إبراهيم اليوسف : قواسم الكردي العظمى: قراءة عاجلة في مدونة جامع قاسمو

2012-05-13

ما أصعب طرق باب الكتابة،  كلما أجدني في مواجهتها، في مقام الإشكال الكردي الكردي،  الإشكال الذي طالما أحببت تجنبه، في وتيرته الأعلى، منذ بداية الثورة، وحتى الآن، بل وما قبلها، في مقام المهادنة، في مسارالنسيان الفاضل

وإن كنت كسواي، من متابعي الشأن الكردي، على بيِّنة يومية، من التفاصيل الصغيرة المتعلقة بأبناء شعبنا الكردي في سوريا، حيث لاخفاءَ لحقيقة، سواء أكان من خلال ما ينشرعبرالشبكة العنكبوتية، على لسان شهود العيان الموثوقين، أو من خلال ما يردني من بريد، عن طريق الأخوة الكتاب، والناشطين، المجرَّبين، والذين لا ينحازون إلا للحقيقة، بغضِّ النظرعن أية رؤى ضيقة، مسمِّين خطأ كلِّ طرف على حدة، ومن بينهم الذات، والمخاطبين. ومن عادتي، حين يكون هناك خلاف كردي كردي، فأنا أحاول الوقوف على موازاة الطرفين، حتى لحظة استبيان الحقيقة –وهي واضحة أبداً- لئلا أكون طرفاً، إلا مع ضمير شعبي الكردي، حيث البوصلة الأصح التي لابد من الاهتداء بها، وهي لا تقبل أي خلاف بين أفراد الأسرة الواحدة..! .

