عماد يوسف : حوار مع الكاتب خليل كالو .. الكرد شعب بلا قيادة و بالتالي لم يدخلوا الثورة حتى يقفوا على الحياد

2012-09-17

حاوره : عماد يوسف 

خاص بموقع كوليلك
- خليل كالو ليس نجما سينمائيا حتى ينحب أو يكره فله رسالة يؤديها  وجدانياً 
- الكرد شعب بلا قيادة وبالتالي لم يدخلوا الثورة حتى يقفوا على الحياد 
- وكل الذين ينزحون ليس لهم أهداف ومطامح سياسية لا قبل الأحداث ولا بعدها 
- الجميع يبحث لنفسه عن موطئ قدم ونفوذ شخصي وحزبي والخاسر الوحيد هو الكردايتي 


       
      خليل  كالو هو شخصية عادية وبسيطة جداً على عكس ما يوحي كتاباته . ذو منبت فلاحي وما زال يعيش حياة القرية الكردية البسيطة ومتأثر بثقافتها .أخذ نصيبه من الثقافة والتراث الكردي القروي الأصيل إلى حد ما .فوجد من خلال معرفته بالواقع المعاش الكردي وتعثره والتفاعل معه منذ ثلاثين عاما تقريبا  بأن خللا بنيويا ما قد أصاب الشخصية الكردية فأخرجه من مساره الصحيح ومن ذلك الوقت و هو منشغل بالقضايا الكردوارية وخاصة في مجال الترجمة من وإلى الكردية والعربية .
 يكتب المقالة الفكرية والنقدية وأحيانا الثقافية باللغتين الكردية والعربية  واتخذ له حقلا للكتابة منذ سنتين في النقد السياسي والفكري والموروث الثقافي البالي وفي الشأن الكردواري دون غيره  ومقالاته لا تخلو من السخرية والفضح والتعرية لسلوكيات وممارسات ترتكب من قبل النخب الكردية المتنوعة .
خريج جامعة دمشق ـ جيولوجيا التطبيقية ومفصول عن العمل  .  

 
–  قيل : يسعى خليل كالو إلى إنشاء مدرسة فكرية و ثقافية خاصة به , بمصطلحاتها و مفاهيمها , أدت به إلى حد التعالي على المشهد الثقافي الكردي و نعته لها     بألفاظ سوقية لا تناسب قيمته الفكرية و الابداعية .. ماذا تقول لهؤلاء ... ؟

 طبعا هذه الأمر صحيح لأن الفكر السائد نمطي وغير منتج حتى الآن وأثبت فشله ولا بد من تغيير ورفض لكل معوقات المجتمع المدني ولا نعمل في مجال الأدب والمقالة الأدبية حتى يلومنا البعض على شكل الكلمة وانتقائها سواء جاءت سوقية أو مدنية حسب مزاج البعض لأننا جميعا سوقيون ومن بضاعة ثقافية سوقية واحدة ومعروضون في سوق واحد كما أننا نعمل في حقل الحراك السياسي والنقد الساخر والحاد ولي أسلوبي الخاص الذي يغلب عليه ثقافة القرية ومفرداتها المتداولة وبعض من القسوة ونحن نتقصد في ذلك .ولدي إيمان بوجوب أن يكون هناك كلمة صاعقة والنقد بالصدمة من أجل التغيير والحداثة ورفض التراث البالي وإحياء الصالح منه ضمن حركة تنويرية ثقافية شاملة وبالمقابل هناك من يروج للثقافة والفكر الرجعي الذين يقفون أمام حركة التطور بالمرصاد بكل الأشكال للحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم المادية والمعنوية ونحن الآن نحارب على جبهة التخلف وصراع أشبه بالحرب الشاملة يستخدم فيها كل صنوف الأسلحة الفكرية والثقافية والحجج والبراهين على صلاحية الجديد وعجز القديم .
 أما بالنسبة للمشهد الثقافي الكردي بشكل عام فهو غير منتج للجديد ومعوق كونه متخلف عن ركب العلم والمعرفة ووعي الذات الكردية ونمطي وعقيم التأثير على الرأي العام وتغييره  ولا يتماشى خطابه مع العصر ولا مع الرسالة المطلوب أداءها من قبل المثقف والثقافة الكردية بل على العكس نحن نكتب عن الواقع كما هو وكما يجب أن يكون دون مواربة ومجاملة ودبلوماسية كي لا يفقد الحوار نكهته الطبيعية و يفهمها القارئ بلغة ثقافة موروثه الفكري حتى يحس مباشرة بنمط وطبيعة الثقافة و السلوك الذي ينتهجه .هذا الأسلوب النقدي الساخر على الطريقة القروية كمنهج نتبعه أحيانا  في مواضع معينة وحسب الموقف ونتقصد في تزيين المقالة بكلمات شعبية من الحكم والأمثال الكردية فليكن سوقية وأين الخطأ لأن الخطاب مرسل إلى مجتمع غير متحضر سياسيا وثقافيا وفكريا والمنقود  قد ثخن جلده بحيث لا يخترقه طلقة بندقية برنو فكيف بالكلمة الرقيقة والنقد الموضوعي الهادئ فلكل ثقافة وسلوك له خطابه ونقده الخاص به في الأزمات والظروف الطارئة  ونحن الآن في أزمة وعند مفترق طرق وأغلب المجتمع الأهلي الكردي هو ذو ثقافة سوقية فلا يمكن مخاطبة ونقد مثل هكذا ثقافة بثقافة أوربية وخطاب يخالف سيكولوجية المتلقي لأن درجة الفهم والتأثير يجب أن تؤخذ بالاعتبار وخاصة إذا كان الخطاب المرسل هو نقد ساخر وتعرية وفضح لمسالب وموروث بالي . فالبالي لا يمجد ولا يحترم .
 
