العمل الصيفي يخطف حرية العطلة من الشباب

2006-07-22

العمل الصيفي تقليد ينتهجه الكثيرمن المراهقين والشباب دون العشرين في كل الدول الغربية. وهو يشكل فترة انتقاليةضرورية بين سن الطفولة والرشدويسهم في إرساء استقلالية الشاب ويعلّمها حسن إدارة أموالهم وساعات فراغهم، ويكرّس مبدأ الكسب المادي مقابل تعب جسدي وجهد شخصي.بدأ العمل الصيفي يغزو المجتمعات الشرقية بخجل، اذ انها لا تزال ترى في الموضوع تقصيراً من الأهل في إعانة أولادهم او ما يسمى في التقليد الشرقي «القيام بالواجبات العائلية تجاه الأولاد»... الذين يبقون اولاداً في نظر الأهل حتى لو بلغوا الثلاثين من العمر.شهر يختصر الصيفالعمل صيفاً يكاد يقتصر على شهر واحد هو تموز (يوليو) الذي يستقطب عدداً كبيراً من المراهقين، خصوصاً ان المدارس في الغرب تقفل أبوابها أوائل حزيران (يونيو) لتفتحها باكراً في الخريف او حتى آخر الصيف، وحتى في منتصف آب (أغسطس) احياناً كثيرة. فالتلاميذ الغربيون غالباً ما يقومون بأعمال صغيرة خلال الدوام المدرسي مقابل بعض المال مثل تنظيف الحدائق أيام العطل او إخراج الكلاب في نزهة يومية او غيرها من المهمات البسيطة التي لا تعوق دروسهم وواجباتهم المدرسية. لذا، يجدون سهولة قصوى في انتهاج مبدأ العمل الصيفي الذي يشكل استمكالاً لعمل مجتزأ» قاموا به خلال السنة الدراسية.الا ان النظام الاجتماعي الحديث بدّل كثيراً في مفهوم هذا العمل نظراً الى بروز أهمية المدرسة او الجامعة وضرورة الالتحاق بهما والتميز في صفوفهما، ما يدفع عدداً كبيراً من الشباب الى اللجوء الى المدرسة الصيفية، او الدروس الإضافية في الصيف من اجل التمرس في مادة ما او اكتساب مهارات علمية محددة.وقد برز هذا الفارق الفادح من خلال إحصاءات قام بها مكتب العمل الأميركي حيث تبيّن ان 22.4 مليون مراهق وشاب أميركي عملوا خلال شهر تموز عام 1999، أي بنسبة 2.2 مليون مراهق اكثر من شهر نيسان (أبريل) من العام نفسه. اما منتصف صيف عام 2000 فكان 65 في المئة من المراهقين الأميركيين يعملون فيما 7 في المئة منهم يبحثون عن عمل، ما رفع نسبة العمل بين الشباب الى 72 في المئة، فيما اقتصرت هذه النسبة على 59 في المئة فقط قبل ثلاثة اشهر.وتركزت غالبية فرص العمل بين هؤلاء الشباب في أماكن التسلية العامة مثل الشواطئ والمجمعات السياحية ومدن الألعاب.في الغربالعصر الحديث اجبر الشباب الغربي المعاصر على توديع حرية العطلة الصيفية. فهم إما يتابعون الدروس الخصوصية وإما يعملون في وظائف موسمية. وأظهرت إحصاءات مكتب العمل الأميركي في تموز 2002 ان 9.3 ملايين شاب وشابة بين السادسة عشرة والتاسعة عشرة كانوا يعملون او يبحثون عن عمل في تلك الفترة في مقابل 5.4 مليون التحقوا بدروس صيفية.ومقارنة بالفترة نفسها من عام 1994، فإن الإحصاءات تظهر ارتفاعاً في عدد الشباب الملتحقين بالمدرسة الصيفية في مقابل تدني عدد العاملين في العطلة الصيفية. وقد يعود هذا التراجع في عدد العاملين الشباب صيفاً الى الافتقار الى الوظائف جرّاء الركود الاقتصادي العصري الذي يضرب مختلف الميادين.وأبرزت الإحصاءات نفسها ان اكبر نسبة في التراجع سجلت بين عامي 2001 و2002، إذ لحق التدني خصوصاً عدد الوظائف الشبابية وأنواعها، اكثر منه ساعات عمل الشباب أو نسبة الأموال التي يتقاضونها.فالتراجع في هذه الوظائف برز من خلال تقلص فرص العمل في الميادين التي كانت أساساً مصدر عمل لمن يتراوح عمره بين السادسة عشرة والتاسعة عشرة. فنصف الشباب من هذا العمر كان يعمل في الوظائف الخدماتية والوظائف الصغيرة للمبيعات وما شابهها. وهي سجلت تقلصاً في مواردها في شكل لافت بين عامي 2001 و2002، اذ ان نسبة قليلة من هؤلاء الشباب كانت تعمل في الميادين التقنية والزراعية والمهنية.وعمل هؤلاء الشباب نحو 29 ساعة اسبوعية في تلك الفترة، براتب يتراوح بين 5.5 دولار و 6.75 دولار للساعة الواحدة تقريباً على رغم ان نص شروط قوانين العمل العادل عام 1938 يسمح بدفع اقل من هذه النسبة للشباب ما دون العشرين مقابل 90 يوم عمل سنوياً.فوائد معنويةلا تقتصر فوائد العمل الصيفي على الراتب الذي يتقاضاه المراهق في نهاية اليوم أو الشهر، بل تتمحور حول مجموعة من الفوائد المعنوية والعادات الاجتماعية التي تشكل قاعدة نظام حياته المستقبلي. فهو يجب ان يبدأ بعادة الوصول صباحاً في وقت محدد الى عمله، على ان يكون مرتباً من حيث مظهره الخارجي ليحسن القيام بكل واجباته. كما يجب ان يتعلم كيفية ممارسة مهنة ما من ضمن فريق عمل واحد، ما سينمّي حتماً قدرته على التواصل الاجتماعي وعلى حسن التعامل مع المشاكل الطارئة التي تتخلل نهاره العملي... ناهيك بأن هناك وظائف محددة تشكل العتبة التي سينطلق منها العامل الشاب لإرساء مهنته المستقبلية، مثل مهن التمريض أو الكومبيوتر.