حوار مع حسان أيو الناشط في مجال العدالة الانتقالية

2013-06-05

 حاوره : عماد يوسف

حسان أيو .. مدرب في مجال حقوف الانسان –حاليا مدرب في ما يخص العدالة الانتقالية
عضو مجلس الأمناء في لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الانسان في سوريا
عضو في مجموعة الجندر( المساواة النوعية بين الرجل والمرأة ) في الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان .. عضو الهيئة الادارية في الشبكة الاشورية لحقوق الانسان .عضو في شبكة العالم للمراقبة الانتخابات ..
 
 
– لكل مرحلة تاريخية ضروراتها في الترويج لفكرة معينة .. كونك ناشط في مجال العدالة الانتقالية ما ضرورة نشرها بين الناس و التعريف بها ؟
• سؤال هام جدا ، فلكل مرحلة من مراحل التاريخ أفكارها الخاصة بها وعلى اعتبارنا نمر في مرحلة الانتقال ، أي انتقال من حالة الى حالة أخرى من مرحلة الاستبداد إلى مرحلة الديموقراطية الناشئة ، تسمى اصطلاحا العدالة الانتقالية والذي يعتبر الجسر التي تعبر عليه الديموقراطية ، فلا بد من تهيئة المحيط لتسليط الضوء على أهمية العدالة الانتقالية ونشر ثقافتها بين الناس ، كونهم هم العصب الأساسي والعنصر المهم في تطبيق آليات العدالة الانتقالية 
 
– مفهوم العدالة الانتقالية مفهوم مركب و حديث العهد في بلادنا .. ماذا يعني هذا المفهوم , و ما آليات تطبيقها ؟
•مفهوم العدالة الانتقالية ليس حديث العهد ، فلقد ظهر مفهوم العدالة الانتقالية بعد الحرب العالمية الثانية ، لكنه بالنسبة لنا هو حديث العهد ويعتبر مفهوم العدالة الانتقالية الجسر التي تعبر عليه الديموقراطية وهي مجموعة من الآليات الواجب تطبيقها في أعقاب التحول من النظم الدكتاتورية إلى الديموقراطية الناشئة وذاك بهدف مواجهة إرث من انتهاكات حقوق الانسان في العهد السابق والعمل لمنع تكرارها في المستقبل
 
– لكل شيء هدف و لكل هدف استراتيجية لتحقيقه ..
ما هي الاستراتيجية التي تقوم عليها العدالة الانتقالية و أهدافها ؟
•للعدالة الانتقالية أهداف عديدة مترابطة مع بعضها البعض فمن أهداف العدالة الانتقالية كما ذكرنا في سياق الحوار بأن العدالة الانتقالية تواجه إرث من انتهاكات حقوق الانسان في العهد المراد مواجهته إذا هناك انتهاكات وهذا يعني بأنه هناك جناة وهناك ضحايا فمن اهداف العدالة الانتقالية وقف تلك الانتهاكات ، مع الاصرار على فتح ملفات الانتهاكات السابقة من تلوث أيديهم في ممارسة تلك الانتهاكات لتطبيق العدالة الانتقالية والتحقق من تلك الانتهاكات ، ومعاقبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات ، وتعويض المتضررين من تلك الانتهاكات ، و نشر السلام الدائم والمحبة والتي تمهد لما هو أهم وهي نشر ثقافة المصالحة الوطنية والفردية من خلال التسامح والغفران .
أما بما يخص الشق الآخر من السؤال حول استراتيجيات العدالة الانتقالية فمن المؤكد بأنه لكل هدف استراتيجية وآلية للتطبيق فمن استراتيجيات العدالة الانتقالية تنقسم إلى قسمين :
استراتيجيات الغير قضائية 
استراتيجيات قضائية 
الاستراتيجيات الغير قضائية 
 
