مروان سليمان : إتفاقية دهوك- أين المصالحة؟

2014-11-15

تنظيم داعش الذي عمل من نفسه وكيلاً لله على الأرض من خلال قراءته لصور قرآنية ليستخدمها فقط في الجانب السلبي من القتل و التدمير و التخريب يبقى غامضاً بدون أي تفسير و يبقى التفسير المنطقي لدى الجميع أنه من صنع المخابرات ، و بينما الجميع يشكل الأحلاف لمحاربة داعش و عدم تمدده
و لكن لا أحد يواجهه بشكل جدي و ليس هناك أي طرف في المعادلة و يستطيع تغيير الواقع إلا و هو طرف آخر في تنظيم الدولة الإسلامية ليحاربه في الظاهر و يدعمه في السر و الخفاء ليتفرج عليه من بعيد ليرى الجحيم غير آبه بما يجري للفقراء و المساكين ، إنها مباراة و مبارزة للأمراء و أصحاب القرار لا مكان فيها للخائفين و الهاربين الذين يبحثون عن مخرج للهروب من آكلي لحوم البشر و مرتكبي الجرائم البشعة.
من المفروض أن زمن الخطابات قد ولى إلا إن المجتمع في منطقتنا لا يزال مرتبطاً بها لا بل غارق تحتها و لكن لا مكان له إلا بالإصطفاف مع أحد الأطراف و من المنطقي جداً أن يكون مع القوي الذي يحميه و يلبي مصالحه بعيداً عن الفكر السياسي و المبادئ و ما تتطلبه المرحلة الحاسمة في حياة شعوب المنطقة بالكامل لأنها فعلاً تقرير مصير جديد للمنطقة بمثابة عصر سايكس بيكو جديد.
 
إن الحرب الداعشية في المنطقة و على شعوبها ما هي إلا شواهد على المنطقة تمر بوضع المخاض العسير مما قد ينتج عنه أنظمة و دولاً تلبي مصالح المنطقة أولاً و تساعد على الإستقرار و تبدأ بمرحلة التطور و ثانياً تلبي مصالح العالم أجمع في فتح أسواق جديدة يستفيد منه في صرف بضاعته مما يدر الربح على الأطراف جميعاً و هذا يعني بأننا أمام وضع خرائط جديدة ولكن ليس قبل الإتفاق بين اللاعبين الكبار أولاُ في توزيع مناطق النفوذ.
فشلت السياسة التركية في المنطقة بفشل الإخوان في إغتصاب الثورات التي قامت في المنطقة و التي دعمها الساسة الأتراك بقوة كبيرة و صرفوا الملايين من الدولارات في سبيل أن يركب حلفائهم الإخوان سدة الحكم في بلدان الثورات، و قد كانت الضربة القاضية التي تلقاها الأتراك هو في خيبة الأمل التي حصلت لهم في مصر عندما إنقلب العسكر على حليفهم و أنهوا حكمهم بسرعة و إلى غير رجعة فإنقسم الحلفاء ما بين مؤيد( السعودية و الإمارات) و معارض( تركية و قطر) و استفاد من هذه المتغيرات دول إقليمية أخرى تتمثل في إيران التي تزداد تمدداً يوماً بعد يوم على حساب حلفاء الأمس أعداء اليوم الذين كانوا يعتبرون أنفسهم الحلف السني و الذين كانوا أمل الكثيرين من أبناء منطقة الثورات و لكن المصالح فرقت فيما بينهم ليصبحوا لقمة سهلة للآخرين حتى أصبحت إيران على الحدود السعودية و تم إكتشاف وجوه أردوغان التنكرية التي كان يدير بها حربه بوجه و سلامه بالآخر.
 
و يبقى الدور الأمريكي ضعيفاً في وضع حلول لأزمات المنطقة في ظل إدارة طالما كانت خائفة من مستقبلها في فقدان سلطتها إذا ما خسرت خيارها أو إذا لم يكن ناجحاً في صوابية القرار المتخذ، و يبقى الرئيس الأمريكي أسير خياراته المحدودة فإما أن ينفذ وعوده في تحسين صور أمريكا كما كان يدعي أمام العالم و خاصة الإسلامي أو الصدام مع القوى العالمية الأخرى و خسارة شعبيته أمام جمهوره الأمريكي الذي إنتخبه.
أمام هذه التحديات الإقليمية و التغييرات المقبلة ما هو مكان الشعب الكردي فيها ، و هل الكرد مهيئون للدخول في هذه المرحلة التاريخية و المفصلية في حياة المنطقة عامة و الكردية خاصة؟
إن ما تم الإتفاق عليه في دهوك ما بين المجلس الوطني الكردي و تف دم تحت إشراف مباشر من رئاسة الإقليم كان خبراً ساراً أثلج صدور الكرد عامة و تفائل الناس خيراً بنهاية أبدية لظاهرة الإنقسام الكردي في ظل الهجمة الشرسة من قبل الجماعات الإرهابية التي تستهدف الشعب الكردي خاصة و ما كوباني الرمز إلا بداية لتهجير الشعب الكردي من مناطقه بشكل عام و إذا ما نجح الإرهابيون فيها فسوف تعمم التجربة على المناطق الكردية الأخرى و ما ظهور جبهة النصرة على حدود عفرين إلا من أجل ذلك.
و لكن بعد مضي شهر من إبرام الإتفاقية لا تزال المماطلات جارية و عدم الإلتزام ببنودها و خرق الإتفاقيات و الهروب من استحقاقات المرحلة الحالية التي تتطلب توحيد الجهود و العمل معاً في صد الهجمة الشرسة و الغير مسبوقة على المنطقة الكردية و وضع الحلول للمشاكل معاً لا تزال بعيدة المنال و يبدأ المواطن الكردي يفقد الأمل يوماً بعد يوم و لم يعد يصدق الإتفاقيات و الحبر الأزرق على الورق و التواقيع التي تحتها.
فهل أصبحت المصالحة الكردية في مهب الريح- و إذا كانت كذلك فمن هو المسؤول إذاً؟
 
مروان سليمان
13.11.2014