لن أحاول، هنا، أن أتوقف عند التفاصيل، مادمت أمام وجهتي نظر، كلتاهما للأهل، كي لا أوقظ إبليس هاته التفاصيل، النائم، بل أريد أن أشيرعلى نحوعام، أن المرحلة الحالية،جدَّ حساسة، وجدَّ دقيقة، وهي لتتطلب من جميعنا ضبط الأعصاب، لئلا تتغلب إرادة أجهزة النظام الدموي، في إشعال وطيس فتنة كردية كردية، كي تلعب، على عادتها، دورالمتفرِّج، وهي المولودة أصلاً من نطفة إلغاء الآخر، وفي رأس قائمة الإلغاء في نظرها، الكرديُّ نفسُه، وهوما قد لا ينتبه بعضنا إليه، حتى الآن، في تدوين مأسوف..!
ولئلا أقفز فوق النقاط العريضة التي لابد من أركز عليها، هنا، فإنني أرى ضرورة أن تكون كردية الكردي، القاسم المشترك الأعظم، والعمود الفقري، والبوصلة التي نهتدي بها، في هذه المرحلة الحاسمة، فوق أي من التصانيف الراهنة، أواللاحقة-على علو قدركل ما يستأهل التقدير- وهي كذلك، جوهراً، إذ ليس من مأثرة لكردي، أنى كان ، أكبرمن هذه المأثرة، بالنسبة إليه، أن يكون أخا أخيه، وهذا ما يرتب عليه، ضرورة عدم التفريط بها، كرمى ماهو أقلّ شأناً، في سلم الترتيب،لأنَّ الكرديَّ ليحمل رمزه في روحه، وهويواجه صليب إخلاصه الذي طالما يهدِّده، ليس في بضعة العقود من تاريخ سوريا، المغتربة، خارج سوريتها، وأسوارحريتها، فحسب، بل منذ قرون من تيهه، ووفائه للقيم، والآخرين، بلا مقابل في كفة ميزان الوفاء.
وضمن  فضاء هذه النقاط العريضة، فإن استمراء الكردي، في الاعتداء على أخيه الكردي، أياً كان الدافع، لهوأمريدخل، في إطارالمحرَّم، لاسيما وأن القوة التي يتمُّ اللجوء إليها، لابدَّ وأن توظف من أجل صون حياة الشعب الكردي، و دعم استحصال حقه المسلوب، عبرطرق الحوار السلمي، لا منعه من رفع رايته الكردية، أو حتى رفع راية الاستقلال التي ننحاز إليها، الآن، سورية الألوان، والأحلام، مادامت تستفّزُّ النظام القاتل، وهوفي ذروة استفزازه، أوحضيضه، أصلاً، ومادامت لا تتقاطع مع علم حزب البعث، بل ولا مسوِّغ البتة، لأيِّ تنطُّعٍ لكمِّ فيه، حتى وإن هلل أحدهم، أوكبَّرباسم الخالق، العظيم، الأوحد، أومايشاء من صفات عظمى، على قدررؤيته، و أقولها، علناً، دون أن تمسَّ حرية الآخر، كل الفضاء المعلمن الذي يحتل روحي، وفكري، وأنا أسنُّ سيرتي، وتاريخي، الشخصي..!
أن يقف شباب، أياً كانوا، قدام جامع قاسمو، يمررون الناس واحداً واحداً، متجاوزين بذلك الخطَّ البياني، لسطوة رقيب بات يتهاوى، بالرغم من كل أفانين، وأدوات العنف التي استخدمها، ، على امتداد عقود عمره، ولايزال، يمارسها، في حشرجاته الأخيرة، فهوما لايمكن القبول به،  ولا مسوِّغ البتة، لمن يمارس مثل هذه السطوة المبرقعة، كي يسمي الجامع جامعه، وهوفي ركب الحراك، وفاق تأشيرة دخوله، متأخراً، أو مبكراً، مادام التاريخ لايزال يسجل خطوطه، امتداداً لذاكرات الشهود، ولايزال حبر بعضهم يروي واقعة موقفه من الثورة، فلا سبيل للزِّيغ والتزوير.
جامع قاسمو، كان منطلقاً للشباب الكردي،وهم أمةٌ في شباب، وليسوا إقطاعاً لأحد، حتى وإن قادهم حلم صناعة الغد إلى هذا الموقع، أو ذاك، فلقد كانوا منطلقاً للمساهمة الكردية الأولى في الثَّورة، حينما كان يشهد الجامع  نفسه محاولات، أبعاض، للتطاول بفتاويهم على فتواتهم، للجمهم، تحت هذه الذريعة، أوتلك.و حسناً، لنعف بعضنا بعضاً، الآن،عن كل خطأ  مادام هودون أطم الدم، واسترخاص الروح،.  ولنقرَّنَّ أن هؤلاء الشباب، هم من دونوا اسم شعبهم في صفحة الثورة السورية، في أول بسملتها، أو هلهولتها، أو نشيدها،لافرق.  ومن هنا، فإن للجامع، مكاناً، دلالته الرمزية الكبيرة، في ضميرنا الكردي، وضميرسوريا، حاضرين، في حدود مساحة عام ونيِّف، في استحقاقه الحديث، وإن إقصاء الشباب عنه، لهوأمرٌفي منتهى العسف، ولعلّ الشباب حين يلجؤون إلى مكان قصي، فهم يفعلون ذلك حرصاً على رباط الكردايتي الأعظم.
الهفوة، في أقل توصيف، بما يساوقها، مع توتراللحظة-  إن كانت  صنيعة الكردي- حتى وإن غضضنا عنها النظر، فهي باديةٌ، ولكم تناسينا عظائم الأخطاء التي تمَّت، دون أن نلامسها، بالشكل المطلوب، لئلا ننجرَّ إلى ماهوغيرمحمود، في حدود الشفاهة، وما يقدحه الحبرالإلكتروني، من ردَّات فعل، وكشف عن المستور، وإن كان في بال  كل منا قمم من ألم، وحسرات، نلعقها، في مقام مصيرشعب على باب التحول الكبير.
إن ينتصرالكرديُّ على الكرديِّ- وهو الهتك العياني- فكلاهما مهزوم، حتى وإن راح أحدهما، ونتيجة ضيق أفقه، ليظننّ أنه ممتلك أدوات القوة،والبأس،  أكثر، من سواه!. إن ينتصرالكردي على الكردي، فثمة أعداء في الجهات الأربع يصفقون ضد كليهما، وثمَّة أصدقاء في هاتيك الجهات نفسها، يؤلمهم مافي المشهد، وثمة أمهات كرديات يبكين، ومن بينهن أم القاتل أو القتيل، أمام مشهد القتل،  ولوافتراضاً، وإن أية قوة كردية، في مثل هذا المقام، ناقصة، وهي تستخدم، في شكلها الخاطىء، وفي وقتها الخاطىء، وبالطريقة الخاطئة التي لا تسجل أية مأثرة، لمن يلوذ بها..! .
-لنكن يداً واحدة..!
هوصدى صوت الكردي، من أعماقه، في لحظة حكمته، وهويرى بأم عينيه حجم التآمرعليه، حيث تتساقط أوراق التوت ليس عن عري من تفوح منهم رائحة الحقد الأزلية عليه، بل من قبل من حاول، أولما يزل يحاول إعطاءه" الحلاوة" من طرف لسانه، دون أن ينسى ثعلبيته، وإن كنا لما نزل نجد من هووفيٌّ-في المقابل- لأخيه الكردي، من أبناء المكان، في أشطارالخريطة، المجزَّأة، بمقصٍّ مزوِّر، لشطَّار محض مزوِّرين..!
-لنكن يداً واحدة!
العبارة، الغارقة، في عذوبتها، وسلاستها، يقولها الطفل، واليافع، والشاب، والكهل، والشيخ، وتقولها المرأة، والرجل.
الحكيم والبسيط
على حد سواء..!
لامجال، البتَّة للكردي، إلاه، حتى وإن فرّقت يدٌ عن أخرى، تسمية طارئة، هي في مداردورة دموية واحدة، ومجال ضخٍّ رذاذروح واحدة،على ظمئه، وهونداء لايضلُّ طريقه إلى الضميراليقظ، أنَّى كان صاحبه، وهومهجوس بالراية نفسها، وحبِّ الجبل نفسه، والأرض نفسها، والأنهارنفسها، والأسماء نفسها، حيث لافرق بين لفظ وآخر، في مهبِّ المعجم الواحد.
-لنكن يداً واحدة!
   آخرما يمكن أن يقوله الكرديُّ للكرديِّ، وهما يحتكمان إلى جرح في الذاكرة، يهادنان اللَّحظة ألا يتكرر، كي يظلا ممسكين، بالرقعة الشسيعة من المجد، وهما يستعيدانه، بعد طوال اغتراب، وتيه، وعذاب، وضياع...!. 
12-5-2012
*جامع قاسمو:أشهرجوامع مدينة قامشلي، انطلقت من أمامه أولى مشاركات الكرد في الثورة السورية