ابراهيم اليوسف : المثقف الكردي: مهمَّات عاجلة..!

2012-07-10

إن الثورة السورية المباركة التي أشعلت فتيلها، وباتت تقسم تاريخ سوريا،
إلى شطرين هما: ماقبل الثورة ومابعدها، جعلت المثقف الكردي يواجه على غرة
مهمَّات ملحَّة، لابدَّ من الانتباه إليها، والتفاعل معها، إذ أن هذا
المثقف بات أمام مستجدات جسيمة،لابدَّ من أداء ما هو مطلوب منه،

خلالها،على أكمل وجه، لممارسة دوره العضوي الفاعل، وهي مهمَّة أخلاقية،
وطنياً،وقومياً،على حدِّ سواء،لاسيَّما وأن آلة الدكتاتورية المقيتة،
كشَّرت عن حقيقة ظمئها إلى الدم- استجابة لدواعي طبيعتها-ومواصلة حرق
أخضرسوريا ويابسها، في سبيل استدامة ثنائية الفساد والاستبداد.
ولعلّ من أولى هذه المهمَّات الطارئة المترتبة على المثقف-وهي لاتعفوه من
أداء وظيفته ومسؤولياته العامة- إدراكه لطبيعة البرهة التي يمرُّبها
إنسانه الكردي، من جهة، وبلده سوريا، من جهة أخرى، وهذا ما يدعوه لتناول
الشأن الكردي، بحكمة وحنكة عاليتين، إذ لابدَّ من الانصراف للدعوة إلى
خطاب الوحدة، ووحدة الخطاب، وتجاوزأية معوِّقات تظهر، بل والوقوف-بحزم-
أمام أية محاولة لشقِّ الصف الكردي،لأن الأمرليس متعلِّقاً البتَّة بمجد
شخصي لزعيم، أوحزب، وإن أي إخلال بهذا المشروع الوحدوي،ليؤدِّي، إلى
إلحاق المزيد من الأذى بالوجود الكردي كاملاً، الأمرالذي يدعوإلى نبذ
أيِّ خطاب أنانيّ، ضيق-أياً كان الداعي إليه- وهذا كله ليتطلَّب أن تكون
هناك قواسم مشتركة لايمكن تجاوزهاالبتَّة، مهما كانت هناك من مسوِّغات،
يتمُّ التنظيرالضيق لها.
ويدخل في هذا الإطار، ممارسة المثقف سياسة"الكيل بمكيالين" أثناء تقويمه
للمشهد الكردي، حيث سوق الاتِّهام والتنكيل المعنوي، إلى حد الإعدام بحق
من يختلف معه، ومحاباة من يلتقي معه في الرؤية، والاكتفاء بممارسة النقد
الناعم إزاء أخطائه،في ما إذاتمت، لاسيما عندما تكون من النوع الخطيرالذي
يلقي بأذياله على واقع ومستقبل القضية الكردية، كلها، ولعل أسوأ من
هذاالتعامل النقدي، هوغضُّ النظرعن طوفان الدم الذي تسببه آلة الاستبداد،
والشروع بجلد الذات للتعويض عن عقدة الخذلان، تجاه الأهلين، وهي مسألةٌ
لابدَّ من التوقف عندها، حيث يتمُّ إيقاد فتن وحروب صغيرة، هامشية،
للسهوعن القضية الأكثرإلحاحاً.
وما لاشك فيه، أن منظومة المهمَّات المنوطة، بالمثقف الكردي، لهي جدّ
كثيرة، بعضهالا يتعالق مع  الحاجات الملحَّة بالنسبة إلى شريكه
المكاني-في خريطة سورياكاملة- الذي تحققت له الأولويات المطلوبة، في ظل
دولته القومية، ومن بين ذلك البنية الرئيسة الحاضنة للغة والثقافة، وإن
كانت المؤسَّسات المعنية، في هذا المجال، قد تمَّ تحويلها إلى مداجن
مجنَّدة في خدمة ترسيخ الفكرالشمولي، والولاء للطاغية الفرد، الواحد
