خواطر من الطفولة الضائعة (3)

8 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي لأحبائي أعضاء كليلك وزوّاره المحترمين..

ونبقى مع الطفولة وخواطرها الغريبة والنادرة.. في الحلقة الثالثة .. عسى أن تنال إعجابكم ..

العيدية ..

في ظهيرة اليوم الثالث من أيام عيد الفطر .. حين كنت في الحادية عشر من عمري.. قررنا أنا ومجموعة من أولاد الحارة للذهاب إلى السينما بعد أن علمنا من أحد الأولاد أن سينما (حداد) يعرض فلمًا للكاراتيه.. وكانت أفلام الكاراتيه والأفلام الهندية هي الأكثر رواجًا على في تلك السنين..

سرنا نحو السوق في الجهة الشمالية منه حيث مقرّ دور السينما الأربعة (سينما دمشق، سينما حداد، سينما شهرزاد وكانت على سطح مبنى والعرض في الفترة المسائية فقط، والرابعة لا أذكر اسمها)..

وكان هذا العيد مميزًا – بالنسبة لي - عن الأعياد الأخرى.. لأنه العيد الأول الذي شعرتُ فيه بشخصيتي وبأناقتي من جميع الجوانب.. :D

حيث أملك (عيدية) بقيمة عشرين ليرة ما بين ورق وحديد.. :D

وشعري مسرّح بدقة فائقة لا سيما المفرق المستقيم الذي يمتد من منتصف الرأس إلى مقدمته.. 8)

وكان حذائي من الجلد :wink: .. فمعظم الأحذية السابقة مصنوعة من البلاستيك .. وكانت لها خاصية لا تجدها في أكبر منتجات الأحذية في العالم .. حيث تتحول في فصل الصيف إلى مصدر رئيس لإخراج الروائح المختلفة التي تملأ الأجواء .. مع العلم أننا لم نكن نشعر بإيذاء هذه الروائح بل كانت مثل المسك على أنوفنا وخاصة إذا كان الحذاء جديدًا .. :D

وبلوزة حمراء منسدلة على بنطالي الجديد الذي تميّز أيضًا هذه المرة بجيوب خلفية.. وكنت أتباهى بهذه الجيوب على زملائي من أبناء الحارة.. وأبدأ بين الحين والآخر أمدّ يدي إليها وأخرج محفظتي الصغيرة التي أضع فيها (عيديتي)..

كل ذلك كانت من عوامل سعادتي وسروري في ذلك اليوم الزاهي..

مضينا في مشوارنا مشيًا وكان ممتعًا جدًا مع هذه الشلة البريئة إلا اثنان كانوا على درجة عالية من الشغب والشقاء .. فقد كانت حركة الناس في الشوارع وفرحهم تنسينا بُعد السينما في ذلك الوقت..

وصلنا عند باب السينما بعد الظهر.. وكان قد بقي لخروج الدفعة الأولى من روّاد فيلم الكاراتية دقائق معدودة .. فأخذنا التذاكر التي كانت بنصف ليرة تقريبًا واشترى بعضنا بربع ليرة (بزر دوار الشمس) ليترفه به في قاعة السينما أثناء عرض الفيلم..

توجهتُ لحظات الانتظار إلى الماسورة الحديدية عند فتحة التذاكر المخصصة لتنظيم الطابور على باب السينما والمرتفعة عن الأرض بحوالي متر تقريبًا وجلست عليها وبيدي كيس البزر.. ومحفظة النقود في الجيب الخلفي .. وبقيت على هذه الحال بضع دقائق إلى أن خرج الناس كلهم من السينما لتدخل الدفعة التالية..

نزلت من فوق الماسورة ومدّدتُ يدي إلى جيبي لأتأكد من سلامة المحفظة فلم أجد شيئًا.. تفاجأتُ بفقدانها.. كلمتُ زملائي وصاروا يبحثون معي لعلها وقعت على الأرض أو رآها بعضهم.. وبعد أكثر من ربع ساعة من البحث والسؤال لمن حولنا.. استسلمنا للأمر الواقع بأن لا أمل في الحصول عليها فقد سُرقت مني عند جلوسي على الماسورة لأنها كانت سهلة المنال بالنسبة لوضعية الجلوس..

