خواطر من الطفولة الضائعة (7)

5 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

هذه الخاطرة السابعة من سلسلة (خواطر من الطفولة الضائعة) .. التي غمرها الزمن في قاعه عقودًا طويلة .. إلا أنها بدأت تظهر إلى السطح من جديد على شكل هذه الحلقات المتواضعة .. فآمل أن تجدوا في هذه الحلقة المتعة واللذة .. خاصة أنها قصيرة مقارنة بسابقاتها .. وإليكم الحكاية من البداية ..

لدغة العقرب ..

في أحد مراتع الطفولة هناك .. في تلك الملاعب الترابية التي كانت تثير زوبعات من الغبار قبيل المغرب .. من كثرة الأطفال فيها .. وشدّة حركتهم في الألعاب المختلفة.. فهناك من يلعب كرة القدم .. ومنهم من يلعب بالإطارات القديمة للسيارات .. ومنهم من يمارس لعبة القفز على الظهور (بابوتان) .. ومنهم من صنع لنفسه دراجة نارية مصنوعة من عصا وقد زيّنها ببعض الأسلاك والأشرطة الملونة.. وغيرها من الوسائل البسيطة التي يتم تحويلها إلى وسائل للترفيه والتسلية .. :cry: :cry:

فيا عجبًا .. لتلك الحال .. وما آلت إليه حال الصغار اليوم .. 8O

كنا نلهو ونلعب .. ولا نعرف ما يخفيه المستقبل المجهول لنا .. كانت قمة سعادتنا أن نخرج برفقة بعض زملائنا إلى الشارع الترابي أو أرض فضاء .. لنفرغ فيها كل طاقاتنا .. ونكشف جلّ إبداعاتنا .. :wink:

نعم .. كنّا نرتع ونلعب .. أنا ومجموعة كبيرة من أطفال الحارة بكرة القدم .. حيث كانت اللعبة التي يحبها الجميع في ذلك الوقت للاستمتاع والتسلية .. وبينما نحن في معمعة اللعب .. وقد حميَ وطيسه .. وإذ نفاجأ بصراخ عنيف من أحد الأطفال الصغار الذين كانوا يلعبون خارج حدود ملعبنا .. وعمره لا يتجاوز الأربع سنوات.. صراخه كان يصل الآفاق من قوة حنجرته .. ما شاء الله تبارك الله .. وكان يضرب بقدميه على الأرض من شدّة ما ألمّ به من ألم ووجع .. من شيء مجهول أصابه .. تركنا اللعب والملعب وتوجّهنا جميعًا نحوه .. وكان بيننا أخ أكبر منه .. سألناه عن سبب بكائه وماذا حصل له.. فلا يجيبنا إلا بالصراخ والرقص على الأرض من شدّة الألم .. احمرّ وجهه وعيناه من البكاء.. وقطرات دموعه تتقاذف في الهواء من غزارتها .. أصاب الجميع رعب وهلع ..

ركض أحد الصغار مسرعًا إلى والدته التي كانت جالسة مع مجموعة من نساء الحارة في ظلال أحد البيوت .. على بعد مئات الأمتار من ملاعبنا .. وأخبرها أن عقربًا لدغ ابنها الصغير وهو في حالة حرجة .. وهذا الكلام كان استنتاجًا من عنده .. بناء على مشاهدته للحدث .. ثم إن الأرض كانت زراعية لا يزال في جوفها الحشرات والدواب من العقارب والثعابين وغيرها.. الأمر الذي يدعّم هذا الاحتمال المنطقي ..

قام النسوة .. وهبن هبة واحدة .. وبدأن يركضن بعفوية نحو مكان الحدث .. ما بين عويل وصراخ .. ودعاء واستنجاد ممن حولهن .. وأتذكر صورة الأم التي كانت تتقدم الجميع.. وهي منهكة القوى .. في حالة يُرثى لها من الخوف على ابنها .. فلدغة العقرب ليست بالشيء السهل .. ربما تؤدي إلى موت الطفل إذا لم يُسعف في الوقت المناسب .. :cry:

اقتربت الأم من ابنها الصغير وسألته عن المصاب.. لكن دون فائدة .. يبكي ويصرخ .. ويضرب بقدميه على الأرض :cry: .. فما كانت من الأم إلا أن فسخت منه السروال القصير الذي كان عليه.. فكانت المفاجأة الكبرى للجميع .. حين شاهدوا المجرم الذي أحدث هذه البلبلة 8O .. نملة سوداء من الحجم الكبير متشبثة بمكان حسّاس من جسمه (؟) :D :D :D .. فأزالتها الأم وقطّعتها إربًا إربًا ..

تنَّفس الجميع الصعداء .. وتوقف بكاء الطفل .. وبقايا الدموع لا تزال على خديه الناعمين .. وضحك الجميع من طرافة الحدث وما تبعه من الضجيج والعويل ..

