فتيات يشاركن سيريانيوز معاناتهن مع العنوسة

2007-02-11

تذهب الى الحديقة باحثة عن عريسبعد عناء السير على الأقدام، وطلبا للراحة، دخلت مع أخي إلى حديقة التجارة وجلسنا في أول مقعد صادفناه.اقتربت منًّا فتاة في العقد الثالث من عمرها واستأذنت الجلوس، وتجاذبت معنا أطراف الحديث، عن أسمائنا، وأعمارنا.وبعد خمس دقائق من جلوسنا أخذت تسر همها لتقول: "عشت عمري في الضيعة، ولم يرني أحد من الشبان لذلك لم أتزوج، فأتيت إلى الشام باحثة عن عمل ولعلي أصادف فتى الأحلام الذي لم يأت بعد، ومن دون فائدة".نظرت حولها بضع دقائق وكأنها تبحث عن شيء ما أو منتظرة أحد، لتتابع بعدها مستفسرة "متى تفتح هذه الحديقة؟" فأجبتها "أعتقد في الساعة السابعة صباحا".فقالت فرحة "تمام رح إجي كل يوم لهون قبل ما روح على الشغل، أنتو بتعرفوا الوحدة منًّا إذا ما طلعت وفاتت كيف بدون يشوفوا الشباب، منشان هيك رح إجي كل يوم على الحديقة لعل وعسى ولا شو رأيكون، مو صح كلامي؟".بعد كلماتها سَرقت نظرةً إلى أخي طالبةً منه أن يجيبها، فكلامها أفرغ جعبتي من المفردات، فرفض إجابتها حتى أسعفنا الصمت.قطعَت الصمت بسؤالها لأخي هل هي خطيبتك؟فأجابها: "لا هي أختي".استأذنت منًّا لبضع دقائق لتعود مسدلة شعرها على وجهها، ومضيفة بعض لمسات الأنوثة، وطلبت أن نلتقي غدا في الحديقة، وعندما علمت أننا لا نرتادها والتعب هو الذي أوصلنا إليها، أعطتنا عنوان منزلها، ورقم هاتفها، والأماكن التي تتواجد بها منتظرة أن نفاجئها بزيارة".هذه الفتاة لم تكن وحدها من يبحث عن عريس، فهناك كثيرات يخشين عناء الوحدة، ومواجهة المجتمع بعمر يناهز الأربعين من دون شريك، ومنهن مرفت (34 عام حاصلة على دبلوم تجارة) تقول "أنا من الفتيات الملتزمات أخلاقيا، ودينيا، ولا أحب أن أرتدي ملابس الموضة في حال لم تناسب أخلاقي، ومبادئي، ولكن الآن بعد دخولي في العقد الثالث، بدأت الكثير من مبادئي تتغير، لأنو الظاهر شباب هي الأيام ما بيعجبون البنت اللُّي ماشية دغري".تشعر بالعنوسة من عمر العشرين، وعمرها الآن 22 أغلب الفتيات الذين قابلناهم تحدثن عن مخاوفهن من الوحدة، ومن كلمة "عانس" ومنهن من يعتبرن أن شعور العنوسة هو داخلي لا يمت بصلة للعمر، ومنهن منال التي شاركت سيريانيوز قصتها قائلة "عندما كان عمري 18 عام أحببت شاب بدى لي أنه مثقف، فيه كل صفات فتى أحلامي، وأحببته من كل قلبي، وكنت مستعدة أن انتظره سنين طويلة دون كلل أو ملل، على أمل الوقوف جانبه بالفستان الأبيض، لكن بعد سنتين لا أعلم ماذا حدث فجأة تركني ومن دون سابق إنذار وأحب فتاة أخرى".وتتابع "فكرت كثيرا لماذا تركني، وما الشيء الذي يعيبني، حتى لم يكترث حتى بإعلامي عن السبب، ومنذ ذلك اليوم وثقتي بنفسي مهزوزة، وأشعر بالعنوسة على الرغم من صغر عمري لأني ببساطة لا استطيع الزواج من أي إنسان بعده، فكلما أتخيل نفسي مرتدية ثوب الزفاف مع شاب آخر أشعر بالغثيان، والرغبة بالإقياء".