أصابني حزن شديد.. وحاولتُ أن أعود إلى البيت ولا أدخل السينما إلا أن زملائي أصرّوا أن أرافقهم.. فدخلتُ معهم بجسدي ولكن فكري مشغول على محفظتي.. لأني فقدتُ (عيدية) ثلاثة أيام (تحويشة العيد).. :cry: :cry:

أطفئت أنوار الصالة وعُرض الفيلم.. وبدأ التصفيق والتصفير.. والجميع في سرور وحبور.. إلا أنا .. ففيني من الهمّ ما يشغلني عن هذا الفرح ..

انتهى الفيلم بعد ساعة ونصف الساعة ولم أتذكر منه إلا بعض المعالم الخفيفة .. وخرجنا من السينما وتوجّهت مع المجموعة نفسها إلى البيت.. وكانوا في قمة السعادة لمشاهدة هذا الفيلم الياباني أو الصيني .. الذي استطاع فيه صاحب البطولة فيه أن ينتقم من عصابة شريرة أفسدت في الأرض وقتلت الأبرياء .. فتمكّن منهم جميعًا واحدًا وراء الآخر.. حتى وصل إلى رأس الشرّ المتمثل في رئيس العصابة .. وقتله بعد مبارزة طويلة أخذت ربما أيامًا وليال ..

وفي الطريق بدأ كل واحد من الشلّة يتكلم عن أحداث الفيلم بطريقته الخاصة..

أحمد: أرأيتم يا شباب عيون بطل الفيلم عندما عاكس واحد من العصابة تلك الفتاة.. كانت مثل عيون الأسد حين يثور ويغضب. :twisted:

علي: نعم رأيناه .. ولكن هل رأيتم عضلاته عندما رفع بقضبته الرجل ورماه على الأرض.. كأنها مصنوعة من الحديد .. لا أعرف كيف استطاع أن يكوّن هذه العضلات.. يا ليتني كنتُ مثله بهذه القوة..

خيرو: بس يا شباب أحلى مقطع عندي لما طار بطل الفلم وضرب برجليه اثنين من عناصر العصابة..

محمد: يا شباب أنا مستغرب من القميص الذي كان يخلعه أثناء المضاربة.. كأنها قطعة من الفولاذ يضرب بها وجوه الأشرار فيرميهم على أمتار .. لو كان عندي قميص مثله لمّا استطاع أحد أن يقترب مني!!!

طبعًا حين يتحدث أي واحد منهم عن أحداث الفيلم في الشارع يقوم بحركات بهلوانية يقلد فيها حركة الشخصيات البارزة في الفيلم .. مع العلم أن الجميع شاهدوا الفيلم وكانوا جالسين في صف واحد مع بعضهم البعض :D :D :D .. ولكن عقلية الطفولة كانت تفرض على الواقع أشياء ينسجمون معها الجميع ..

أما أنا فلم أستشهد بأي مقطع أو حدث من الفيلم .. لأني كنتُ بعيدًا عن أحداثه وأفكّر بمحفظتي.. :(

وبعد أنهى كلّ منهم ما عنده من كلام وتعليقات عن الفيلم بدأ بعضهم بإخراج شقاوته وشغبه في الشارع ..
انحرف واحد منّا عن المجموعة وتوجّه إلى باب منزل (وكان الحارة كلها من النصارى) ودقّ جرس الباب وفرّ هاربًا.. وهرب الجميع معه وأنا معهم.. لم يفتح أحد الباب..

بعد أمتار معدودة قام بالحركة نفسها مع باب آخر وهربوا ولكني لم أهرب هذه المرة.. وخرج صاحب البيت ورآهم يركضون وأنا أمشي بهدوء.. فرشّ عليهم بعض المسبات من العيار الثقيل وأغلق الباب ..

