مؤتمر للمجلس الوطني الكردي على كوكب" خَـوْنِستان

2012-04-27

لم يتردد المعنيون بالمجلس الوطني الكردي في سوريا، في تلبية دعوة موجَّهة إليهم، من قبل المعنيين بكوكب " خونستان: أرض الحلم" الفائق الوصف،

وهم عبارة عن كائنات عاقلة جداً في الفضاء الخارجي، وتحيط علماً بكل أحداث كوكبنا الأرضي، من موقع الاهتمام ودراسة كائنه الأرضي الرئيس: الإنسان، من خلال المزيد من التجارب عليه
ويشكّل الذين يتعرضون للمظالم من قبل آخرين مكانة استثنائية في جدول اهتماماتهم الخونستانية، ولعل في صدارة هؤلاء كان الكرد ولمّا يزالوا موضوع عنايتهم، لأسباب مختلفة. وما توجيه دعوة إليهم، ومن قبل أعلى هيئة سلطوية واعتبارية في الكوكب ذاك إلى أولي أمر الكرد عبر المجلس الموقَّر، إلا شاهداً على ذلك.
كان سرورُ المعنيين بالمجلس عصياً على الوصف، إذ إن توجيه دعوة إليهم، من خلال مركبة فضائية خاصة معدَّة لهم في مجموعهم دون استثناء، يُعدُّ حدثاً تاريخياً، غير معاش حتى في الحلم ! إذ يندر الحديث عن كرَم ضيافة على الشاكلة هذه، وجرى التحضير للزيارة، والاستعداد لاستقبال الأعضاء الموقرين على أعلى مستوى هناك، حيث بُلَغ هؤلاء بلحظة الانطلاق النفّاثة، دون أن يكلّف أي منهم نفسه عناء حمل حقيبة ألبسة وقطع غيار تتناسب ومكانة العضو في المجلس، لأن كل ما يحتاجونه مأخوذ بعين الاعتبار وبقياسات دقيقة تماماً.
لم يصدّق أعضاء المجلس الوطني الكردي في سوريا أنهم في مركبة عجيبة، مركبة لم تُهيَّأ لأي كان حتى الآن، حيث حلّقت بهم عالياً بسرعة غير معهودة، وسط عناية أثارت دهشتهم، وكل منهم في كرسيّه الذي يبعث دغدغات في جسم الجالس فيه، ويشعره بلذة غريبة، وحوله جرائد ومجلات باللغة الكردية، وأفلام مسجلة أمامه، مترجمة إلى الكردية، ومضيفات مركَبة ينطقن بالكردية، أين منها ملكات جمال العالم على مدار تاريخه الطويل.
قبل أن تستقر المركبة الفضائية في المحطة الخاصة بها، وجّهت تعليمات إلى الأعضاء الموقرين وبلغة كردية فصيحة جداً، أثارت فضولهم، لدقتها ورقَّتها، بضرورة التزام الخط المرسوم لهم حفاظاً على سلامتهم، وأن عليهم عدم مد أيديهم إلى أي شيء، أو الاندفاع إليه، إلا بعد الاستفسار عنه، لاختلاف عالم الكوكب العجيب.
وعندما حلَّوا في فضاء خونستان، كان كل شيء يثير العجب: الهواء، والمناظر، والوجوه التي استقبلتهم.
وأبلِغوا أن عليهم الاستراحة في عمارة لا حدود لوساعتها وروعتها، والاستعداد لعقد مؤتمرهم في اليوم التالي.
لم يعانق النوم أجفان غالبية الأعضاء بعد الذي رأوه، إنما ذهبوا بخيالاتهم بعيداً إلى ما وراء مشاهداتهم، وهم يتلذذون في ذلك، وهم يمنُّون أنفسهم- أيضاً- بالطيبات من كل نوع، والفرصة الخونستانية التي سنحت لهم.
أطل الصباح الخونستاني وهم يتقلبون في أسرّتهم الوثيرة، فنُبّهوا ليستيقظوا، فكان طعام الفطور شهياً جداً، وبعد ذلك كان عليهم الانتقال راجلين إلى المكان المُعدّ لمؤتمرهم، وهي المسافة التي أثارتهم وأي إثارة.
أبصروا نساء في المسافة الفاصلة والمحدودة أثارت فيهم غرائز مكبوتة منذ عشرات السنين، نساء يصعب وصفهن لجمالهن الأخاذ، والأمر الآخر والمثير بالترافق، هو ما كان يلمع أمام أعينهن: إنه الذهب في أحجام مختلفة، ذهب هنا وهناك لم يشكُّوا مرة أنه مزيف، وكل ذلك أثار لعابهم، إلى درجة أنهم نسوا ما هم صاعدون من أجله، واختلطت أفكارهم وتشابكت، وصعُب عليهم الانضباط واستعادة حالتهم السوية، وهم في قاعة اجتماعات لم يبصروا سقفاً لها، وأرضية كانت بدورها تلمع كالذهب، وكراس كانت تبعث على النعاس المثير.
