حوار مع القنفذ الحكيم سوجي سترينرم حاوره : نبيل يوسف

2013-07-07

السير نحو قنفذستان هو المهم و ليس الوصول و السكن هناك

بالحرية سيقل أعداء الكورد .. و يكثر الأصدقاء.. سوريا أمامها ليل طويل

العقل ارتقى الى مستوى يحصل فيه بالحب على ما لا يحصل عليه بالحرب ..


Stiryê min diyarîne ji Bo ê ji wan hezdikim
 أنا في البعض من كل شيء

...
    هكذا عرفت نفسك في يوم ما ... فكيف تعرفنا على سوجي سترينرم أو القنفذ كما يحلو لك ؟-

كان هذا تعريف الكوردي في الحقيقة... انه جمال يأبى القبح أن يراه في النفس ..فيحاول نفيه .. و بذا تحصل كل المآسي التي تصيب الكورد .. و افظعها الخيانة .. آسف أخذتني الأحداث الجارية و طريقة السؤال
القنفذ ذو الأشواك اللينة متحول من البشر .. بعد أن أعيته البشرية أخطاءً و حماقات. هل تسمح لي أن أكون عل
ى سجيتي و تسامحني على لغتي
- تفضل .. أريد ذلك .. أن تكون بكامل راحتك يجعلنا نكشف ما يراودنا من تساؤلات
شكرا لك .. فتحولت لكائن لا يمت بصلة لأية أفكار مسبقة عنه .. فالقطط قد تعرف بالدلع كقطة النبيل ذو السيف الحبري و الحمار الرائع بالغباء و الغراب بالشؤم و النسر بالقوة ... فقط القنفذ .. يمكنك أن تلبسه ما تريد من المعاني و خاصة الإيجابية .. إنه و إن كان ذو شوك و لكنه لايؤذي أحداً بل يخلص الناس من كثير من الحيوانات الضارة .. ليست له وسيلة دفاعية سوى الشوك .. أي ان سلاحه دفاعي فقط و لا يؤذي إلا إذا اقتربت منه زيادة عن اللزوم ..
أستطيع تلخيص تعريف القنفذ بما يلي:
كائن يريد اخبار البشر أنه تركهم .. ليظهر لهم هول الغي الذي هم فيه .. و يريد تنبيههم بالشوك و يجب أن يتم هذا بلطف فكانت أشواكه لينة

 باعتبارك مؤسس لمملكة القنافذ, بماذا تنادي المملكة وهل ترى أن شعارتكم قابلة للتطبيق حالياً ؟-
ضاحكاً " لست من أسس هذه المملكة  ... لقد أسسها الإنسان الأول بالخير الذي يحمله  ... و كل الخيرين و القديسين الحقيقيين  ... المصلحين  ... الأنبياء  ... لقد غيرت الإسم فقط  ... تشيخوف يسميها مملكة الرب  ... أفلاطون يسميها المدينة الفاضلة أو جمهورية افلاطون  ... دوستوفسكي يسميها مملكة الطيبين و أنا سميتها قنفذستان  ... إذا هي التسمية الكوردية لمملكة السعادة
الحب و الخير و السلام .. هو طريق قنفذستان .. أن تتحمل الشوك في الأرض .. و لا تنشر سوى الزهر .. تصور لو رأيت مجتمعا كهذا . هذا يعني أنك لن تتلقى سوى الورد و الزهر .. و ستختفي الحاجة للأشواك بعد ذلك .. لقد نشرت ذلك مفصلاً في شروط الجنسية القنفذية في كوليلك .. فنحن قادرون على اختيار ما نفعله .. و الخير لا يجلب سوى الخير أما الشر فلا يجلب سوى الشر فلماذا لا نكون المرحلة التي ينقطع فيها الشر
- هل تعني أن نكبت غضبنا تجاه الإساءة .. تجاه الألم .. تجاه ما لا نراه مناسباً .. أليس في ذلك شر لنا و ألم أكبر لأنفسنا؟
هممم .. صدقت .. الكبت شر .. و لكن لو لاحظت أن أول خطوات الطريق إلى قنفذستان هو الحب .. إذا أحببت من حولك .. لن تضطر للكبت .. سترى أنك تسامحهم بعفوية .. و هل من الحبيب إلا المسامحة
- هذا من الحبيب .. ماذا عمن يعتبروك عدو .. و تعتبرهم أعداء؟
هممم .. قد يبدو ما سأقول غريباً .. و لكن لا بد من قوله .. في قنفذستان لا يوجد أشخاص أعداء .. توجد أخطاء عدوة و مشاعر عدوة جرائم عدوة .. يعني صاحب الضرر لك ليس عدو لك .. و انما فعله الضار هو العدو .. بينما هو مخلوق مثلك .. عليك مواجهة فعله الضار و تخليص نفسك منه .. بل و تخليصه هو نفسه منه
- كلامك جميل .. و لكنه يظهر كفلسفة غير مفهومة أو محاولة العيش في برج عاجي من الأفكار الرومانسية دون أن يكون لها صدى في الواقع؟
نعم .. إنه يبدو كذلك .. لذلك سأصور لك ذلك بمثال بسيط جداً .. إممممم: لو نطحك كبش .. فمن هو السبب
- هههههه الكبش طبعا
لماذا ؟
- لأنه حيوان و ليس له إدراك
أليس له قوانين يسير وفقها .. لو علمتها لتجنبت النطح .. إذا الكبش نفسه ليس السبب .. أنما سوء التفاهم بينك و بينه .. فاعتبرك خطراً و نطحك لو علمت أن تطمئنه لما فعل
- صحيح .. و ماذا عن أكباش البشر؟
ضاحكاً: لا فرق بينهم ..
هل ترى أن هذه المفاهيم قابلة للتطبيق؟
لا .. هاهاهاهاهاها .. المهم هو محاولة التطبيق .. السير نحو قنفذستان هو المهم و ليس الوصول و السكن هناك .. كلنا يعلم أن لاوجود للجنان في الأرض .. لكن الطريق الذي تسلكه من الحب و الخير و السلام .. و حينما تقتنع و تؤمن ايمانا مطلقاً أنك قادر على رسم لوحة الحياة المحيطة بك .. تلك هي قنفذستانك .. سترى انها كانت موجودة .. إنها أقرب مما تصورت .. أجمل مما تصورت .. أروع مما تخيلت
- ينتابني سؤال أرجو أن لا تعتبره شخصياً و لك حرية الإجابة عليه .. هل تعتبر نفسك قد وصلت أو في الطريق الصحيح لقنفذستان؟
ليس بعد .. أعتقد أنني أقرب للسير فيها من الماضي .. أرى الدرب .. و لكن السير فيها يتطلب الكثير من الصبر و التدريب .. فقط تصور أن تخلص نفسك من الكره .. و أن تحب كل ما حولك .. و من حولك .. تصور هذا .. كم يحتاج من التدرب
!!