وكرّر هذا النمس فعلته للمرة الثالثة .. فدق جرس منزل كان بابه مفتوحًا على جنب.. وفجأة خرج عليهم شاب فهربوا منه إلا أن الشاب جرى وراءهم وأمسك بالمجرم من قميصه من الخلف ثم شدّ شعره وأذنه وصفعه من جميع الجهات ثم ختم ذلك برفسة على مؤخرته مع رشاشات من المسبات الهابطة.. وكان ذلك درسًا قويًا للمجموعة كلها من القيام بمثل هذه السلوكيات أو المشي مع هذا النمس مرة أخرى في مشاوير طويلة.. :D

[طبعًا .. لم يصل بهؤلاء المشاغبين التفكير ما وصل إليه الدكتور متين وزملاؤه أن يضعوا على الجرس لاصقًا حتى يزيد من إزعاج أهل البيت.. لأن أبناء القدور بك أعلم منّا بهذا الفن النادر]

نسيتُ أثناء هذا المشهد الكوميدي ما أصابني من حزن على محفظتي.. وصرتُ أضحك طول الطريق وأتخيل طريقة خروج الشاب وهروب النمس منه.. كأن قطًا يلاحق فأرًا .. وطريقة إمساكه به وضربه وركله.. وبالفعل تحوّل هذا الشقي بعد هذا الدرس إلى فأر حقيقي.. ولم ينطق بكلمة إلى أن وصلنا إلى الحارة.. :D

عوضتني العائلة بعض الليرات ليخففوا عني وطأة الصدمة.. ولكن الحدث بقي ذكرى معلقة في البال والخاطر بتفاصيله وجزئياته.

بعد هذا المشوار المليء بالأحداث قررتُ ألا أعيد الخطأين اللذين ارتكبتهما:
الأول: عدم الخروج بكامل النقود إلى الأماكن العامة.
الثاني: عدم الخروج مع هذا الولد الشقي الذي قد يجلب علينا وعلى أهلنا المشكلات والصدامات مع الناس.

والسلام عليكم..

مشترك منذ تاريخ: 17/12/2008

ما حكيت لنا إذا مريتوا على مطعم الصمود ولا لا!!

والله كان معك ثروة ومعك حق ما تنسى لهلا... أنا توقعت أن النهاية ستكون عندما يرفس ذلك الشاب صاحبك النمس سيطير جزدانك من جيبه ويعود الحق لأصحابه...فتكون النهاية مثالية متل تبع الأغرار والحمار...

تمنياتي بذكريات جميلة للجميع

User offline. Last seen 9 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/01/2007

اسلوب ممتع جدا ويوم مميز (ياعمي مين قدك هداك اليوم)

عندما يكتب أحدكم شيئا عن طفولته الشقية واللذيذة أقف بصمت قليلا لأبحث عن شقاوة ما كنا نقوم بها واطيل التفكير إلى أن استذكر يوما ما,,, فمدينتنا كانت مدينة الصمت والبحث عن الشقاوة او ربما كنا نحن من جعل الطفولة صامتة

عشناها بكبرياء :mrgreen:

والله راحت عليناأحلى الأيام,, رغم ما قمنا به إلا أنها كانت طفولة كبيرة :?

صورة  ronyda's
User offline. Last seen سنة واحدة 2 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 03/09/2009

بسم الله الرحمن الرحيم

تحية لك سوار المبدع

ذكريات عبرت افق خيالي بارقا يلمع في جنح الليالي
نبهت قلبي من غفوتة وجلت لي ستر ايامي الخوالي
((((
(((((
ذكريات داعبت فكري وظني لست ادري ايها اقرب مني
هي في سمعي على طول المدى نغم ينساب في لحن اغنى
((((
((((
كيف انسى ذكرياتي وهي في قلبي حنين
كيف انسى ذكرياتي وهي في سمعي رنين
كيف انسى ذكرياتي وهي احلام حياتي
انها صورة ايا مي على مرآة ذاتي

ذكرياتك جميلة ...... ذكرتني بالمرة الوحيدة اللي رحت فيها الى السينما بدون اذن من اهلي بعدها أكلت قتلة مرتبة وبعدها ما شفت السينما الى الان .

