شفان ابراهيم : أحداث غيرت المنطقة برمتها إلا الحركة الكوردية

2014-02-09

شفان ابراهيم  shivan46@gmai.com
لو تتبعنا خط سير التغيير الحاصل في المنطقة والعالم برمته, لوجدنا أحداث وتغيرات متلاحقة حصلت في بنية العالم سواء كوردياً أوعربياً أو دولياً, زعزعت كيان الأنظمة والدول, لكن فقط الحركة الكوردية في سوريا بقيت عصية على رياح التغيير, وبقيت هي وحدها تقاوم أي مد تغييري أو تحديثي. لا ارغب الخوض في بدايات نشوء الحركة الكوردية, وما رافقها من تغيرات في بنية المطلب الكوردي آنذاك,

واعتقال أغلب القيادات الكوردية, والانشقاق الكوردي الأول, لكن لنبدأ من بعض الأحداث البارزة التي كان لها تداعيات على غرب كوردستان...ثورة أيلول 1961, واتفاقية آذار سنة 1970, وخنس اتفاقية الحكم الذاتي سنة 1974, واستئناف الثورة, ثم نكسة 1975 ومحاولة كسر الإرادة والذات الكوردية في جنوب كوردستان, وبعد ذلك ثور كولان 1976, ووفي كل هذه المحطات كانت هناك دروس وعبر, في تأصيل الذات الكوردية ورفع منسوب المقاومة, عدا عن وصول تأثيرات كورد جنوب كوردستان إلى كورد غرب كوردستان, بسبب اللجوء إلى ديرك وقراها وحتى قامشلو وما حولها وباقي المناطق الكوردستانية, تُرى ألم تكن حالات الاحتكاك والتزاوج والندوات والتواصل والإطلاع على كل ما حصل حين ذاك في جنوب كوردستان كافياً للبدء بعملية تغيير شاملة,  والانتقال إلى حالة البدء بالتخطيط لمرحلة جديدة, لكن الذي حصل أن الحركة الكوردية بقيت على ما هي عليه من تخبط وتأزم, خاصة وإن إحصاء 1962 كان بداية دق جرس الإنذار لكن ربما حينها لم يستطيع إلا قلة قليلة من قيادات الحركة الكوردية التقاط مؤشر استمرار تعريب الكورد وتجريدهم, وحقيقة دفع البعض منهم ربيع شبابه في المعتقلات, ثم الحزام العربي سنة 1965 وللحق يقال أن البعض دفع أكثر من 8 سنوات من ربيع عمره وشبابه في المعتقلات جراء وقوفه ضد النظام السوري وضد مراسيمه, ثم كانت فترة تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار سور برلين, ونشوء كيانات ودول جديدة, وظهور اتحادات جديدة, الحكم الذاتي وحق تقرير المصير, وحقوق الأقليات, ودول فدرالية وسواها,  كل ذلك لم يؤثر في عقلية الحركة الكوردية التي بقيت أسيرة التزلف والإقصاء الحزبي وعقلية التتبع, ثم كانت نقطة الفصل في نهاية القرن الماضي منطقة حظر طيران وتسميته بشمال العراق, والحكم الذاتي الكوردستاني, بداية تحول خطيرة ومهمة في المنطقة وبدء هبوب رياح التحرر عبر رقعة كوردستانية إلى باقي اجزاء كورستان , مترافقاً مع ذلك مؤشرات البدء ببناء الأرضية المهيئة لاستبدال الوعي القومي بالوعي التحرري, والانتقال من حالة فن الممكن إلى حالة الفعل بدلاً من ردة الفعل, أما في القرن الحديث فإن عام2003 كان نقطة تحول كبيرى في الشرق الأوسط, وترسيخ مبدأ الفدرالية للعراق وتمتع الكورد بفدرالية أمنت لهم الاقتصاد والأمن والسيادة والإقليم والحكم والسلطة والتحكم الثقافي في ربوع كوردستان وتسلم حصتهم من السفارات والقنصليات وغيرها, كل ذلك كان إيذانا بتحول كبير في السياسة الكوردية وتغيير الإستراتيجية الكوردية نحو توسيع رقعة المناطق المحررة وحاجة الكورد إلى دماء جديدة وفكر جديد وعقلية جديدة ونوعية تفكير وتخطيط جديد, ثم كانت انتفاضة 2004 التي بقيت الحركة الكوردية لأكثر من (7) سنوات يختلفون في تسميتها بين أزمة, وأحداث, وفتنة, وانتفاضة, لكن ما أن بدأت الثورة السورية وانحسرت القبضة الأمنية عن المناطق الكوردية حتى اتفق الجميع على تسميتها بالانتفاضة الكوردية, خاصة في تعاملهم وحواراتهم مع المعارضة السورية, هذه الانتفاضة التي لم تغير في واقع الحركة الكوردية قيد أنملة, بل بقيت هي, هي, أسيرة العقلية المنغلقة على الذات مع الاستمرار في جلد الذات في سبيل الحفاظ  على حالة الرتم المقيت التي وضعت نفسها في متاهات لم تستطع حتى اليوم الخروج منها, ثم تلا ذلك المرسوم 49 والذي كان الهدف منه اقتلاع الكورد من جذورهم ومحاربتهم في أخر مصدر عيش لهم. والثورة السورية وما رافقها من بدء تغيير الخارطة الفكرية والحراك السياسي والنشاطي في غرب كوردستان, ومع ذلك بقيت عقلية الحركة كما بدأت وكما استمرت, واليوم وبعد كل الأحداث المتلاحقة والمتسارعة والمجلس الكوردي على أبواب دورته السنوية الثالثة ولا يزال تائهاً في مربعه الأول دون أن يتمكن من تقديم أية فائدة مرجوة منه, لدرجة انه منعزل تماماً عن أغلب الأحداث التي تحصل في غرب كوردستان, صحيح أنه يتحجج بأن مجلس غرب كوردستان لا يشاركه ولا يفسح له المجال للعمل المشترك, لكن في الواقع هناك النقطة الجوهرية الأكثر مصداقية في الواقع الكوردي في غرب كوردستان, الحركة الكوردية عاجزة عن فك الارتباط مع حالة الترهل والتشرذم والعداوات الافتراضية وتكريس عقلية التبعية والعمل المؤسس على عقلية التتابع بدلاً من مأسسة الواقع الحزبي للخروج من عباءات الو لاءات الشخصية الضيقة.
حقيقةً بعد كل هذه التغيرات, وبعد كل مراحل تطور الفكر البشري, وخاصة في دول ما بعد الاستعمار, ودول ما بعد الشيوعية, وحلول النظام الديمقراطي الليبرالي عوضاً عن الأنظمة الشيوعية والملكية والإقطاعية وغيرها, وبدء تباشير صراع الحضارات في المرحلة المقبلة والقائمة على صراع اللغات والثقافات عوضاً عن صراع الإيديولوجيات, وانتهاء العالم عند النظام الديمقراطي الليبرالي واعتباره أخر نظام يؤسس للدول الحديثة دول النظام العالمي المعاصر, بعد كل هذه التنقلات والتغيرات التي طرأت على العالم لدرجة جعلت من جنوب السودان يقفز كالبهلوان في الهواء, ومع ذلك لا تزال أحزاب الحركة الكوردية في سوريا تتسابق لاختراع أفضل الطرق والوسائل والآليات والأدوات للحد من عملية التغيير كي لا يصيبها شيء, وتتفنن في اختراع أفضل الخلطات السحرية والتكتلات لكبح جماح ذوي الطموح والإمكانيات الفكرية والعقلية............