وأظهرت إحصاءات مكتب العمل الأميركي لصيف العام 2002، ان 21 في المئة من الشباب الأميركي يعمل في المطاعم، كما ان النسبة نفسها تعمل في المحلات التجارية والمبيعات، و13 في المئة في أعمال التنظيف والأعمال المهنية المماثلة، و11 في المئة في الوظائف الإدارية واعمال البناء والأجهزة الآلية، و 6 في المئة في ميدان الزراعة.وارتفعت نسبة العمال الشباب اكثر من نسبة الفتيات، على ان ترتفع النسبة في الصفوف الجامعية العليا.دراسة سوق العملوفي مقابل هذا التفاوت في الأرقام، انكب خبراء العمل على دراسة سوق العمل الشبابية في المجتمعات الغربية الصناعية، لا سيما الأميركية منها، وذلك انطلاقاً من دراسة الفترة الانتقالية التي تربط المدرسة والجامعة بالعمل بحد ذاته قبل ان يحط الشباب رحالهم في عمل مهني ثابت في ما بعد.واهتم القانون الفيديرالي الأميركي بهذه الناحية، اذ نص ان المراهق ما دون الرابعة عشرة يحق له العمل في توزيع الصحف وفي وظائف تملكها العائلة او الأصدقاء كما العمل في المسرح او الإذاعة أو التلفزيون، على ان يعملوا بين السابعة صباحاً والسابعة مساء خلال الدوام المدرسي، وحتى التاسعة مساء في الصيف فقط. وينص القانون على عمل من هم بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة ثلاث ساعات يومياً خلال الدوام المدرسي، و 8 ساعات في العطل، و 40 ساعة في الأسبوع غير الدراسي. أما بين السادسة عشرة والسابعة عشرة، فيستطيع المراهق ان يعمل عدد الساعات الذي يشاء.كما درس خبراء العمل التأثير العرقي والتمييز العنصري على تفاوت نسب البطالة في سوق العمل، استناداً الى دراسة علمية للسكان الأميركيين الشباب امتدت طوال 15 عاماً بين 1979 و 1994 وركزت على التبدلات الموسمية في سوق العمل.وتبين ان نسبة شبابية تتراوح بين 37 و44 في المئة تعمل طوال السنة المدرسية في مقابل نسبة تتراوح بين 48 و51 في المئة في خلال الصيف فقط. كما أبرزت ان عدد ساعات العمل الأسبوعية يرتفع من 16.1 أسبوعياً في السادسة عشرة الى 22.4 أسبوعياً في الثامنة عشرة. كما ان فرقاً كبيراً يسجل بين الإناث والذكور، اذ ان ثلثي التلاميذ الذكور الذين تركوا المدرسة يجدون عملاً صيفياً فيما ثلث الإناث فقط يحذون حذوهم.فالعمل الصيفي استقطب في تموز 2003 نسبة 59 في المئة من الشباب، أي ما يعادل 21.7 مليون أميركي. وهو عاد يستعيد وهجه السابق على رغم الركود الاقتصادي بفضل المواقع المخصصة لهذه الغاية على الانترنت والتي سجلت رقماً قياسياً في روادها، كما ارتفاعاً في الطلبات العملية التي وفرتها.اسوأ خمس وظائف شبابيةما هي أسوأ خمس وظائف قد ينخرط فيها الشاب او الشابة في فصل الصيف، وفق تصنيف النقابة الوطنية للمستهلكين في اميركا للعام 2005، واستناداً الى احصاءات من مكاتب العمل في مختلف المقاطعات والولايات الاميركية؟النقابة أنذرت الأهالي والطلاب في آن، موضحة ان شاباً يتأذى في عمله كل 30 ثانية، كما ان مراهقاً يقتل في العمل كل خمسة ايام. وقال مكتب العمل الأميركي ان عدد القتلى الشباب من جراء العمل وصل الى 175 العام 2001، كما ان نسبة 38 في المئة من مجمل وفيات الشباب تنجم عن الميادين الخمسة.ويتمثل الحقل العملي لجهة الخطورة، في الزراعة، حيث سجلت نسبة 42 في المئة من عدد الوفيات الشبابية بين العامين 1992 و2000. وفي هذا الميدان تزيد أخطار العمل اربع مرات بالنسبة الى الذين تراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة.ويأتي ميدان البناء والعمل في الأماكن العالية في المرتبة الثانية، اذ ان اخطار العمل تتضاعف سبع مرات اكثر بالنسبة الى الشريحة العمرية المذكورة.اما ميدان العمل في الحدائق والأرض و «الغازون» فيتطلب استعمال أدوات وأجهزة وآليات خطرة كما مبيدات ومخصبات زراعية يجب التعامل معها بحذر تام.وتأتي قيادة الآليات والجرارات في المرتبة الرابعة نظراً الى خطر الحوادث الذي يرافقها. ويحتل التنقل على الطرقات اخيراً المرتبة الخامسة من المهن الخطرة، وهو يتضمن بيع الصحف او المجلات والأغراض الأخرى «من باب الى باب» كما التنقل في احياء خطرة من دون مراقبة راشد. المصدر الحياة

MAS


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.