الأحد، بل إن الإشكال الأكبر-هنا-إن وطن هذا المثقف، ليسمى باسم غيره،
وفوق كلّ هذا وذاك فهويُعدُّ دخيلاً على وطنه، وإن أية إشارة من قبله،
إلى تكذيب الفِرية المفروضة، تدعوإلى اعتباره خارجاً عن الوطنية التي
يتمُّ استخدامها،في أسوأ حال، وشكل..!.
ولقد انتبهنا، في رابطة الكتاب والصحفيين الكرد إلى موضوعة"وحدة الخطاب
الكردي" مع بداية الثورة السورية،من جديد، حيث بادرنا إلى حملة جمع
تواقيع مثقفين، على بيان موجه إلى الحركة الكردية، من أجل لمِّ الشمل،
وذلك بالترافق مع الإعلان عن تبنينا للثورة السورية، كأول مؤسسة ثقافية
سورية، وكردية،على الإطلاق، وهوما نركز عليه-الآن-لاسيما في ظل اللحظة
المتوترة، التي باتت تؤول إلى حالات خلافية شديدة، ومرعبة، تتطلب منا
جميعاً، تشكيل جبهة ثقافية كردية كبرى،لاسيما، وأن تطورات الأوضاع
السورية الأخيرة، باتت تنذر بأخطار، فعليَّة، سببها النظام الذي لم يكتف
بتكبيل الوطن السوري، أربعة عقود ونيف، بل راح يخطِّط للجم حركة
التطورعقوداً أخرى، بضرب أفراد الأسرة الواحدة ، والشارع الواحد، والحي
الواحد، والمدينة الواحدة، والوطن الواحد،بعضهم ببعض، من خلال العزف على
وترالفتنة الشاملة، ولعلنا ككرد-وفق تخطيط سدنة النظام-وسط المحرقة
المنتظرة، وهذا مايدعونالرأب أي صدع يتم، والإشارة إلى أية محاولة
لتمريرالفتنة-كردياً-وتجاوز المشاغل الصغيرة، التي تبعدنا عن صب ِّ
الجهود،  والتركيزعلى الحلقات الرئيسة التي تظهرأثناء أدائنا لدورنا
الثقافي، بعيداً عن تلك الثقافة التي تكمن وراء مقولة ترفّع المثقف عما
يحيط به،لأن الخطرالمحدق بإنساننا هوشأنٌ عام، ويحتلُّ المثقف منزلة
الطليعة، في أداء رسالته، كما أن أية محاولة لتأجيج الشنشنات والفتن،
بغرض الهروب من أداء المهمات، تسجل علينا جميعاً، وهي ليست في مصلحة
قضيتنا، ووطننا، وشعبنا، وأية كانت المسوغات فكلنا شركاء في ارتكاب موبقة
الخطأ..!.
إن التفاعل مع الثورة السورية- ومن بينها القضية الكردية- له أدواته
الخاصة، ثقافياً، حيث إن علينا جميعاً، أن نرتقي بأدواتنا إلى مستوى
اللحظة، لأن حساسية المرحلة تتطلب زجّ كلِّ الطاقات في مواجهة ما يتم،
ولعل نشرثقافة الحب، والوئام، يأتي في طليعة ماهومطلوب من مثقفنا، للعمل
–يداً بيد- لتقريب وجهات النظر، ورصِّ الصفوف، والإشارة إلى مكامن
الخطأ-بلغة نقدية واعية-لاسيَّما وأننا أصبحنا أمام حالة جديدة، وأسئلة
أجدّ، وإن أي إنجازيحققه السياسي،أو الحزبي، في لحظة التحول،لاقيمة له،
إن لم يتم التأسيس لحمايته، وديمومته، بما يرتفع إلى مستوى الحقوق
الشرعية لشعب تعداده، أربعة ملايين نسمة، وله أن يقرِّرمصيره، كما يشاء،
وفق صناديق الاقتراع..!.

22-6-2012
elyousef@gmail.com
افتتاحية العدد2 جريدة" القلم الجديد"
http://penusanu.com/