غسان جانكير : صاحب موقف

2012-07-12

حدثنا العطال البطال قال : كُنّا في سنة جدب , صاحبتها قِلة المورد بسبب الحرب , وأنين الثكالى والجرحى و الجوعى يصل إلى عرش الرب , فحلّ محل رقتنا الشتم والسب , ومُكرهين تآلفنا مع الوضع المُريع , وكذا طبع السوري في التكيف السريع , ورغم جفاف الزرع والضرع و الحر والصقيع , كان الإعلام مُصرّاً على وصف السنة بالربيع ,

وأنّ الكرامة آخذةٌ بالتبرعم بشكل بديع , غير أنّ الربيع اصطبغ بدم الأخيار , وتفننت الشبيحة في قتل الأطفال والحمير والأبقار , وامتعضت المنظمات الأممية من هذه الأخبار , ووضِعت السيناريوهات المُحتملة في دول الجوار , وأخذ الشأن السوري القسم الأعظم من كل حوار , فارتأينا نحن شلة من الرفقة , أن نخوض الأمر في شكل حلقة , نتناول وسائل الاتصال ضمن هذه الجوقة , وفي التحضير توصلنا إلى ما يشبه الصفقة , بأن نجلس على طاولة لا تخلو من عرق البطة , نشربه أولا شحطة ورا شحطة , لزوم الحمية من ضغط الدم والجلطة , الناتجة عن خرطات زميلنا أبو مُخطة , المُمجّدُ لنفسه كفاتح إسبارطة , و النائي بنفسه عن الثورة كأنما لسانه قد أكلتها القطة .
وسرنا حتى أتينا مطعم , خاصٌ بالساسة وأهل القلم , و لمُقتضيات الدبلوماسية صافحنا كل الحضور , خشية أن تُصاب علاقاتنا بالفتور , وراح النادل يجوب بين الطاولات , يأخذ لهذه كأسا ولتلك كاسات , فالعرف يقتضي إرسال كؤوس الويسكي على سبيل التحيات , فتُردّ مُضاعفة مصحوبة بالتشكرات , ورويدا رويدا بدأ الجو يملئه القهقهات , وأخذَنا الحديث إلى ما هو غريب وعجيب , يشيب له رأس الولد النجيب , ويحتار في حلّ لغزه كلّ لبيب , و من أعجب الأعاجيب ما قاله زميلنا أبو مُخطة , حيث قال : تخيلوا أن قهقهاتنا تُذاع بالبث المُباشر - ولضرورة السجع فلنترحّم على الماغوط و ونوس و الساجر - هل كُنتم تُصدقوني , وبالافتراء والكذب لا تتهموني , لو أعلمتكم أن السامع على بُعد مئة كليومتر , سيسمع قهقهاتنا قبل ذلك العتر , وأشار بيده الى ثمل يبعد عنّا شي عشرة متر !!. فجحُظت عيوننا , وفغرت أفواهنا , وقُلنا له : الويل لك لا أبا لك , هذه خرطة , أم من شطحاتك شطحة ؟. فقال أبو مُخطة : أنها معلومة من علم الفيزياء , وليست هوبرة من عالم الأزياء , تعتمد على الفرق بين سرعة الصوت في الهواء , و سرعته عبر الموجات اللاسلكية , وبينا أبو مُخطة يهم في الشرح والتفسير , وإذ بالثمل وكأنه خارج من البير , أو ثورٌ هاجه التثوير , فرشّنا من كلمات التخوين رشاً , واليد منه ترتعش رعشاً , إذ قال : أيها التحريفي الانتهازي , والاشتراكي الديمقراطي , نحن لن نحيد عن نضالنا الوطني , وقطاعنا العام والحكومي , وسنتمسك بتحالفاتنا الجبهوية , ودفاعنا عن الدكتاتورية الببروراتية , رغم محاولاتك التكلاتية , وارتباطاتكم و عمالتكم للدول الامبررارية . فما كان منّا إلا أن نُصفقّ له , و نُباركه في مناصبه الحزبية و الحكومية .
Ghassan.can@gmail.com