–     يعلم خليل كالو أن القارئ و المثقف الكردي لم يرتقِ إلى حد معرفة مفهوم النقد و هو الحقل الذي ينشط فيه كالو مما جعله منبوذاً أو غير محببا ً لدى الكثير من فئات الشعب الكردي ..
      فهل لك أن توضح للقارئ الإطار و المنظور الذي تعمل فيه ..؟

 لا يوجد مثقف كردي بالمعنى الحقيقي للمثقف والثقافة ربما هناك قلة قليلة ولست مثقفا كما يجب مقارنة مع حجم القضية الكردية ولا أصنف نفسي من النخب المنورة والرائدة للحداثة والتغيير بل مجرد مدون لآراء ومشاهدات ميدانية وصوت من لا صوت له وهناك متثاقفون ومثقف كلاسيكي وحملة شهادات فهؤلاء لا يندرجون في حقل الثقافة إلا من ينتج الثقافة والفكر ويسعى إلى التغيير بل الكثيرون منهم مروضون كقرد السيرك من قبل السياسي لأداء بعض الأدوار وهذا المثقف مثقل بالخطايا لهذا هو ذاته محل النقد وبحاجة إلى التغيير وإلى من يغيره فكيف به كي يكون ناقدا ومغيرا لثقافة مركبة وموروث فهذه أزمة يعيشها المثقف المزعوم ومرض يلازمه وليس له نية التخلص منه وليس ربيعه الآن .
خليل كالو ليس نجما سينمائيا حتى ينحب أو يكره فله رسالة يؤديها  وجدانيا ضمن الحراك الكردي العام ألا وهي الكتابة في الشؤون الكردية والحداثة وزرع الشك للوصول إلى الحقيقة ضمن مشروع فكري وثقافي لم يتبلور ملامحه بعد  لسبب بسيط جدا لأننا نعمل بمفردنا  حتى الآن ومثل هكذا مشاريع تحتاج إلى جمع وشجاعة وموقف ومؤسسة راعية .فهناك من هو راض عن أدائنا وآخرين لا وهذا أمر طبيعي ألا يتقبل المنقود من المتخلفين وممثلي الفكر والثقافة الرجعية الكردية والأميين القوامين على الشأن الكردي هذا النقد اللاذع  بسهولة ويستسلم وليس فيه من شذوذ وهم يدركون تمام الإدراك بأننا نخرب عليهم أعشاشهم ومضاجعهم  ولا يهم كثيرا إن غضب هذا وذاك وهم قلة قليلة وبالمقابل فإن الطرف الآخر له وسائله وأدواته الدفاعية ولكنها ذات طبيعة متخلفة لا يتجاوز التشهير من خلال تعاميم داخلية خاصة وبأسلوب قروي متخلف ونبذ الجديد باستغلال سذاجة وبساطة المجتمع ومشاعره القومية ونمط الثقافة السائدة في نفوس وعقول الناس وأن منهج التفكير لدى هؤلاء بالي ومستهلك و قد عفا عليه الزمن .  
 