وتنطوي في داخلها على استراتيجيتين وهما :
1- الإصلاح المؤسسي :
نعني بهذا إصلاح المؤسسات التي كانت من قبل تقوم بتلك الانتهاكات والتي عادة ما تكون مؤسسات عسكرية وقطاعات أمنية ومؤسسات قضائية ... إلخ ، ويكون هذا الإصلاح عن طريق تطهير تلك المؤسسات من الموظفين الفاسدين إلى جانب وضع تشريعات جديدة تحد من استخدام السلطة في عمل انتهاكات جديدة من الأعضاء الجدد في المؤسسة
- التعويض" جبر الخاطر":
تنطوي هذه الاستراتيجية على نوعين من التعويض :
تعويض مادي حيث تقوم الدولة بإعطاء تعويضات مادية للمتضررين أو لأسرهم .
تعويض رمزي حيث تقوم الدولة بوضع تعويضات رمزية للمتضررين من اعتذارات رسمية أو تخليد ذكري أو عمل نصب تذكاري ...
استراتيجيات قضائية :
تشمل نوعين وهما :
1- دعوى جنائية :
حيث يتم عمل تحقيقات وفتح ملفات قضائية مع مرتكبي الانتهاكات، وهناك أمثلة عدة على تحقيق هذه الاستراتيجية مثل محاكمات نورمبرج للنازيين عقب الحرب العالمية الثانية ، والمحاكمات الخاصة التي جرت في سيراليون .
2- لجان تقصي الحقائق :
وهي عادة ما تكون من قبل مؤسسات غير قضائية تقوم بتشكيل لجنة لدراسة قضايا ما وتصدر تقارير خاصة وتوصيات لمعالجة تلك الانتهاكات .
ولكن هناك اختلافات حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجيات تطبق منفصلة أم أنها متكاملة ؟، ولكن من وجهة نظرنا نجد أنه من الضروري أن تحقق تلك الاستراتيجيات بطريقة تكاملية فلا يعقل أن يتم الاعتراف بالانتهاك دون ما يتم تعويض المتضرر منه ولا يعقل تعويض المتضرر منه دون معاقبة القائم به .
 
– ما هي المعوقات التي تعترض سبل تطبيق العدالة قبل المرحلة الانتقالية في سوريا و خلالها ؟
•تواجه العدالة الانتقالية معوقات وإشكاليات متعددة منها ما هو سابق على مرحلة التنفيذ ومنها ما يرتبط بآلية التطبيق من حيث الإجراء والموضوع والمعالجات 
هناك حسب مما ورد في العدالة الانتقالية وآليات تطبيقها الآلاف من ملفات الانتهاكات وملفات الفساد الإداري والسياسي وكل ذلك يتطلب جهد ووقت للحصول على الأدلة وتقديمها للعدالة بموجب استراتيجيات العدالة الانتقالية وكذلك لما يتميز به الوضع السوري من خلال حوارنا تطرقنا إلى أنه العدالة الانتقالية مصطلح حديث العهد وعلى اعتبار سوريا من الدول التي لها خصوصية من خلال تواجد مكونات عديدة من عرب وأكراد وأشور وشركس ومسيحيون أي يأتها موزعة بشكل أيديولوجي وقومي وديني ووجود تيارات متعددة ومن هذا المنطلق توجد معوقات كثيرة تواجه العدالة الانتقالية ومنها على اعتبار اجراءات قضائية وغير قضائية التي تطرقنا إليها فهناك صعوبة في تطبيق آليات العدالة الانتقالية كونها بما يخص عمليات الاحصائيات المتضررين وفتح ملفات القائمين بالانتهاكات يتطلب وقت طويل وبات يعرف الجميع ما يحصل لسوريا اربعون عاما من الاستبداد والقهر والدولة الامنية وتواجد شريحة مستفادة من النظام كل هذه ملبسات تقف معوقات في تطبيق آليات العدالة الانتقالية 
 
