الاول من ايار كان عيدا للعمال

2006-05-03

كل من يناضل في سبيل هدف ما فهو عامل ، وكل من يعيش من اجل التطور والازدهار فهو عامل ، وكل من يتطلع الى مجتمع افضل ايضا هو العامل ، ولكن اختزال كل البشرية في فئة العامل والعمال ، عبر النظرية العمالية والاقتصاد السياسي التي تبنته الامميات المتعاقبة ( الاولى والثانية والثالثة ) وحسب المفهوم الماركسي الانجلزي ، يعتبر اجحاف بحق الطبقة العاملة من جهة ،واجحاف بحق البشرية جمعاء ، واختزال الفكر والسياسة بهذه الطبقة ( حسب المفهوم الماركسي ) ايضا هي اجحاف للبشرية جمعاء ، لان كافة الفئاة الاجتماعية والطبقات الاخرى ايضا تريد ان تعيش وتناضل من اجل عيشها والوصول الى حياة افضل .ان النظرية الماركسية في تشكيل المجتمعات والطبقات والفئاة الاجتماعية ، هي نظرية صحيحة نسبيا ، ولكن الاخذ بها على اساس انها النظرية المطلقة في التكوين ، ورسم مستقبل العالم وفق هذه النظرية ، كان انحرافا جديا في محاولة تطبيقها في الممارسة العملية ، وهي التي تسببت في فشل نظامها وعدم وصولها الى نتائج ايجابية ، لابل انها احبطت امال وطموحات الطبقة العاملة ، وجعلتها متشرزمة ، وفقدت حيويتها واصابتها النكبة والياس في التجربة العملية مع مرور الزمن والتطور البشري ، لان التجربة السوفيتية اثبتت ان اختزال البشرية والاقتصاد والسياسة بفئة ما يؤدي الى اختزال كل هذه الاشياء بممثل هذه الفئة ، وبالتالي يؤدي الى ظهور ديكتاتوريات تفوق في استبدادها الدكتاتوريات القديمة (العبودية والاقطاعية )، لان مستوى التطور التكنولوجي والعلمي والفكري في المجتمع يصل الى درجات عالية ، وتبرز في هذا الوعي مبادئ اساسية في الحياة الاجتماعية ، من الحرية الفردية الى الحرية الاقتصادية وحقوق الانسان ، الا ان التجربة السوفيتية وكنتيجة حتمية لها ، لم تستطع ان تاخذ هذا التطور بعين الاعتبار ، لابل جاهد من اجل قمعها وتشكيل نسخة او موديل معد مسبقا للمجتمع وفق نظريتها ( الوصغات الجاهزة )، وطالبت كافة الفئاة الاجتماعية التاقلم مع هذا القالب الذي يعتبرسجنا للفئاة الاخرى ، وهذا ما يعرف الان بالايديولوجية الشمولية والتي يتصف بالرجعية والتخلف وعدم مواكبة روح العصر والتطور الثقافي والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الذي يعيشه عالمنا المعاصر، لانها احادية الاتجاه والنظرة  .ان التكامل الاجتماعي الذي يطرح في الممارسة العملية لبناء المجتمع الحر والديمقراطي الان ، من الناحية الاجتماعية والثقافية والسياسية هي التي تسود  كافة مرافق الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ( عكس النظرية الماركسية ) ، وعلى هذا الاساس تعرض البنية الفكرية للطبقة العاملة الى تغيرات جذرية لايمكن انكارها ، ومن جهة اخرى فان التغيرات الاقتصادية ايضا فعلت فعلتها في هذا التغير ، وبشكل عام نستطيع القول ان التطور التيكنولوجي والتي كان يعرف بالعدو الاساسي للطبقة العاملة انتصرت باحتلال كافة مرافق الحياة ، وبات الطبقة العاملة مضطرة للاعتراف بالواقع الموضوعي وان تتغير ان شاء ام ابى ( ( حزب العمال البريطاني )، وهذا ما ادى الى تهميش الحركات اليسارية والعمالية بشكل عام ، وتوجهت بعض منها الى حل نفسها وفسخ تنظيماتها ، وتوجه الاخر الى الانضمام الى التطور العام في ممارسة السياسة بالاشتراك مع الاحزاب السياسية الاخرى ( الديمقراطية  الوطنية ) .ان اعتبار الاحزاب العمالية نفسها البديل الشرعي للنظام ، اصبح غير وارد في الكثير من دول العالم ، لانها ان اعتبرت نفسها كذلك ، ستكون نتيجتها الفشل الحتمي ، لانها ذو نظرة شمولية وقد يكون اكثر تخلفا من النظام القائم في تلك الدولة ، ولن تستطيع تحقق الاكثرية في تشكيل السلطة او الوزارة او حتى ادارة البلاد ، وستكون مضطرة الى الالتجاء الى القمع والاستبداد ، ولايوجد شعب يطمح الى هذا في هذه المرحلة.بالنسبة للوطن العربي فان التطور الاجتماعي والسياسي والثقافي يتطور بشكل  عكسي ، ويتجه الى المقاومة الشاذة او السلبية ، والتي تستند في ذلك الى تاريخها او الى الماضي العريق الذي اصبح بكل معنى الكلمة ( ماضي ) ، فمع توجه القوى العالمية الى العولمة والتطور الاقتصادي والسياسي والثقافي وعولمة الاقتصاد ، وتطوير الحريات الفردية بالترافق مع حقوق الانسان وحقوق الامم والشعوب في تقرير مصيرها ، تتجه الوطن العربي الى عولمة الفكر في ما وراء الطبيعة ( نتيجة في الطبيعة )، والتوجه الى السلفية والتكفير والتطرف الديني في مقاومة التطور الغربي ، والذي يعتبرونه غول سيلتهم حضارتهم القديمة ، التي لم يعد لها اي اثر ، وان بقيت بعض مقوماتها فان الانظمة الاستبدادية تستخدمها من اجل الحفاظ على مصالحهم والاستمرار في القمع والاستبداد ، ومع كل اسف اقتنعت بعض الحركات العمالية  المنتاثرة بهذا المفهوم ، تحت اسم مناهضة الامبريالية والراسمالية العالمية ، ويهيئون الارضية الخصبة للتطور اللاهوتي و السلفي المتمثل في الاسلام السياسي والتطرف الديني ، والذي بدوره يؤثر سلبا على كافة مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية ، وهي بدورها تناهض الحريات الاساسية والحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق العمال ايضا .