بس انت نيالك رحت الى السينما وضيعت المصاري وفوقها اهلك يعطوك بدل المصاري الضايعة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!

شكرا لك سوار

.

صورة  روشدار's
User offline. Last seen 8 سنة 5 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 22/04/2009

أخي سوار أحس أني أشبهك بحزنك على الجزدان إلى الآن في هذا الطبع أهدي آلاف وانزعج لو ضيعت شيئا له قيمه معنويه عندي ولو كان قيمته الماديه بسيطه .
لفت انتباهي سلوك عائلتك الكريمه الراقي .
جمعكم الله على المحبه دائما .

لا تكن وتراًً يعزف عليه الحياة ... بل كن عازفاً يعزف على أوتار الحياة أجمل الألحان  

User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي لأحبابي الغوالي ..

Ehmed-s, بيلسان, ronyda, روشدار, .. على هذه المداخلات الجميلة ..

والخواطر التي في جعبتي كثيرة جدًا .. أعانني الله على نشرها بالطريقة اللائقة والممتعة لكم ..

والسلام عليكم ..

User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي للجميع ..

تتمة لما ذكرتُ عن هذه الخاطرة .. فقد أخبرني أحد الإخوة وهو أكبر منّي سنًّا عن حدث مرّ معهم في الابتدائي حول موضوع السينما .. فأردت أن أنشرها هنا بعد أن استسمحت منه طبعًا ..

في المرحلة الابتدائية كان بينهم طالب أعطاه الله بسطة في الجسم وقوة في العضلات وهو أكبر منهم بسنتين أو ثلاثة .. ويخاف منه معظم الطلاب.. وكان بين الفترة والأخرى يأخذ من كل واحد (فرنكًا أو فرنكين) لتكتمل معه نصف ليرة .. بحجة أنه سيذهب إلى السينما غدًا وبعد ذلك سيأتي إليهم ويحدثهم عن أحداث الفيلم من أوله إلى آخره.. (يعني يشوفو فيلم كامل بفرنك.. يا بلاش).. يقول: وكنّا نصدقه ببراءة وندفع له مصروفنا اليومي.. وكان بالفعل يأتي في اليوم الثاني ويتحدث عن أشياء خيالية على أساس أنها من الفيلم.. وبعد أن كبرنا قليلاً عرفنا أنه كان محتالاً وكانت حكاياته من خياله وأساطيره..

سبحان الله .. كيف خطر له أن يحتال بهذه الطريفة على تلك العقول البريئة وهو في تلك السن الصغيرة .. لو سخّر هذا الطالب هذه الحنكة والدهاء في الاتجاه الصحيح لنال أعلى الدرجات العلمية .. ولكن حين يغيب التوجيه والإرشاد والمتابعة تتحول تلك القدرات الكامنة إلى وقود للشرّ وإيذاء الآخرين ..

والسلام عليكم ..

User offline. Last seen 14 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 17/11/2007

شو أخ سوار 07 فضحت خالي متين بشكل غير مباشر , بس أجمل ما في الوجود انو الواحد يعطي كل مرحلة من حياتو حقها و بأيامنا كان أحلى شي بالعيد وقت نروح من الكورنيش لقدوربك مشان المراجيح و الألعاب هنيك ببداية شارع الريجي و بعدين نروح ناكل شاورما من الموعد

User offline. Last seen 7 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحية للغالي والعزيز جنكو ..

يا أخي لم أفضح خالك .. هو اللي فضح حالو في التعقيب على الخاطرة الأولى .. :lol:

ايه .. انتو كنتو بعم بتفرحو بأكل الشاورما .. أما أيامنا فكان (الفلافل).. :cry:

وأشكرك على هذا المرور الطيب ..

والسلام عليكم