نصائح لتفادي العزوبيةجانيت (41 سنة، موظفة) لم تكن غاضبة من وضعها بأنها لم تتزوج فهي من اختار هذا لكنها تأسف لأنها ولدت بمجتمع شرقي يمنع الفتاة من التعبير عن مشاعرها فتقول "انا من اخترت العزوبية لأنه لم يتقدم لخطبتي شاب أتفق معه، وأن أبقى بلا زواج أفضل من أن أتزوج لمجرد الحماية أو العلاقة الجنسية، لكن ندمي الوحيد أنني لم أستطع مصارحة الرجل الذي أريده زوجا لي بحقيقة مشاعري".وتضيف موجهة نصيحة لفتيات العقد الثاني والثالث "الآن وبعد أن فاتني قطار الزواج أرغب بتوجيه نصيحة للفتيات عبر سيريا نيوز، بأن لايترددن ولو للحظة بالتعبير عن مشاعرهن للرجل الذي يحبونه، وأن يتقبلوا فكرة احتمالية رفض الشاب لهن، لأنه يحق له أن يَرفضك كما ترفضه الفتيات (ألا تطالبون بالمساواة)، بالإضافة إلى عدم تعجيز الشاب بالطلبات".هذه المعاناة والمشاعر، نقلناها إلى الدكتور راغد هارون (أخصائي في الأمراض العقلية والعصبية) ليخبرنا عن هذا الموضوع فيقول "مفهوم عدم الزواج أو العنوسة، كما يسميها المجتمع يختلف من مكان إلى آخر فببعض الأماكن يبدأ بالـ 25، والبعض الآخر يبدأ بـالـ 35 ويرافق هذا التعبير مجموعة من المشاعر التي تختلف من فتاة إلى أخرى وذلك لسبب بسيط فالشكل الطبيعي للحياة هو الزواج وفي حال لم تسنح لها الفرصة بممارسة الدور الطبيعي يحدث ما يسمى (بالإرتكاس)".ويتابع هارون "هذا (الإرتكاس يولد لدى بعضهن القلق، والتوتر، والاكتئاب وممكن ان تصل لدرجة الخروج عن العادات والتقاليد.. وغير ذلك من الحالات المتقدمة كالهروب من الواقع عن طريق شرب الخمر، وتعاطي المخدرات.. والفتيات الضعيفات يتأثرن بأقل كلمة عن هذا الموضوع، فمن الممكن أن تتحسس لمجرد تعبير امرأة عن محبتها لأطفالها أو لزوجها".ومؤكدا هارون أن ذلك يبقى تبعا لشخصية الفتاة فعدم زواجها يخلق لديها شعور بالتحدي، ونوع من الإبداع وتقديم الأفضل، وتكون على الأغلب غير مهتمة بنظرة المجتمع".وعن احتمالية شعور الفتاة بعمر العشرين بالعزوبية قال: "هذا نوع من الدفاعات التي تقوم بها الفتاة، وذلك بسبب تعرضها لصدمة عنيفة بحياتها، و ممكن أن تترجم هذا الشعور بدفاعات جسدية، كالرغبة بالإقياء، والدوار".وفي سؤالنا عن كيفية التخفيف من هذا الشعور يقول: "أكرر مرة أخرى أن ذلك يتوقف على شخصية الفتاة، والشيء الذي ممكن ان تفعله، أن تشغل وقتها أكثر بالعمل، وفي حال كان لديها رغبة شديدة بالأمومة عليها العمل في المراكز التي تعتني بالطفولة لتشبع نسبيا رغبتها".سلاف ابراهيم – سيريانيوز

MAS


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.