نملة عنيدة .. استطاعت أن تفسد على النساء جلستهم اليومية التي لا يستطيع أكبر القوى أن يقف أمامها أو يمنع انعقادها .. لا سيما وأنهن يناقشن أهم القضايا المصيرية في العالم .. مثل فتح ملفات الذين يمرّون بهن من الرجال والنساء، وسَرْد سيرته الذاتية من الألف إلى الياء :P .. وكذلك فتح سجلات النساء الغائبات عنهن .. فلانة زوّجت ابنتها لفلان الكبير بالعمر والذميم الخلقة من أجل ماله أو وظيفته.. وفلانة قالت عن فلانة كذا وكذا .. وهكذا.. :wink:

نملة مشاكسة .. أفسدت علينا لعبتنا في ذلك اليوم .. حيث تأجّلت المباراة إلى اليوم التالي.. لأن الظلام حلّ ولم نعد نقدر على متابعة اللعب .. :cry:

نملة انتحارية .. جعلتني أحتفظ بهذا الحدث في ذاكرتي .. لأنقلها إلى الناس بعد عشرات السنين على صفحات الشبكة الالكترونية :wink: ..

وتقبلوا تحياتي .. والسلام عليكم ..

مشترك منذ تاريخ: 17/12/2008

في الحقيقة كان تصرف الأم دقيقا وكأنها ذات المام واسع بالاسعافات الأولية... في الكثير من الحالات الاسعافية يكون الاجراء الأول ازالة ثياب المصاب... حتى في المعانية العادية المفروض ازالة كامل ثياب المريض والباسه شغلة متل الكيس حتى يكون الفحص دقيقا.... طبعا الطبيب اللي بيساوي هيك عندنا بينفضح وراح يحطوا مشمش صديق جوان على قائمته... ومو بعيد يتهم تهم اخلاقية...هاد إذا فكر حدا يراجعوا...

شكرا سوار... ومنيح نملة مو عقرب...

User offline. Last seen 9 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/01/2007

لم يسبق لي التعرض لـ لدغة عقرب, إنما صدقاً من أسوأ ما يكون هو لدغة أو قرصة النملة الضخمة, (ماشاء الله حولها قوية وعنيدة وما بتترك الواحد بسهولة :P )

نستمتع دائما بيومياتنا مع قلمك أخي سوار,, ولي عودة مطولة لكامل ملفاتنا وصورنا مع الطفولة وومعك...

د. أحمد, (هيك وما بنروح ع الدكتور إلا حالة إسعاف, كيف لو كان متل ما المفروض يكون برأي الطب؟) ..

User offline. Last seen 14 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 17/11/2007

شكرا لك خال على هذه الخواطر الرائعة التي ترجعنا أيضا لطفولتنا و نتذكر حوادث أحيانا مشابهة و أحيانا مختلفة و نضحك كثيرا لتفكيرنا بما كنا نفعله و أحيانا لاشتياقنا لتلك الايام البريئة التي يفتقدها الجيل الحالي للأسف , و بعد قرائتي لخاطرتك هذه ضحكت كثيرا لتخيلي المنظر و المفاجئة الكبرى و رغبتكم بقتل تلك النملة بشكل جماعي ربما :x :D
و شكرا لهذه لذكريات الجميلة التي ترجعنا معها لأجمل الأيام ......... :cry:
تحياتي.

User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي للجميع ..

د. أحمد الغالي .. الأمهات من الجيل الماضي كانت عندهم خبرة حياتية كبيرة وناجحة لكثرة ما مررن بالتجارب والمواقف التي كانت كلها دروس يستفدن منها في الحياة .. لذلك تصرفت هذا التصرف السليم .. تخيل لو كانت واحدة من الجيل الجديد.. ماذا كانت تفعل؟؟ .. كانت ستشارك الصغير في بكائه وتولول وتصرخ وتلطم .. دون أن تفعل شيئًا لإنقاذ الموقف .. :wink: .. الله يسترنا بعد هالحكي .. :lol:

بيلسان الغالية .. والله بالفعل قرصات النمل الأسود الشبيهة بالخيل العربي الأصيل تؤلم القلب .. فكيف وهذا طفل صغير .. بالمناسبة هذا الطفل الآن متزوج وعنده ولدين وبنت :lol: :lol: :lol:

جنك الغالي .. لا بد أن تقرأ الخواطر من الحلقة الأولى حتى ترجع بشكل صحيح إلى الماضي المليء بالنوادر المحزنة والمضحكة .. مع العلم أني لم أتقيد بالترتيب الزمني أثناء الكتابة .. فبعضها متقدمة أو متأخرة عن الأخريات ..

وأشكركم جميعًا على هذه المداخلات الطيبة مثلكم ..

والسلام عليكم ..

User offline. Last seen 14 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 17/11/2007

تحياتي خال
انا قرأت أغلبيتها و بدون مجاملة كانت جميلة جدا و مبين ما كنت هين بالصغر

شكرا لك على هذه المقالات كأنها آلة الزمن بالعودة للماضي البسيط الجميل الذي كنا نعيشه بدون التعقيدات الموجودة الآن .... يمكن ما كنا من جيلكون ... بس وصلنا لآخر المرحلة من بساطة العيش و لحقناها

بالتوفيق و ننتظر بشوق الخاطرة 8