد ثار على قادته الضبّاط الترك في غالليپولي Gallipoli سنة 1919 (لأسباب لم تُذكَر في التقرير الاستخباراتي)، واعتقل قادتَه الضباط من بين الآخرين، وتولّى القيادة بنفسه مدة شهرين، وقد حوكم عسكرياً على فعله هذا، ونُقل إلى بِتْليس. 
وقبل التوجّه إلى بِتْليس، يبدو أن إحسان نوري كان قد انضمّ إلى (جمعية بعث كُردستان)، وتلقّى التعليمات بالعمل كنائب عن الحركة التعليمية في بِتْليس وسِرْت ودياربكر، وقاد ثورة بيت شباب في 4 سپتمبر/أيلول سن 1924، على غرار يوسف ضِيا بگ في بتليس. إن الاستخبارات البريطانية لم تذكر أيّة حركة باسم (حركة آزادي)، ويبدو أن رجال الاستخبارات ما كانوا يميّزون بين منظّمة قومية كُردية وأخرى، فقط يذكرون بشكل عامّ أن كذا وكذا ينتمي إلى الحركة القومية الكُردية، كما لو أن ذلك اسم منظّمة.
لقد اهتم البريطانيون كثيراً بتحديد ما إذا كان أيٌّ من الضبّاط الكُرد اللاجئين من بيت شباب جاسوساً، حسبما حاول الترك الإيحاء بذلك من خلال الشيفرات المضلِّلة. على سبيل المثال: إن الاستخبارات حصلت على معلومات بشأن إحسان نوري من أربع شخصيات بارزة كانوا في العراق، وبما أنهم كانوا تحت الحماية البريطانية، ويتطلعون إلى الحصول على عمل في الحكومة البريطانية – العراقية، فقد أُخذت معلوماتهم على أنها صادقة، وهم: زين الدين، وهو سكرتير سابق لجمعية تعالي وترقّي الكُرد في إستانبول، وصالح زكي بگ، وهو ضابط سابق في الجيش التركي، والليوتنانت فائق، وهو فارّ من الجيش التركي، ومصطفى پاشا، وهو رئيس سابق للمحكمة العسكرية في إستانبول خلال الفترة 1919 – 1920، واعتقد الأربعة أنه من المحتمل أن يكون إحسان نوري واللاجئون الآخرون جواسيس.  
وفي 1 - 7 يناير/كانون الثاني 1925، أرسلت الاستخبارات التركية رسالتين اتهاميتين، بقصد حمل الاستخبارات البريطانية على اعتراض إحسان نوري واتهامه بأنه جاسوس، لقد توصّل البريطانيون إلى ذلك بعد أن فكّوا الرسالتين وتفحّصوهما بدقة، واستبعدوا الدليل الوارد في الرسالتين اللتين اعترضوهما، واعتبروه جهداً ساذَجاً من جانب الاستخبارات التركية المضادة.
إن كاپتن مكتب الخدمات الخاصة (SSO) الذي كتب التقرير، استنتج أن التهم الموجَّهة ضدّ إحسان نوري ساقطة لثلاثة أسباب: 
السبب الأول: هو أن التُّرك أرسلوا رسائل اتهامية كثيرة كهذه، بغرض الدفع إلى ضرورة القبض على أولئك الضبّاط الكُرد. 
والسبب الثاني: أنهم كتبوا الرسائل بالشيفرة، للإيحاء بأنها واقعية جداً. 
والسبب الثالث: أن التُّرك كانوا قد خطّطوا بأن تقع محفظة البريد في أيدي البريطانيين؛ في الوقت الذي كان فيه الضبّاط الكُرد المشاركين في ثورة بيت شباب يحاكَمون في محكمة عسكرية. وبما أن التُّرك عجزوا عن معاقبة إحسان نوري، فلماذا لا يدفعون البريطانيين إلى معاقبته؟ 
بداية نشاطات شيخ سعيد پيران الثورية:
بحسب ما ذكره ڤان بروينسّن Van Bruinessen ومصادره، فقد عقدت جمعية آزادي مؤتمرها الأول سنة 1924، مع أن تاريخ الانعقاد الدقيق غير معروف. 
وإن الشيخ سعيد [پيران] الذي قاد ثورة سنة 1925، كان زعيماً للطريقة النَّقشبَندية، وأيضاً كانت له علاقة مصاهرة مع خالد بگ جَبْران، وصرّح معاصرو الشيخ سعيد بأنه قومي متحمّس، وقد دُعي إلى مؤتمر جمعية آزادي بسبب نفوذه الواسع بين القبائل السُنّية المتحدثة باللهجة الزازية، والمقيمة في شمالي دياربكر، وكان القائد السابقون للأفواج الحميدية مشاركاً أيضاً في المؤتمر، إنهم كانوا أقلّ حماساً للثورة من شيوخ كأمثال الشيخ سعيد، لكن الشيخ سعيد نفسه أقنعهم بضرورة اندلاعها؛ وهذا دليل على الدعم المبكَّر الذي قدّمه الشيوخ بشأن قيادة الثورة والتخطيط لها.
وقد اتخذ مؤتمر جمعية آزادي قرارين مهمّين: 
- الأول: هو تقرير أن ثورة شاملة ينبغي أن تندلع، في الوقت الذي يُعلَن فيه استقلال كُردستان. 
- الثاني: هو ضرورة الحاجة إلى الدعم الخارجي. 
والحقيقة أن الاتحاد السوڤياتي وبريطانيا كليهما كانتا على تواصل مع الثورة، ولم تقولا بأنهما ستدعمانها، وفي الوقت نفسه لم تقولا بأنهما ضدّها، وبدا الكُرد وكأنهم مستعدّون للقيام بالثورة بقدراتهم الذاتية. 
وذكر ڤان بروينسّن أن مؤتمر (آزادي) الأول انعقد في سنة 1924، لكن من المهم تحديد التوقيت الذي انعقد فيه، بسبب الدور المؤثّر لذلك التوقيت في التخطيط لثورة الشيخ سعيد في فبراير/شباط 1925، وفي ثورة بيت شباب ليلة 3 - 4 سپتمبر/أيلول سنة 1924. وقد انعقد مؤتمر تركي- كُردي في النصف الأول من أغسطس/آب 1924، والحقيقة أن المؤتمر افتُتح في دياربكر في 1 أغسطس/آب. وفي هذا المؤتمر وعدت الحكومة التركية بأن تعيد النظر وتعدّل ستّة مطالب كُردية، وهي: 
1 – إقامة نمط إداري خاص في منطقة محدَّدة فيها أغلبية كُردية.
2 – ستمنح الحكومة التركية قرضاً مالياً للكُرد (لم يُذكر المبلغ في التقرير).
3 – ستُصدر الحكومة التركية عفواً عامّاً عن الكُرد في السجون.
4 – لن يكون ثمّة تجنيد في كُردستان مدّة خمس سنوات.
5 – ستعيد الحكومة التركية فتح المحاكم الشرعية، وستعيد جميع الأسلحة المصادرَة في المنطقة.
6 – التأكيد على نقْل الضباط والموظفين الترك غير المرغوب فيهم من كُردستان.
ومقابل هذه الإجراءات التي ستتخذها الحكومة التركية، سيدعم الكُرد مواقف الحكومة التركية ونشاطاتها الخاصة بمسألة الموصل.
18 - 4 – 2015
 توضيح: هذه الدراسات مقتبسة من كتابنا المترجم " تاريخ الكفاح القومي الكُردي 1880 - 1925" المنشور عام 2013. والعناوين من وضعِنا.