زنار عزم : بلا عنوان..أووطن ..

حين بدء التكوين .. وبلغت من العمر ..تسعة .
كان المخاض...
تسعة شهور وأكثر ..
هكذا شاءت الأقدار ..
ولجت باب الحياة ..وشممت هواء الدنيا .
بكيت لأول مرة ..وحبوت على أربع ..

وحلمت أن أكبر وأن أمشي ..وأن أحكي .
وأن أكتب وأن أقرأ....
وحلمت  بالعيش الكريم ..أكثر وأكثر ..
حتى كبرت ..
تجاوزت أحلامي هامات الجبال ..
وتزوجت ..
وصار لي أولاد..ذكور واناث ..
وكانت  زوجتي تحلم  أيضاً..
سرقوا الأفراح والأحلام  منها ..
والكتابة  والقراءة  والقصيدة ..
وحلمت  والحلم  في السجن  محظور ..وقضية .
حتى النجوم  والكواكب  والسنابل
وأصوات البلابل
والشمس والربيع وعشق الأرض
والحجر..حتى الهواء ..ممنوعة علي...
وشاب الشعر في رأسي يا شيرين...
وفقدت حاسة  الشم  والأحساس ..
وانطفأ الكون  في عيني ..
وتلاشى  النور فيها والضياء ..
وأقبل  نحوي الجند والجلاد  والعسكر .
وفي التحقيق ..هزني البركان  والزلزال
والموت البطيء..
وتحجرت وتناثرت  بأعماقي
كل أضواء المدن ..
وسقطت  وتمتمت وتأتأت ومات النطق في فمي
برق وضوء وعتمة  وعويل ..
وصخب وضجيج ..وشظايا الآه ..
ولا أدري ..يا شيرين..يادميتي الصغيرة .
مسحوق.. أنا بأحلامي يا وردتي
حينما دخلت السجن ..رأيت
الله والموج والبحر والطوفان ..
والبشاعة  والتوحش  والأغتصاب ..
والأصفاد والطغاة  والذئب والموت المنظم ..
جفت بأعماقي آزاهير  الحياة ..
وحلمت بتغيير العالم..
كبر الأولاد يا شيرين..حلموا
بأحزان البلابل  والطيور  والنورس والبحر ..
قال الأول ..يا أبي ضاقت الأرض بنا ..
لنبحث عن هوية وعن تاريخ ووطن .
قال  الثاني ..أحاديثاً  وكلاماً كثيراً وكبيراً..
عن عويل الأبجدية  والكآبة والشقاء ..
وعن مجون الأقوياء ..عن ملايين..وانتحار الياسمين
وضياع بلا مأوى  ..وتحدث عن التغيير
وعن الخبز والثقافة
خشيت على الأولاد عفونة السجن  والسجان ..
وعذابات الجسد والقهر والليل والظلام ..وصقيع الشتاءات
والثلج والمرارة  ورحلة  اليأس والرعب واجتياح المستحيل .
خشيت على الاولاد يا شيرين..
من الغول والجلاد  والأصفاد ..والحوت والسياف
 ومتاهات السراب  والأعصار ..والضبع يقتات البشر .
قال الثالث نحن ياأبي  بلا أرض  أو وطن ..
بلا خبز أو ثقافة ..متعبين ياأبي ..منهكين
قرأت  في العلوم وكتب التاريخ
والمجرة ..وقرأت عن ..فولتير ونيتشة وبوذا وداروين
وغوتة وشكسبير وكولمبوس وبسمارك وعن زيوس
والقياصرة  والأباطرة  الرومان  والعري والجنس والسياسة
والملوك والخمور وعن الشاه ومجون الأقوياء ..
تساءلت ياأبي دون جواب..ومضيت أبحث ياأبي عن نجيمات متعبة
وصباحات ندية وروْىوضياء ومشاعر وحنين وشوق وعشق
وأنا ياأبي  بلا عنوان ومصير بلا مأوى
وقرأت يا أبي ..عن يأجوج ومأجوج وعن أنغولا وعن الصين والصومال وعن قبائل التوتسي
وعن الوحوش وحق تقرير المصير ..وعن مانديلا وعن البرزاني..وبحثت في خارطة العالم
عن الكرد وكردستان  الوطن ..تاهت بي الأفكار ..وماتت كل العبارات
وحلمت ياأبي ..بأحذية جديدة وثياب
..وأن نشدو..ونغرد بين أسراب الطيور ..
ونغني ياأبي للمجد للكرد للحياة..
حينما خرجت من السجن لم تتغير أحلامي ولم يتغير العالم ..
وأنا بلا عنوان أو وطن ..سوف أحلم ياأبي ..سوف أحلم ....
 زنار عزم



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.