زنار عزم : الطريق الى هولير

2014-05-23

عند الظهيرة  تجولنا في مدينة دهوك..الواقعة  في شمال الأقليم الكردي ..يحيط بها جبال وسفوح وتلال
يزيدان المدينة  جمالاً وسحراً ورونقاً..يزورها الكثير  من السائحين  وباتت معلماً من معالم السياحة  والحضارة ..
ودهوك تسمية  كردية  وتعني ( صاعين .) أو زنة مكيالين..( دو )  و(هوك) حيث كانت  المدينة  قديماً ممراً
للقوافل والتنقل  عبرها ..
وكانت  القوافل تدفع ضريبة  مرورها  بصاعين من القمح أو الشعير ..بينما نسب الى
آخرين  تسمية دهوك لوجود جبلين علىشكل بيضتين ..( دو)وبالكردية  اثنان  و( هيك ) أو (هوك) وتعني البيضة   
وأيضاً بالكردية ..يمر في المدينة  نهرين صغيرين  الأول سمي نهر دهوك والثاني سمي هشكرو  والذي كثيراً 
ما يجف في فصل الصيف ..محافظة دهوك واحدة من المحافظات  الأربعة  في الأقليم  الكوردي  والذي يتمتع 
 بالحكم الذاتي  والتي يرتبط بها أقضية  وتعج بالمراكز السياحية  الخلابة  يبلغ عدد سكان المدينة  حوالي 
(250) ألف نسمة  معظمهم من الأكراد وهناك طوائف وأقليات صغيرة تعيش في المنطقة  وقد أقيم  بقربها  مجمعاً ( كمباً)
كبيراً يضم  اللاجئين السوريين  الوافدين اليها  هرباً  من نظام  القتلة  في الوطن السوري  وغالبية  الهاربين  هم من كردستان سوريا 
حيث الجوع والموت  والخوف والدمار يلاحقهم ..ويسمى ذلك الكمب ب( دوميز) حيث شرحت  في الجزء الأول  عن رحلتي 
الى ذلك المخيم  وقصة المأساة  لهؤلاء اللاجئين  وهروبهم ومعاناتهم وقد وقفت حكومة هولير  في كردستان  العراق  موقفاً
مشرفاً يعتز به الأكراد بشموخ وتقدير  موقف الأخوة والمصير والتاريخ.. وموقف القائد  مسعودالبرزاني  عظيم ومشرف يعتز به الكرد أينما كانو ا..
 
عند المساء تمت دعوتنا الى حفل فني أشبه بمهرجان  ليس إلا..أقيم في عين كاوى..حيث القيت الكلمات 
 وتم توزيع  الشهادات  وتخريج دفعة من الأعلاميين والصحفيين..والقيت القصيدة  المشهورة
ليلة بكى فيها القمر  وقد  علا القاعة باالتصفيق  طويلاً لمست  بعدها بقايا الدموع فوق  الوجوه
 تأثراً  في ملحمة القصيدة والوجع الكوردي والمرارة  والألم  وشارك في الحفل الفنان  محمود عزيز  حيث  قدم  مجموعة من أغانيه الرائعة وتقدم  بعدها  المطرب  ابن عفرين الشهير أبو صلاح حيث
 أتحف الحضور بأجمل الأغاني ..كما شارك في الحفل  الدكتور رضوان  باديني حيث القى  كلمة قيمة
 عن دور الأعلام  والقى السيد سليمان كرو الكلمة   عن الأعلام والصحفيين  وقد اقيم المهرجان  بااشراف منه  مع مجموعة من الاخوة  بينهم  نهاد مصطفى وياسر دميجر  والفرقة الفنية الموسيقية...
 