على الحركة العمالية في الشرق الاوسط ان وجدت ، ان تبحث عن سبل توحيد جهودها مع فعاليات السياسية العامة ، ضمن منظمات المجتمع المدني ، ولجان الدفاع عن الحريات العامة ، ومنظمات حقوق الانسان ، علها ان تقدم بذلك نقدا ذاتيا عن ماضيها المتصلب وعن ايديولوجيتها الشمولية والتي لم تكن تبت باية صلة عن الواقع الاجتماعي والثقافي في الشرق الاوسط ، فالى الان لاتعترف الحركات العمالية في الشرق الاوسط بحق الامم في تقرير مصيرها (اللهم نظريا ) ، ولا يوجد في قاموسها مسالة الاقليات ، او الحقوق الدينية والثقافية للشعوب والاثنيات التي ترزح تحت حكم السلطات الحاكمة في بلدانها ، واستطيع القول ان اغلب الحركات العمالية ان لم اقل معظمها هي متاثرة وتتحرك وفقا لرغبات السلطات الحاكمة في هذه المسائل ، ومن غير اي تحفظ استطيع ان اذكر اسم الحزب الشيوعي السوري وصولا الى الحزب الشيوعي التركي والاردني والايراني ، وهؤلاء الاحزاب وان كانت نظرياتهم ثورية ، الا انهم في الممارسة العملية لم يستطيعو ان يخرجو من تحت مظلة السلطة ، لابل شكلو مع السلطة جبهات ضد مصالح جماهيرها .تعيش منطقة الشرق الاوسط ارتدادا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا ، وهي تعيش في حالة من الفقر والتخلف المريع ، وهذا الارتداد يؤثر على الحركة النضالية بشكل عام ، بما فيها وضع المراة العاملة او المناضلة في سبيل حريتها في المساوات بينها وبين الرجل ، لان المراة اليسارية اصبحت تقتنع ان حرية المراة هي من بروبوغاندا النظام العالمي الجديد ( تحت تاثير مازرعته الانظمة الشمولية من جهة ، وفشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي من جهة اخرى ) ، لانها فقدت حريتها الطبقية تحت الاستبداد السياسي ، وفقدت حريتها الاجتماعية بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية  ، فتجد الحل في الهروب من الواقع والتوجه الى ماوراء الطبيعة ( تحت الضغوطات العديدة وفي كافة المجالات )، ومع احترامي للمناضلات الواتي ماذلن باقين في خندق النضال ويقامون كافة اشكال القمع والاستبداد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، الا ان المفهوم العام للحركة العمالية في منطقتنا اصبحت مع كل اسف مظلة تحمي النظم الاستبداية بوعي او من دون وعي ، لانها تجد في عدوتها التاريخية ( الويلايات المتحدة الامريكية )  تقود النضال الديمقراطي والدفاع عن الحريات الاساسية وحقوق الانسان ، وان كانت هذا الدفاع من منطق حماية مصالحها ، الا انها تحمي مصالح الشعوب والطبقات المستغلة والتي ترزح تحت استبداد انظمتها الرجعية والديكتاتورية ايضا - لذا تجد الحركات اليسارية تناهض العولمة - لان النظام العلمي الجديد يفتح افقا جديدة ومساحة واسعة للحريات الاساسية ، ومع الاسف بهذه المفاهيم استطاعت الحركة العمالية ان تضيق الحصار على حرية المراة من جديد وبثوب جديد ، ومثلما نرى الان اغتيال النساء العاملات والموظفات (الغير محجبات) في بغداد وضواحيها ، ستتكرر هذه الحوادث قريبا في كل من دمشق وعمان والقاهرة ، لان الميول العام اصبح ضد حرية المراة ( واصبحت المراة اسيرة اربعة جدران – نسبيا )، والحركة العمالية لم تستطيع تحليل الوضع السياسي الراهن ، وتطوراتها بالشكل الايجابي والمنطقي والموضوعي ، بل توجهت الى خدمة مصالح حكامها الاستبداديين ( في مقاومة سلبية متخلفة )، في عصر يفترض ان يكون عصرا لحرية المراة وتحررها ، لان القرن الحادي والعشرون هو قرن المراة في العالم ، الا انها تنقلب الى قرن دحر واضطهاد المراة في الشرق الاوسط ، ولكن توجهة المراة بشكل عام الى تاسيس تنظيمات المجتمع المدني ، وتوجهها الى احتلال مكانتها في جمعيات حقوق الانسان والرعاية والمنظمات الخدمية اعطتها دفعا نحو الامام ، ويبدو ان تطور المراة لن تتحقق الا من خلال منظمات المجتمع المدني ومؤسساتها الثقافية والاجتماعية والسياسية ، وعن طريق استقلاليتها الاقتصادية  .     غمكين ديريكxemginderik@yahoo.com     

MAS


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.