- الغرابة و الخروج عن المألوف من أهم السمات في كلماتك بل وحتى يحتاج القارئ أحيانا الكثير لفهم كلماتك بالشكل الصحيح ما الدافع وراء ذلك ؟
.. أشعر أحياناً أن البشرية استنفذت المصطلحات الطيبة و الإنتماءات النبيلة .. فلم يعد هناك مصطلح إلا و دنسه البعض بالنفاق و أولها الإنسانية و من ثم الدين و القومية و المكان و و كل شيئ .. و كنت أبحث منذ زمن بعيد عن كيف أعبر عما أريد دون أن يرتبط ذلك بسوء .. أو يعتبره البعض شيئا معروفا مسبقاً .. هل تفهمني؟ .. أقصد انني احاول أن يشغل القارئ ماكنة عقله و يوزن الأمور و يقارن بها و هو من يعطي القرار دون أن يؤثر عليه مجتمع أو انتماء سابق .. و في الحقيقة أحيانا أرى أن هذا كل ما استطيع فعله في سبيل تبسيط ما أعني و لا أستطيع التبسيط أكثر ..
  يتميز أسلوبك بالسلاسة و هي تتغلغل في أعماق القارئ , بمن تأثرت أكثر ممن قرأت لهم ؟ -
أرجو أن يكون شعورك بالسلاسة أكبر من شعورك بالغرابة الذي في السؤال السابق .. هاهاها .. أنت تعلم بمن تاثرت أكثر .. إنه تشيخوف ..أعتقد إنه معجزة الأدب .. أن تنقل أعظم لأفكار بأبسط الحوادث .. الأدب الروسي كله ملك الآداب العالمية .. و لكني فضلت تشيخوف على تولستوي و دوستوفسكي و غوركي و غوغل و غيرهم .. شيكسبير كلماته مسرحية أكثر . صوته عال و أمثلته صارخة .. ذكرته لأظهر ميزة تشيخوف الذي يتسلل فعلاً إلى داخلك ليؤثر: يرسم و يبني و يهمس و يغني .. بكل هدوء و سكينة

   البشر في أحد تصنيفاتك في زمن الثورة قد تحولوا الى اسود و ثعالب و غربان و ذئاب ... أين تصنف القنفذ ؟  -
مبتسماً .. الأجوبة التي تخطر على بالي تثير ضحكي .. أعتقد أنه يبقى قنفذ .. يشوك كل المتحولين السابقين و يدفعهم لقنفذستان
- معروف عنك تنادي بالتغيير و التنوير و قد شغل هذا حيزاً مهماً في كتاباتك ... هل نجحت في ان تأثر ذلك بمن يحومون حولك ؟
بالتأكيد .. إني أرى هذا رؤية جلية .. رغم ان عدد المتقنفذين قليل .. إلا أن قلوبهم العامرة بالمحبة و الخير و السلام ستشع على من حولهم لتلهم آخرين و آخرين