– ما التحضيرات التي قامت بها المعارضة السورية و النشطاء في مجال العدالة الانتقالية ؟
•على اعتبار العدالة الانتقالية مفهوم مركب وشائك ومعقد ، كانت هناك مبادرات من منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان في تسليط الضوء على العدالة الانتقالية من خلال عقد دورات وورش عمل واستبيانات حول العدالة الانتقالية ومنها المركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوري وايضا عقد المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية مؤتمرا مخصصاً لموضوع العدالة الانتقالية في سورية تحت عنوان "ضمانات العدالة للضحايا والمحاسبة لمرتكبي الجرائم : مسار العدالة الانتقالية في سورية" وذلك في مدينة استانبول – تركيا من 26 - 27 كانون الثاني/يناير2013.
قد تم الاعلان عن تأسيس اللجنة الوطنية التحضيرية للعدالة الانتقالية بهدف بناء البرامج والخطط المستقبلية لإنجاح مسار العدالة الانتقالية في سورية المستقبل بمشاركة عدد كبير من القضاة والمحامين والمعتقلين السياسيين السابقين ونشطاء حقوق الإنسان السوريين والشخصيات العامة ، وقد تشكلت اللجنة التحضيرية من السادة والسيدات التالية أسمائهم (جرى التحفظ عن إعلان أسماء الشخصيات التي ما تزال داخل سورية لأسباب تتعلق بسلامتهم الشخصية
هي مبادرة للمجتمع المدني السوري بهدف بناء البرامج والخطط المستقبلية لإنجاح مسار العدالة الانتقالية في سورية المستقبل، لضمان إحقاق العدالة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين السوريين، إذ لا يمكن أن يستمر نظام الأسد في ارتكابه لهذه الجرائم دون إمكانية المحاسبة والمساءلة.
تتركز مسؤولية المجتمع المدني في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم على الأرض السورية من قبل كل الأطراف سواء على المستوى الوطني أو الدولي بهدف إنصاف الضحايا وضمان تحقيق العدل وإرساء مبدأ المسؤولية والمحاسبة وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب
إن تحقيق العدالة الانتقالية هو السبيل الوحيد الذي يضمن إنصاف الضحايا وبنفس الوقت يفتح الطريق لتحقيق المصالحة الوطنية، التي بدونها ستكون سورية عرضةً لمزيد من الاحتراق وإراقة الدماء مدفوعة بمشاعر الانتقام. كما ان العدالة الانتقالية هي ضرورية لإعادة تأسيس الوطن على أسس شرعية قانونية وتعددية وديموقراطية في الوقت ذاته.
 
وقد تأسست اللجنة كمتابعة لنتائج مؤتمر "ضمانات العدالة للضحايا والمحاسبة لمرتكبي الجرائم: مسار العدالة الانتقالية في سورية" والذي عقد في مدينة استانبول – تركيا من 26 - 27 كانون الثاني/يناير2013.
تتألف اللجنة من أهم نشطاء حقوق الإنسان والقضاة والمحامين والمعتقلين السياسيين السابقين والشخصيات العامة ، الذين كان لهم دور تاريخي كبير في سورية في النضال من أجل العدالة وحقوق الإنسان .
 
- ما مدى تأثركم بالتجارب التي قامت على الساحة إن كانت عربية أو عالمية بهذا الصدد وأنتم بشأن الانتقال ؟
*  طبعا هناك تأثير بتجارب العدالة الانتقالية بالدول الاخرى ، فهناك 30 تجربة للعدالة الانتقالية من أهمها تجربة تشيلي والأرجنتين وبيرو والسلفادور ورواندا وسيراليون وجنوب إفريقيا وتيمور الشرقية وصربيا واليونان. 
وفي الدائرة العربية ، تبرز تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة كمثال يستحق التقدير، لاسيما وأن هذه التجربة ارتبطت بشكل أساسي بتوفر إرادة سياسية شكلت أرضية للإصلاحات التي انخرط فيها المغرب منذ تسعينيات القرن الماضي، ويرى البعض أن القيمة الأساسية التي تميز التجربة المغربية في مجال  العدالة الانتقالية تتمثل في "عنصر المشروعية". وهو ما أثبت إمكانية تحقيق العدالة الانتقالية من داخل السلطة، خصوصاً بإشراك المعارضة التي كان في مقدمتها عبد الرحمن اليوسفي الذي تم تعيينه رئيساً للوزراء وفتح ملفات الانتهاكات وفيما بعد تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة وتعويض الضحايا والعمل على إصلاح وتأهيل عدد غير قليل من المؤسسات .
 
- هل ثمة خطة تهدف إلى وضع محددات دستورية قانونية  ورسم سياسات بما يحقق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية
* هناك ثمة أبحاث ودراسات من قبل مختصين ومن خلال الهيئات التي تطرقنا لها في سياق حديثنا تقوم بوضع محاورها الدستورية والقانونية للعدالة الانتقالية تهدف لرسم ووضع قوانين تراعي فيها إمكانية تطبيق آليات العدالة الانتقالية ..
 
ملاحظة : نشر الحوار في العدد الثالث عشر من جريدة بينوسا نو
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.