زكريا تامر : شعب يباد

2012-06-27

دُعي أدباء وفنانون ومثقفون إلى اجتماع لنصرة شعب يُباد على مهل وعلى عجل وبتشف.
لم يحضر القصاص الاجتماع لأنه حشا معدته وأمعاءه بطعام دسم أفقده قدراته على الكلام، وجعله كتلة من اللحم المتهدل..
ولم يحضر الروائي الاجتماع لأنه منهمك في كتابة رواية من سبعمائة صفحة من القطع الكبير، وخصص سبعة أيام للانتهاء من كتابتها..

ولم يحضر الشاعر التقليدي الاجتماع لأنه غسل ثيابه، وهي منشورة على حبال الغسيل، ولم تستطع الشمس تجفيفها في الوقت المناسب..
ولم يحضر الشاعر الحديث الاجتماع لأنه كان يساعد زوجته في تكنيس البيت ومطاردة العناكب وبيوتها..
ولم يحضر المخرج السينمائي الاجتماع لأنه كان يشاهد فيلماً أجنبياً للمرة الألف بغية السطو عليه بإبداع ودونما تحريف..
ولم يحضر الناقد الأدبي الاجتماع لأنه ملتزم بريجيم صحي قاس، وكل اجتماع يغريه بأن يأكل بغير توقف، ولكنه وعد بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح الشهداء..
ولم يحضر المذيع التلفزيوني الاجتماع لأنه لا يستطيع مغادرة بيته بعد أن أضاع مشطه، ويخشى أن تراه المعجبات مشعث الشعر..
ولم يحضر الفنان التشكيلي الاجتماع لأنه يكرس قواه لطلاء حيطان بيته، وتحسين أحوال البيت هو خطوة أولى في الطريق الموصل إلى تحسين أحوال الكون..
ولم تحضر المممثلة السينمائية الاجتماع لأنها مسافرة إلى الخارج لإجراء سلسلة من العمليات التجميلية الإصلاحية..
ولم يحضر الأستاذ الجامعي الاجتماع لأنه كان يطوف على أصدقائه باحثاً عمن يوافق على إقراضه ما يكفل له ألا يطرد من البيت الذي يسكنه..
ولم يحضر الكاتب المسرحي الاجتماع لأنه كان غارقاً في مناقشة ممثلة مسرحية حول دور الفن والفنانات في النهار والليل..
ولم يحضر المؤلف الموسيقي الاجتماع لأنه أقسم ألا ينهض عن سجادة الصلاة إلا بعد أن يعلم أن فلسطين تحررت.
ولم تحضر الراقصة الاجتماع لأنها تتدرب على رقصة جديدة ستكون المساهمة العربية في الحضارة الإنسانية المعاصرة..
ولم يحضر المغني الاجتماع لأنه مصاب بزكام حوّل صوته حشرجة ونعيقاً..
وتمكن المصور الصحافي من حضور الاجتماع، فلم تصور كاميرته سوى قاعة خاوية ومقاعد فارغة.