– حضرتكم من الذين خبروا الحركة الثقافية الكردية و لكم انتقادات لاذعة عليها ابتداءً من رأيكم بالمثقف و انتهاءً بالمشهد الثقافي الكردي في ظل نظام استبدادي ..
فما دلالة توقيت نشوء و تنشيط المراكز الثقافية و الحزبية الكردية اليوم .. ؟

المثقف الكردي ما زال في طور التكوين وجله كلاسيكي غير منتج للتطور وجبان والبعض طارئ على الثقافة الكردية مثل السياسيين الجدد فهو حتى لا يجيد الكتابة والتكلم بلغته الأم فكيف يكون مبدعا ومنتجا للثقافة الكردية أي أمي بمقاييس عوامل تكوين ومقومات الأمة الكردية ألا وهي اللغة فهو مثقف قوميا بلا لغة وأن الموجود هو خليط ومركب من بقايا ثقافات نصفها تالفة ومستهلكة وفاشل حتى الآن  .من حيث المبدأ لا اعتراض ايجاد أو تشييد مركز ثقافية كردية ولكن المقاربة والنية ليست سليمة مع العلم أن القديم لا يمكن أن ينتج إلا نفسه وبطريقة أخرى هذا باختصار شديد جدا وقد كتبنا الكثير من المقالات في هذا المجال وما كل بؤس وشقاء وضياع الكرد مرده الخطاب الكلاسيكي التضليلي من ممثلي القومية البدائية والحزبوية فهذا  السلوك المغرض مرفوض بمقاييس التطور جملة وتفصيلا . أما التوقيت جاء طبيعيا وليس فيه شيء من الشذوذ حيث تزاوج مصالح النظام مع الحراك الكلاسيكي الحزبوي في زمن يحتاج النظام إلى تهدئة الأوضاع في المناطق الكردية فهناك سياسة غض الطرف عما تقوم به هذه الأحزاب والشباب من فعاليات لا تضر النظام على الأقل في الأفق المنظور.  
 
–  اتخذ الكرد الحياد في نهجهم تجاه الثورة و لم يشتركوا مع باقي السوريين في عسكرة الثورة بعد أن فقدوا الأمل بالتحرر السلمي ..
      فما منافع و عواقب ذلك برأيكم ..؟

الكرد شعب بلا قيادة وبالتالي لم يدخلوا الثورة حتى يقفوا على الحياد أو يقوم بعسكرة ذاته وهذا ما أثبته الأيام فكل ما في الأمر كانت هناك مشاعر جياشة راغبة في التغيير وقد شارك بعض من الشباب المظاهرات في البداية دعما ومشاركة وجدانية أما الآن فهناك كتل و تحالفات تعتقد أنها تستطيع الضحك على الثورة السورية من خلال بعض الحركات الاستعراضية للاستهلاك المحلي وهم متهمون من الطرف الآخر بالتواطؤ مع النظام . 

 
–     تشهد المناطق الكردية حركة نزوح كبيرة مبالغ فيها نحو إقليم كردستان بالرغم من عدم تعرضهم إلى القمع و الاعتقال كباقي المناطق السورية ..
      فمن المستفيد من هذا النزوح .. ؟

