كوهدرز تمر – شمالي كوردستان : الغرب و سوريا .. ضربات جوية قريبة ، و برية و اسقاط مستبعدان

2013-08-27

الوضع الإنساني في سوريا يؤسف له ، و جرائم النظام و فظاعتها تهز كل ضمير حي ، إلا أنّ طريقة الخلاص منه و التي باتت جلية أنها لابد أن تأتي من الخارج ، تستحق التأمل و مراجعة التاريخ القريب و الواقع الشرقي و الإسلامي .

فالدعوات للغرب القوي و الولايات المتحدة خاصة بالتدخل و مساعدة المعارضة السورية و إنهاء مأساة الشعب ، ستصطدم بحواجز عدة إن جرى التدخل دون تحليل و تفكير و مراجعة حسابات . فالوضع شائك على الأرض جداً و لا يفرق عن الوضع العراقي في 2003 و اسقاط نظام صدام حسين و تحرير الشعب العراقي من براثنه ، و التي كلفت أمريكا أقل من 300 جندي و مليارات من الدولارات . 
إلا أن ما تلاه من اعتبار للقوة المحررة  كافرة  و ساعية لاحتلال بلاد المسلمين  و يجب  و محاربتها و طردها و واجب الجهاد الذي أعلنته الجماعات شيعية و سنية –على حدا سواء- كلفت المحرر أكثر من 5000 جندي قتيل و تريليونات الدولارات و اضطرتها الى الخروج و الانسحاب من العراق  بعد أعوام ستة .
و أرى أن الولايات المتحدة قد استوعبت درس العراق و لن توقع نفسها في أوحال سوريا بعد تجربة العراق قبل عقد من الزمن ، و أن حكومة باراك أوباما الديمقراطية فكرت ملياً و تفكر قبل أن تقدم على أي خطوة من هذا القبيل ، و أنها تفضل الضربات الجوية لمطارات و منصات صورايخ نظام بشار , و إضعاف قوته الجوية و الصاروخية ليتسنى للمعارضة المسلحة الانتصار على الأرض ، و لتمنع النظام من استخدام أسلحة كيماوية أو بايولوجية .
فالكتائب المسلحة في سوريا معظمهم اسلامية و أقواها القاعدة (جبهة النصرة و الدولة الإسلامية في العراق و الشام) و ستواجه أي قوة غربية على الأراضي السورية و ستعتبرها صليبية محتلة و ليس محررة منقذة على نفس النمط العراقي ، و ستتكبد خسائر كبيرة و لوماً عالمياً و انتقاداً شعبياً داخلياً ، و هذا ما لا تبغيه أو تحتاج إليه الحكومة الأمريكية أو ترغب به  .
أما الضربات الجوية و إسقاط النظام دون التدخل على الأرض برياً  فهو أيضاُ خيار ليس بالسهل ، نظراً لتفكك المعارضة و عدم قدرتها على توحيد صفوفها –عسكرياً بشكل خاص- و إدارة البلاد بعد اسقاط النظام و منع حدوث فوضى و حروب  طائفة و عرقية ، و بالتالي فإن إسقاط بشار بالضربات الجوية على الطريقة اليوغوسلافية و ميلوسيفيج  ، سيدفع بالبلاد إلى شفير حروب و نزاعات و فوضى تطال المنطقة كلها و ستنقل الأزمة من حال إلى حال ليس بأحسن من سابقها ، مع التذكير بالانتقاد و اللوم و الاتهامات التي ستوجه للقوى المسقطة للنظام بالسعي إلى التفتيت و تدمير البلاد و ضرب بنيتها التحتية و إشعال حروب أهلية  و ما إلى ذلك من اتهامات عربية و إسلامية نظرتها للغرب عدائية  مهما فعله أو خطاه من خطوات لتحريره ، ولا ننسى  قوى منافسة على الصعيد العالمي و الحزبي الداخلي و المنظمات الإنسانية و الحقوقية .
و لا زلنا نتذكر الاتهامات للغرب و أمريكا بالتقصد في تدمير الجيش العراقي و اعتباره خطأ فادحاً حيث كان باعتقاد بعض المحللين و الحكومات هو القادر على ضبط الأمور على الارض بعد الإسقاط و عدم إفساح المجال للعصابات و الجماعات المتطرفة للتحرك و عرقلة عملية البناء و تكوين أسس الدولة من جديد . و الانسحاب الأمريكي من الصومال لنفس الأسباب و تركه في الفوضى منذ عقدين مازال ماثلاً للعيان .
 المسؤولية الأخلاقية و الإنسانية كبيرة و عواقبها أيضاً كبيرة للقوى العظمى و القائدة للمجتمع الدولي ، و أتوقع أن لا ينجر الغرب إلى تدخل بري ، و آخر حلوله ستكون الضربات الجوية و السعي لدعم كتائب و قوات معتدلة لتنتصر على الأرض ، و تسير الأمور بشكل طبيعي إما اسقاطاً كاملاً للنظام أو انتقالاً إلى ساحله العلوي و تحصين مواقعه و فرض التقسيم أو حكومة اتحادية و لو بعد حين ، في ظل صمت روسي و عدم انجرار إلى دعمه إلى مالانهاية كما حدث مع سلوبودان ميلوسيفيج الصربي الأقرب إلى الروس من حيث الدين (المسيحية) و المذهب (الأرثوذكسي الشرقي) و الجغرافية ( الأوربية الشرقية) و العرق(السلافي)  و التاريخ و القرب الفكري و الثقافي .
إذاً الضربات الجوية أفضل الحلول للغرب و أمريكا من قواعد و مطارات في تركيا (إنجرليك ) و قطر (السيلية و العديد) و من حاملات الطائرات في المتوسط و الخليج و باستخدام صورايخ توماهوك و كروز ، و حماية الدول المجاورة من  صواريخ النظام بوضع شبكة باتريوت متطورة على الحدود التركية و الأردنية – وهذا ما تم الاستعداد له قبل عام تقريبا – و احتمال إقامة منطقتي حظر جوي على حدود الدولتين .
أخيراً المستنقع السوري غائر جداً و لن تدخله القوات الغربية و لا الجارة و سيترك حسمه على الأرض ، و لن تنسى أمريكا الديمقراطية  نكران الجميل الذي ردّ عليها عرب العراق أيام حكومتها الجمهورية ، و سيظل الثنائي جورج بوش و طوني بلير (الأمريكي – البريطاني) تاريخاً  لن يتكرر يتحسر عليه من شعوب العالم المقموعة ، بانتظار جزء من خدمتهما من أوباما و كاميرون و هولاند .
 
 
 
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.