نوري بريمو: مبروك...تأسيس بارتي ديموقراطي كوردستان ـ سوريا

2014-05-05

الكل يدرك بأنّ الحزب الديموقراطي الكوردستاني ـ سوريا، الذي تم الإعلان عنه حديثاً، في بداية شهر نيسان الحالي 2014م، جاء كنتـاج طبيعي لجهود متراكمـة وحوارات متواصلة بين أربعة أحزاب كوردية (البارتي وآزادي1 وآزادي2 ويكيتي الكوردستاني) أعلنت عن حل نفسها في إطار هذا الحزب الجديد الذي يُعتبَر إمتداد تاريخي لأول حزب كوردستاني تم تأسيسه في غرب كوردستان في عام 1957م،
وهو في ذات الوقت ثمرة قومية تجعل الإنسان الكوردي يستعيد ثقته بنفسه وبحركته السياسية وبالقضية التي يناضل من أجلها، وهو إنجاز سياسي يعزز روحية المثابرة على تحمُّل الصعاب والتوجه صوب تحقيق المزيـد من التقارب بهدف ترتيب البيت الكوردي عبر التوصل إلى إطار تنظيمي يصبوا نحو المرتجى الكوردي الأكبر.
 
وفي الحقيقة فإنَّ الأداء الديمقراطي الذي استمد قوته من الروح القومية والإرادة الوحدوية لدى مسئولي أحزابنا الشريكة التي حلتّ نفسها لتحقيق هذا المكسب القومي المُنجَز بمساعي الجميع، كان الملهم الأساس لدى بروز فكرة تشكيل هكذا حزب كوردستاني من طراز مؤسساتي جديد، وقد كانت روح الكوردايتي والإلتزام بنهج البارزاني الخالد هو الموجّه الأول قبل وبعد ولادته، وقد تجلّى ذلك بوضوح في لقاءات وحوارات مرحلة التأسيس التي سبقت الإعلان، ورغم الأداء البطيء جرّاء التعرض للعقبات الذاتية والموضوعية، إلا أنّ جميع الشركاء المؤسسين إمتلكوا روحية الإصرار والمثابرة والتعامل بإيجابية مع إشكاليات عديدة، حيث أثبتوا خلال مرحلة قصيرة بأنّ هذا المشروع الوحدوي ينبغي أن ينجح ويتحوّل إلى انطلاقة قوية لأنه حاجة ماسة تفتقر إليها مختلف أحزاب حركتنا في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها شعبنا الكوردي في غرب كوردستان.
 
ولما كان الكورد عموماً وحركتهم السياسية خصوصاً، بحاجة ماسة إلى الخوض في مثل هذه المشاريع الوحدوية، فإنّ (pdk-s) يؤكد بأنّ على الجميع النهوض بمسيرة التلاقي وتوحيد الصفوف وفق المطلوب والمُراد ليتنامى حجم الحراك الوحدوي وليزداد ثقله وسط الجماهير وفي الساحة الكوردية والسورية اللتان تشهدان ثورة شعبية عارمة منذ أكثر من ثلاث سنوات، إذ لا بديل أمام الجانب الكوردي سوى إيلاء الأولوية للتوافق فيما بينها عبر رفع شأن المجلس الوطني الكوردي وجعله فوق كل الأحزاب، كونه يكتنف المحتوى والقاسم المشترك المهم والأكبر الذي يجب على الجميع الالتقاء حوله للتخلص من مختلف الأزمات الذاتية التي قد تعيق الجهود الرامية إلى تشكيل الإجماع الكوردي بأي شكل كان ووفق أية صيغة يتم الاتفاق حولها، على طريق توفير المقدرة على الإسهام بفعالية لخوض النضال في كل الظروف وخاصة في هذا الراهن السوري الذي قد يكتنف فرصة ذهبية لشعبنا الكوردي الذي لطالما انتظر وانتظر وينتظر حتى الحين. 
 
في حين نجد بأنّ المطلوب الآني الذي يدعو إليه (pdk-s) هو العمل بجدية للبحث عن آليات جدية لتوفير وعي ذاتي قادر على نسيان اختلافات الماضي وخلق أجيالٍ جديدة من الكوادر الحاملة لأفكار نيِّرة وطاقات كامنة وسلوكيات حوارية تقبل الآخر، لتؤدي أداءً حضارياً صوب التفاهم الكوردي الذي من شأنه أن يحرر حراكنا الحزبي من أشكاله التقليدية إلى حراك سياسي قوي وقادر على الخروج من دوائر التفكير الضيق والأداء الضعيف، وأن يتم تطوير أحزابنا الحالية إلى مؤسسات أكثر فعالية ورحابة، لتتخلص من مختلف أمراض الحزبوية الضيقة ولتصبح أكثر تصميماً على متابعة سعيها على طريق نيل الحقوق القومية المشروعة لهذا الشعب التوّاق إلى العيش بسلام وحرية.
 
