حوار مع الكاتب غسان جانكير

2013-08-22

 فقط أعرف كاتبا جيّر قلمه في خدمة قضايا البسطاء من شعبه, وكان هاجسه على الدوام إعادة التوازن الى اختلال مناحي الحياة الكثيرة

 
حاوره : عماد يوسف
 
لست أجيد التعريف بنفسي, سوى أني انتظرت أكثر من خمسة عشر سنة, بعد حصولي على شهادة البكلوريا, لأدرس الصحافة التي كانت قبل ذلك حكراً على البعثيين , و بعد تخرّجي بقيت عاطلا عن العمل في مهنة الصحافة لأني لا أحب التملق للحكومة, فعملت في عدة مجالات, لا تمتّ إلى الصحافة بصلة , والطريف أن تلك الأعمال أكسبتني خبرة حياتية تساعدني في نقل معاناة معظم فئات المجتمع .
 
– غسان جانكير من بساطة الحياة الاجتماعية في عامودا إلى الغربة .. ما سببها ؟ و تأثيرها في نفسك ؟
كانت و ما تزال عامودا بالنسبة لي مركز الكون, آثرت العيش فيها على مدن الداخل السوري, و حتى أوربا ما كانت تعني لي بشيء, سوى أن جمال طبيعتها يستهويني لرحلة سياحية خلال شهر, فأرجع الى عامودا وأكتب انطباعاتي عن تلك الرحلة . وحتى ذلك لم يحدث, كوني ( أجنبي ) في بلدي و مجردا من الجنسية السورية . كنت أرى في الهجرة هروبا من نظامٍ مافيوي لا راحة لي سوى في مناطحته . غير أن مجزرة قتل المتظاهرين التي حدثت في عامودا بتاريخ 27-6 2013 , من قبل قوات ypg , أحالني الى رجل تغتصب حبيبته أمام عينيه , فآثر الرحيل عنها على التألم لمواجعها , في تلك الليلة قررت أن واجبي تجاه حبيبتي عامودا هو كشف زيف ادعاءات المطبلين في إعلام ال pyd . فكان الرحيل .
 
– المقامة فن أدبي ساخر و جاد في آن ٍ واحد , امتاز غسان جانكير بكتابته و تجديده في هذا العصر ..
لماذا اخترت هذا النوع الأدبي ..؟ و ما صلته بواقع الحياة الكردية ..؟
وهل الحياة سوى سخرية على مِن يعلب بنواميسها؟. أنظر الى طاغية كاريكاتوري, والبلاهة بادية في قهقهاته , والمنافقون يصفون خطبه الفجة بالنهج القويم , وانظر الى منافقٍ آخر, يبيعك من الشعارات الوطنية تقصم ظهرك, وتراه يعتلي ظهرك أيضا, وهو موقنٌ أنك أُخذت بطول لسانه... هذه الشخصيات الكاريكاتورية أجدُ في رسمها الكثير من الجهد, غير أن اللوحة لدى انتهائها, و وصول الرسالة وفق المخطط لها الى المُتلقيّ, تُزيل عني الإرهاق المبذول في جمع تلك المُنمنمات .
 
- من أشعل الكتابة الساخرة في داخلك ، من لحظ موهبتك أولاً في هذا النوع وشجعك التوغل في مناحيها وثناياها ؟
هذا السؤال أرجعني الى ما قبل ربع قرن, حينها كانت الأحداث اليومية تسير برتابة قاتلة, وكنّا نعيش حالة ترف ثقافي, كنّا نلوذ بالكتب من الحر والبرد والجوع والإفلاس, فكان من حسن حظي أن أصبح أحد مُريدي الكاتب التركي الساخر ( عزيز نيسن ) , تعلمت منه كيف أُخرج البسمة من وسط المعاناة .
 
– (( حدثنا العطال البطال .. )) عبارة تبدأ بها كتاباتك .. ماذا تمثل لك هذه الشخصية ؟
معروفٌ عن شخصية العطال البطال في مجتمعنا, كثرة حديثه عن الناس , وقد تقمصت هذه الشخصية , حينما رأيت المنافقين يسدون الطرق أمام الأبطال الحقيقيين في الثورة السورية , فأردت فضح كل واحدٍ منهم على حدى . 
 
– الحركة الثقافية الكردية أصابتها نفس حالة التشظي في الحركة السياسية و متاهاتها ..
ما رايك بالوضع الثقافي في المنطقة الكردية .. ؟
بالقطع أعتبر كل صاحب مهنة أجاد مهنته مُثقفاً, وعلى هذا فالراعي الذي يُجيد إشباع أغنامه , وبرنّة صوت واحدة يجعلها تلتف حوله , أعتبره مُثقفاً , أمّا أن كان القصد هو الكُتاب والشعراء, فلا أعترف بحالة التشظي بينهم , فقط أعرف كاتبا جيّر قلمه في خدمة قضايا البسطاء من شعبه, وكان هاجسه على الدوام إعادة التوازن الى اختلال مناحي الحياة الكثيرة . 
 
– الكتابة عن الثورة و تطوراتها أخذت الكثير من نزيف قلمك منذ بدايتها .. كيف ترى وضع الثورة اليوم .. ؟
ذكّرتني بأول مظاهرة خرجت في عامودا, حينها خرج فقط المكتوون بنار النظام, النابهون للشعارات الفجّة التي يعتاش عليه النظام على مدى عقود, شيئاً فشيئاً دخل بيننا مَن كان مُتآلفاً مع الخذلان الذي رسمه له النظام, هؤلاء الذين كانت مقولة ( اللهم أسألك نفسي ) تُسيّر حياتهم, جلبوا تلك العقلية معهم الى المُعارضة, ليتهم بقوا على صمتهم, كما كانوا قبل الثورة.
 
-نشر الحوار في العدد الخامس عشر من جريدة بينوسا نو التي تصدر من رابطة الكتاب و المثقفين الكرد في سوريا


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.