  ماذا تتوقع من سيناريوهات حسب واقع الحال الكردي في الوضع الراهن ؟-
أها .. صرنا في مسميات الواقع .. في الحقيقة لن أتوقع .. فالأمر يختلف عن مباراة كرة القدم .. و لكن شبكة الأرصاد الجوية و التي تتحكم في خطوط الخرائط و الكراسي رسمت كل شيئ .. بقي أن أقول أن الزمن مجهول .. و لكن النتائج واضحة .. التفاصيل كثيرة و متغيرة يومياً .. ولكن البناء معروف الشكل .. الكورد سيحصلون على ارضهم و حقهم .. و كل هذه المعاناة .. و ما سيأتي بعدها أيضاً .. ستكون مؤقتة .. و سيتمتعون بالحرية .. و لكن تخلصهم من شعور العبودية .. و خاصة عدم الرضا سيستغرق زمناً أطول .. لكن سوريا أمامها ليل طويل ..
سيقل أعداء الكورد .. و يكثر الأصدقاء
ماذا بالنسبة للخلافات الكوردية الكوردية؟
كلنا يتمنى أن يتم الاتفاق على الحب و الخير و السلام .. لكني أتوقع أن تثير النفس المشربة بالعبودية الخلافات و يتم صراع ما .. .. أرأيت ما يمكن أن تفعله العبودية .. أرأيت ما يمكن أن يفعله الخوف و الحقد في نفوس البشر
.. كم هذا محزن .. و كم هو رائع أن يتخلص البشر منها
  هل ترى ثمة من يمكن أن يعول عليه في قيادة المرحلة المقبلة في المنطقة الكردية-
كنت أتمنى أن يكون السؤال .. هل يمكن للشعب أن يتحمل السير بسفينته نحو بر الأمان في هذه المرحلة .. فالوعي المجموعي هو من يضع القائد .. و الكورد ككل شعوب الشرق الأوسط و الأدنى يتأثر بالرموز .. و يقدسها في صوفية غريبة .. و لكن أريد أن أطمئنك .. و لك حق الإطمئنان أو عدمه " مبتسماً " إن الجهة التي تتحكم بشكل هادئ و دون ضجة أهل و كفؤ لقيادة هذه المرحلة .. و لكن كم أحب أن يلتفت الشعب إلى بناء الدولة الكوردية اجتماعيا و اقتصادياً .. مدنياً و مؤسساتيا .. أن يتكاتف و يحب بعضه بعضاً .. ينظف امام بيته و يقتصد في الطاقة لأنها شحيحة و يحتاجها الغير .. أن يصبح تفكيره تفكيراً اجتماعياً لا فردياً .. يقدم مصلحة الدولة الكوردية .. يحترم مصادر الاقتصاد و يحث الناس على ذلك .. أتمنى أن تؤسس جمعيات و تنسيقيات مثل: جمعية المحافظة على المياه .. تتكون من اعلاميين يعلمون الناس استهلاك المياه و طرق توفيره و استخراجه .. و مثله في الكهرباء و تنظيف الشوارع .. رعاية الابداع بين الشباب و المخترعين ..تنسييقية المهندسين الزراعيين للاهتمام بالمحاصيل في زمن الثورة و زراعة الحدائق و تعليم الناس على العيش بحب مع النبات .. تنسيقية مهندسي الكومبيوتر .. لترشيد الناس استعماله في زمن الثورة و ما بعدها و الاستفادة من الشباب في تخديم ما يلزم للكورد .. و هكذا .. و أتركو السياسة مشان رب القنافذ .. فلنا منهم كثرة كزبد البحر .. أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت
   هل من كلمة أخيرة تتوجه بها الى محبيك و هل من شيء تخصنا به عن نفسك ؟ -
أحبكم .. لا تبحثوا عن شخصية القنفذ .. لأنه أبقى و أكثر تأثيراً و هو قنفذ ..
ريشة حياتكم بأيديكم .. فلونوها بما تريديون من ألوان
أحبوا أنفسكم .. هل تعلمون مقياس حبكم الحقيقي لأنفسكم .. ابحثوا عمن تكرهونه .. و حينما لا تجدونه .. تكونون أحببتم أنفسكم بحق
فكروا بالخير طوال الوقت و انتقلوا اليه كلما انزعجتم من شيئ

لا شيئ في العالم يبرر القسوة و الحروب .. لأن العقل ارتقى الى مستوى يحصل فيه بالحب على ما لا يحصل عليه بالحرب .. و إن لم ندر كيف فذلك قصور في عقلنا لا يدل سوى على كم نحتاج من التدرب لنصل إلى ما نريد .


شكرا لكم

 



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.