  المستفيد هو النازح ذاته إذا فاز في رحلته وإن خسر فلا فارق فالأمر سيان بالنسبة له وأعلب النازحين من البؤساء والفقراء الكرد هربوا من ضنك العيش للبحث عن فرصة عيش أفضل وليس من الخوف أما لماذا هذا الهروب الجماعي. فهي نتاج تربية وسلوك تعوّد عليها الناس وتقاليد متوارثة عن السلف بعدم ارتباط الكردي بالأرض وهذا بالطبع دليل ساطع على أن السياسة الكردية الراهنة والمعاصرة  لم تؤثر على رأي الناس في هذه المسالة المصيرية ربما للبعض الآن من سبب مقنع بعد أن فقد الكثير من الشباب والعائلات فرص عملهم ومكان إقامتهم في الداخل السوري وأصبحوا بين ليلة وضحاها مفلسين وبلا عمل وكل الذين ينزحون ليس لهم أهداف ومطامح سياسية لا قبل الأحداث ولا بعدها ولكن تبقى السياسة هي السبب في نزوحهم .
–  ما رأيكم بالتغطية الإعلامية للحراك الثوري في المناطق الكردية و أثر ذلك على التصور العام لدى الشعب السوري عن الحراك الكردي الوطني ..  ؟

لا إعلام بالمعنى الحقيقي بل هنا حراك خجول وبدائي أو حتى معدوم حيث الطاقات مبعثرة ومستقطبة كما هو حال المجتمع الكردي  وهناك محاولات جادة من بعض الهواة حيث استهوتهم الفكرة والنجومية والخدمة وهذا أيضا حق شخصي  وطموح مشروع  ولا تدار مسألة الإعلام الكردي  بمهنية بل تعكس حالة النخب الثقافية والإعلامية السائدة  فالمتخلف والقديم لن ينتج إلا نفسه وفاقد الشيء لا يعطيه .فليس من صواب التفكير والاقتناع والتأمل من التخلف بأنه يمكن ينتج التطور والحداثة وأنه يمكن أن يكون المرء عصريا في جانب منه ورجعيا في جانبه الآخر فالمتخلف هو المتخلف أبداً .

–  يتهاوى اتفاق هولير بين طرف يستنجد لتنفيذ بنوده و طرف يصفق له و يدعي العمل تحت مظلته ...
       فما مدى نجاح اتفاق هولير .. ؟ و ما مدى تماسك و قوة أي اتفاق كردي كردي ..؟

 هناك طرف ضعيف ومشتت وهو المجلس الكردي بسبب كثرة أفراد أسرته وليس له مرجعية وبرنامج واضح وصريح بل جاءت تشكيلته لملمة على الطريقة العشائرية وطرف آخر يجد نفسه أقوى وله مرجعية واحدة ويمتلك على الأرض  قوى بشرية منضبطة ومتشددة في عقيدتها وتسعى إلى بسط نفوذها على المناطق الكردية وإن تشكيل الهيئة الكردية العليا في الخارج دليل عجز وعدم أهلية لقيادة المرحلة ويعتبره الطرف القوي مكسبا له وبمثابة حسن سلوك كردستاني ولن يتقاسم مع الضعيف ما لم يرتق الضعيف كي يصبح شريكا إلى نفس السوية فالسياسة تديرها الأقوياء وليس للضعيف من حساب حتى لو كان كرديا .ويعتقد الطرق القوي بأنه يستطيع تنفيذ بنود الاتفاقية لوحده وهذه هي روح اللعبة السياسية .
أما بالنسبة لاتفاقية هولير فهي ما زالت حبرا على ورق وليس لها من وجود فعلي على الأرض وتعترضها مشاكل جمة منها النيات غير الصافية من الطرفين ولا تقيد طرف ما بتنفيذها والنتيجة كما هو مائل للعيان حيث الجميع يبحث لنفسه عن موطئ قدم ونفوذ شخصي وحزبي والخاسر الوحيد هو الكردايتي .

–  كيف ترى مستقبل الثورة السورية سوريا ً و كرديا ً ..؟

الشعوب بإصرارهم وتضحياتهم يصنعون كل شيء ويروضون المستحيل وهذا ما يفعله الشعب السوري الآن وله المستقبل.. وإذا أراد الكرد من خلال نخبهم السياسية والثقافية الانعتاق من عبوديتهم عليهم تغيير ذاتهم وفي كل شيء رغما عنهم وإلا لا مستقبل منشود  لهم بهذه الثقافة ونمط الشخصية ومنتح التفكير وهذا التنظيم  الفوضوي .. !

لكم الشكر الجزيل
14 / 9 / 2012