حقاً دهوك مدينة  رائعة  وجميلة   وأنا أرنو  الى تلك الجبال  وقد ذكرتني   بنضالات القائد الخالد مصطفى البرزاني  ورفاقه البشمركة 
الأبطال حيث عجزت الألة العسكرية  لحكومات   متعاقبة  قبل وبعد فترة  ذلك المقبور صدام خلال الثورة      ..عدنا الى  الفندق متعبين  ولكننا  كنا سعداء وفي ظهيرة 
اليوم الثاني توجهنا وزملائي..البعض منهم كانت كرديته أقرب الى  لهجتنا  الكردية السورية  أما الباقي فكان  وفي بعض الأحيان  أسألهم 
عن معاني كثيرة  من الكلمات والمفردات ممزوجة ببعض المجاملات  والأمثال التي تبعث البهجة الى النفوس.
توجهنا بالحافلة  الصغيرة  الى عاصمة الأقليم..(اربيل)أو (هولير) بالكردية ..حيث لها وقع خاص با أعماقي ومشاعري وأحاسيسي..
ولها ذكرى ومحبة واحترام وتقدير يصل الى مستوى  الاعجاب والوقوف أمامها  بشموخ واعتزاز ..ورهبة أقرب الى السجود..انها 
عاصمة الأقليم  بكل اعتزاز  وفخر ..الحلم والضوء والحضارة  والأمل انها عاصمة كردستان  كما يقال..
على مشارف المدينة  العصرية  اربيل  وبالكردية  هولير وهي ثالث مدن الدولة العراقية  بعد بغداد..سيطر على  المدينة  خلال الحقب  المتعاقبة 
 بالتاريخ الأشوريين والفرس الساسانيين  والعثمانيين ..وأصل تسمية اربيل جاءت من التسمية الأشورية  للمدينة ..(أربا ئيلو) أي أربعة آلهة 
حكم المدينة  قادة في التاريخ القديم أمثال الأسكندر الأكبر  وصلاح الدين الأيوبي ..وفي العهد الآشوري كانت اربيل مركزاً
لعبادة الآلهة  عشتار..والأشوريين كانوا يقدسون اربيل حيث كان ملوكهم يحجون  اليها قبل القيام  بأي حملة عسكرية  أو غزو 
وقد فتح المسلمون  اربيل وما  يجاورها في عهد الخليفة  عمر بن الخطاب  على يد القائد الأسلامي آنذاك (عقبة بن فرقد )
ويرجع تاريخ اربيل الى العصر الحجري وحتى العصر الاسلامي ..وفيها أكثر من مئة من التلال والمواقع  الأثرية  الشامخة  اضافة
الى القلعة التاريخية والتي تتحدى الزمن والتاريخ والحضارة في العصر القديم ..في اربيل معالم أثرية  رائعة  هناك تل السيد والمنارة المظفرية وحديقة الشهيد الدكتور 
سامي عبد الرحمن  وحدبقة شاندر اضافة الى المصايف  والمنتزهات الرائعة  الجمال  وعلى ذكر المصايف  منها مصيف شقلاوة  وبير مام
وجنديان وهيران والكثير  والكثير  من المعالم  التي تجلب السائحين ..اربيل مدينة  التاريخ وعاصمة التاريخ..انها هولير الكردية 
ام الدنيا  وقلب  كردستان  حاضنة الكرد..انها الأم الشامخة كالقدر..انها قنديل الحياة  تجولنا..وتاهت بنا  الأحلام في مدينة الأحلام
والماضي والحاضر والتاريخ ..انها معالم وابجديات  يفوح من أعماقها عطر المحبة والخلود  والعنفوان ...ومعقل الفرسان ...
انها روضة العشاق هي في أعماقي ..شيرين ونسرين وميديا وميتان  والحضارة ...انها مدينة  رائعة بحق..رفعت صوتي 
وأنا أرنو الى السماء وفي هذه المرة ..وبصوت مسموع ...
 
يارب  احفظ لنا كردستان ..واحفظ لنا قائدنا  مسعود البرزاني  واحفظ لنا هولير  عاصمة كردستان مدينة الحب والتآخي
والأمل..الرحلة  لم تنتهي لأن ذكراها باقية في أعماقي بحر اضاءة وقنديل شوق لن يزول شعاعها  من حياتي حينما      توجهنا
الى المانيا تطلعت من نافذة الطائرة  وأنا أمسح عن وجهي بقايا دموع وأنا أغادر حلماً وحقيقة ..الى الغربة ...
(وفي الغربة  أحباب احبهم وأحبوني  وهم في الغربة وطني ..)
...زنار عزم ..