حسني كدو : خاطرة في الأول من أذار

2015-03-04

إنتابني صباح هذا اليوم قلق وتشاؤم غير مألوف ، حيث اعتدت ان كون سعيدا ونشيطا ومتفائلا في الصباح ، شربت قهوة الصباح بالرغم من قولوني الملتهب ، تفحصت جرائد الصباح إلكترونيا و الذي زاد من همي وتشاؤمي و قلقي ،  فتشت عن السبب ، أهو بسبب قراءتي  أمس عن كهف يضم عظام أطفال وشيوخ ونساء ديرسيم الكردية البطلة؟
 أم بسبب صور إعدام شباب الكرد في كردستان روشهلات ؟  أم بسبب معرض صور لشهداء كردستان العراق الذين تجاوزا 1050 شهيدا على أيدي إرهابيي داعش  ؟ ام بسبب أكثر من 1000 شهيد في معارك روشافا ، في تل حميس وكوباني وسري كانيي وتل تمر ؟ أم بسبب شهداء سوريا الذين تجاوزا مئات الألوف  ؟ ام بسبب الشهيد الاسترالي( اش )الذين ترك الحياة التي يستميت الكردي والسوري ولايبلغها ؟....بحثت وفتشت .......... حسنا  لعل حزني و تشاؤمي بسبب رحيل العملاق الكردي الروائي ياشر كمال الذي قال "اعمالي سيقرأها الأجيال وستتحول الى ثورة ضد الظلم والطغيان في تركيا " ....ارتجفت فنجاني الثاني من القهوة  , ولكن قلقي وتشاؤمي لم يشخص و لم يعرف سببه بعد  ..... ثم تذكرت انه اليوم الذكرى السادسة والثلاثون لرحيل عظيم الأمة الكردية ، و رمز نضالها الدؤوب ، أسد الجبال ، الملا مصطفى البارزاني الخالد ....والذي ترك لنا إرثا نفتخر به ....عجبا ! .حاولت ان أهدى من قلقي وحزني وتشاؤمي ...... اسرعت إلى التلفاز لعلني أعرف سبب كأبتي ، الأخبار الكردية ليس فيها جديد ، المرجعية الكردية بين حانا و مانا ، المجلس الوطني الكردي في حالة سريرية ، اعضاء المجلس الوطني الكردي ضمن الإئتلاف في حالة فصام عن الواقع  ،وكل همهم الحفاظ على كراسيهم ورواتبهم ، حسنا هذه الأخبار قديمة  ،وفي الجهة المقابلة وعلى الأر ض ، دحر وتقهقر داعش في تل حميس وتل براك ومخمور وفي تل تمر وكوباني وشنكال ... هذه  أنباء سارة ،...اذأ لعل السبب  ....وداع كوكبة من الشهداء بالأمس في مقبرة  الشهداء في قرية بركفري في روشفا.....انها انباء حزينة ،ولكنها  بنفس الوقت  تعبر عن استعداد الكردي للتضحية وعن قوة العزيمة والإرادة الكردية التي زرعها رمز النضال الكردي الخالد .....رباه ماالسبب وراء انزعاجي وتشاؤمي وقلقي إذأ ؟...لست أدري ، حاولت ان اسلم بالواقع ، ثم تذكرت ماكتبته في الثامن من ايار عن  مشروع الزعيم أوجلان واصداره الأوامر بالقاء السلاح .......نعم أيقنت ان الأول من اذار لن يترك الكردي في مأمن كالمعتاد ، إذأ ، هذا هوالسبب الحقيقي وراء حزني وقلقي وتشاؤمي ، بالرغم من انني مع الكفاح السياسي  وأكثر من مسالم بطبعي ، ولكن ليس بعد كل هذه التضحيات ، ومن أول الطريق ، و ما المقابل من الطرف المعتدي ؟
ثم تساءلت ، هل سينصاع صناديد قنديل هكذا وبكل بساطة .....أين خارطة الطريق ؟  هل ذاكرة الكردي ضعيفة لهذه الدرجة ؟ هل نسينا كيف غدر بنا شاه أيران والخميني وصدام ونسوا مواثيقهم وشنوا على الكرد ابشع انواع القتل ، كيف نثق باردوغان وهو الذي يغير جلده قبل الانتخابات البلدية و بعدها ...!
حقا الثامن من أيار ، والأول من أذار سبب قلقي وتشاؤمي (كما هو الثامن من أذارسبب تعاسة وشقاء معظم السوريين )وقد يكون مرحلة السلام المنشودة بين أردوغان وأوجلان سبب شقاء وتعاسة الكرد، أو سبب فرحهم ، اذا كانت هناك ندية و جدية من الجانب التركي ، فالسلام هو الأمل المنشود بعد الحرب الذي هو وسيلة لفرض السلام العادل الذي يأتي بالحقوق للشعب الكردي .
الكرد خاضوا الحرب من أجل الأمن والسلام و المساواة  ورد الحقوق المغتصبة منذ سنين طويلة ، وهذه كلها أماني منشودة ، وهي من أهم النعم و المبادىء على الإطلاق ، ولكنني وبالرغم من إيماني بالسلام والأخوة بين الشعوب ، حاولت اقناع نفسي بالحل السلمي وبخريطة الطريق بين أوجلان وأردوغان ، والقفز فوق أحلام امتنا الكبيرة، وطموحتنا القومية التي ضحى الكورد بدماءهم رخيصة في سبيلها و لثلاثة عقود .
لقد حاولت أن أقتنع بالقرار الكردي ، وبررت أمورا كثيرة ظهرت على أرض الواقع  لكي أقتنع في قرارة نفسي بجدية و صواب قرار إلقاء السلاح لكنني لم أقتنع ، ولم اجد فيه انتصارا ملموسا لنا ، فجيلنا عاصر وشاهد الكثير من الاتفاقيات والعهود والمواثيق ، و نكبة 1975 خير شاهد على تأثيرها النفسي على الحركة الكردية بالرغم ان الكرد لم يلقوا السلاح كاملا انذاك .
 
 الأيام القادمة ستكون مصيرية وعصيبة كرديا ، فهل يلدغ الكرد من جحر أردوغان كما لدغوا من جحر أسلافه ،كل الدلائل والشواهد بالنسبة لي رمادية وغير متفائلة ، كلما أخشاه ان يكون حصان أردوغان في إنتظار الكرد ،كما كان حصان طروادة .
أرجوا أن يكون تشاؤمي في غير محله ، وان أكون مخطئا في مقولة سوء الظن من حسن الفطن ،و أن تكون أسباب تشاؤمي مبالغ فيه لأن الكورد في كردستان الكبرى مروا بتجارب مريرة قبل حزب العمال الكردستاني ، الذي إرتكب أخطاء كثيرة ،ولكنه بنفس الوقت اعاد الروح والحياة لأكبر جزء من كردستان ،و أحيا الشعور القومي بعد سبات عميق ، ويقيني بان الكرد في تركيا بلغوا درجة راقية من النضج القومي والسياسي ولن تنطلي عليهم الخدع والمكر السياسي التركي .
28-2-2015
حزني كدو