فتداخلت الكلمات بين الحديث عما حضَّروا أنفسهم لأجله، وعمّا شاهدوه حتى الآن، إلى درجة أنهم فقدوا السيطرة على أنفسهم، إذ حضرت النساء ومشاهد الذهب في حديث الغالبية، وتراجع الحديث عن الموضوع الرئيس، دون أن يتمكنوا من استعادة أنفاسهم، أو الوصول إلى نقطة معيّنة تمكنّهم من التحاور والتفاهم كما يجب.
انتهت المدة الزمنية المخصصة لهم، وكل ذلك بحسب التعليمات، وكانوا توّاقين إلى الخروج، متلهفين إلى ما شاهدوه قبل ذلك، دون أن يعبأوا بالتعليمات كما يجب، وكان عليهم أن يلتزموا بكل ما تلقوه من تعليمات، حتى بالنسبة لساعة النزول إلى الكوكب الأرضي.
إذ إن المهلة التي أعطيت لهم من أجل الوصول والتحضير لدخول المركبة ثانية، أفقدتهم رشدهم، وأنستهم أنهم في عالم آخر يخضع فيه كل شيء لقوانين صارمة ولمراقبة دقيقة.
حيث اندفعوا في غالبيتهم نحو ما شاهدوه، جهة النساء اللواتي بدوْن كما لو أنهم ينادينهم، والذهب الذي يشد أبصارهم وهم ينسون التعليمات، لينطلق كل منهم في اتجاه، في التغزل الكردي بالنساء، وسهولة ملامستهن، ونسيان أخلاقية الضيافة، والأمر الأخطر: القواعد والتعليمات، وكان الذهب فاعلاً فعله فيهم، وهم ينحنون في خفة ورشاقة، حيث كان ثقلهم يزداد، إلى درجة أنهم أودعوا قطعاً ذهبية حتى مداخل آذانهم وتحت ألسنتهم، وأمكنة أخرى معروفة، صعَّبت عليهم التكلم فيما بينهم، وتأخروا كثيراً عن الموعد، دون أن يعلموا أنهم كانوا من لحظة توجيه الدعوة إليهم، حتى لحظة الرجوع تحت اختبار الخونستانيين، لمعرفة مدى أهليَّتهم ليكونوا كسواهم في نيل ما يريدون من حقوق يشدّدون عليها في شعاراتهم، وما إذا كانوا جديرين بالمناصب التي تسنَّموها.
كانت المفاجأة الكبرى، عكس ما توقعوه تماماً، لا بل ومريعاً، إذ ندموا لحظة لا ينفع الندم لخرقهم القواعد وعدم التزامهم الحرفي بالتعليمات، بقدر ما فاتتهم الفرصة الخونستانية لكسب ود أهل كوكب لم تتَح لغيرهم.
ذلك تمثَّل في أنهم أحسُّوا بقوة تصادر كل ما التقطوه من ذهب، وأن أصابعهم قد فقدت نعومتها، وكان ثمة ضغط آلم على مداخل أجسامهم، حيث خبئ الذهبُ عدا الموجود في الجيوب وفي أسفل الأحذية وغيرها.
أكثر من ذلك، حين رأى الغالبية أنهم أصبحوا عراة كما ولَّدتهم أمهاتهم، ووقعوا في حيص بيص، وكان ثمة صوت فصيح يتناهى إلى أذهانهم: لقد خالفتم التعليمات، وأسأتم التقدير، وما أنتم عليه الآن هو عقاب لكم.
تبلبلوا واضطربوا في المجمل، إذ إن عدداً قليلاً جداً منهم، التزموا بالتعليمات، لم يكن لهم حضور ومكانة مقدَّران بين أعضاء المجلس، فكانوا كما هم في ثيابهم ووضعيتهم الطبيعيتين.
نعم، لقد وقعوا في المحظور إذاً!
وفكَّروا في النهاية الوخيمة لهم، وكيفية تجاوز الحالة، وكل منهم يضع يده على عورته ورأسه مطأطأ.
وما أن أصبحت المركبة الفضائية الخونستانية في المجال الأرضي، واقتربت من كوكب الأرض، حتى اشتغلت غالبية الموبايلات، وفي الطرف المقابل، رنت لدى أهليهم دفعة واحدة، وليس سوى من صوت واحد:
لاقونا في نقطة الانطلاق، وجيئوا بألبسة لنا سريعاً، لقد أصبحنا عراة، وانقطع الاتصال.