وإنّ تأسيس الحزب الدموقراطي الكوردستاني ـ سوريا، إنْ دلّ على شيء إنما يدلُّ على وجود بوادر إيجابية تدعو إلى التفاؤل بمستقبل كوردي أفضل، ولعلّ الإلتزام بنهج البارزاني الخالد الذي يؤكد على الحوار وقبول الآخر والالتقاء معه على أرضية التلاقي ورص الصفوف، قد أصبح منهجاً شبه أكثري أو بالأحرى مشاعاً في هذه الأيام لدى أوساط واسعة من المثقفين والسياسيين الكورد الذي أحسوا بمرارة الواقع وخطورة الوضع وأصبحوا مقتنعين بوجوب الاحتكام لمراجعة الذات وقبول الآخر للتباحث معاً في صميم مستلزمات العمل المشترك بحثاً عن الحلول وتداركاً لمخاطر أخرى قد تباغت شعبنا مرّة أخرى، لاسيما في ظل استمرار نظام البعث في دعم حزب (pyd) وانشاء كانتونات أمنية في مناطقنا الكوردية وبث مختلف سموم التفرقة وسط الشارع الكوردي في هذه الأيام السورية الحرجة.
 
ولما كانت أغلبية الأحزاب الكوردية في غرب كوردستان تلتزم بالأداء الجماعي في إطار المجلس الوطني الكوردي وتسعى إلى توحيد الصفوف لمواجهة هذه المرحلة وكل المراحل، فإن ما يبعث على الاندهاش والاستغراب هو مدى إصرار حزب (pyd) على التغريد خارج السرب الكوردي لا بل فوقه بالتعاون نظام الأسد الذي سيبقى يقف ضد ترتيب البيت الكوردي وخاصة ضد هذا المولود الجديد (pdk-s) الذي سييصبح صمان الأمان في غرب كوردستان.
 
وفي الحقيقة فإن الحزب الديموقراطي الكوردستاني المعلَنْ عنه حديثاً، يُعتبر إطار سياسي وتجربة نضالية فريدة من نوعها في ساحة كوردستان سوريا، ولذا لا يجوز الاستهانة بإمكانياته أو محاولة إفشاله تحت أية حجة أو مبررات كانت، لأنّ هذا الحزب يمثل الجزء الأكبر من قوام وثقل حركتنا الكوردية في هذا الجزء الكوردستاني الذي قد يشهد متطورات ايجابية لم تكن تخطر على بال أحد!، ويؤكد بأن المجلس الوطني الكوردي هو عنوان بارز لهذه المرحلة، ويعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من الثورة السورية ومن قوام قوى المعارضة السورية بمختلف مكوناتها القومية والدينية والطائفية، وخاصة الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة. 
 
 وما دام الأمر هكذا، أي مادمنا نخوض تجربة نضالية عنوانها تأسيس حزب كوردستاني موحد على أنقاض تشتتنا ليجمع شملنا السياسي ويسهر على صنع القرار ورفع سوية الخطاب الكوردي، فإنَّ كافة أعضاء وكوادر وقيادات هذا الحزب، قد عقدوا العزم على المضي قدماً في إنجاح تجربتهم الوحدوية وتكثيف المساعي لتمتين لُحمة الكورد وتأطير قواهم وقيادة مسيرتهم التي باتت بحاجة إلى دبلوماسية متلائمة مع المستجدات السورية والشرق أوسطية الحاصلة على شتى الأصعدة، والعمل من أجل كسب وتعزيز ثقة الشارع الكوردي الذي قد يتحول قريباً إلى حصان طروادة ويقلب الطاولة فوق رأس نظام الأسد وأعوانه.
 
وبمناسبة هذا التأسيس الذي قد يعيد الأمجاد مرة أخرى للبارتي الأول "بارتي ديمقراطي كوردستان ـ سوريا"، الذي أبهج قلوب ملايين الكورد الغيورين على حاضر ومستقبل شعبنا، ليس بالوسع سوى القول: مبروك لحزبنا البارتي وهنيئا لشعبنا الكوردي، ومعاً على الطريق نحو تعزيز موقع ودور البارتي والمجلس الوطني الكوردي الذي من المؤكد بأنه سيسعى جاهداً مع مختلف مكونات المجتمع السوري من أجل تفعيل الحراك المعارض على طريق اسقاط نظام الأسد والإتيان بالبديل الديمقراطي الفدرالي، كي ينال كل ذي حق حقه في العيش بكرامة وحرية دونما أي تمييز قومي أو طائفي يذكر.
 
1-5-2014