رحلة في ربوع منطقة آليان – قرية خشينية

6 ردود [اخر رد]
مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

كان يا ما كان في يوم ليس ببعيد عن كتابة هذه السطور , جاءني اتصال من صديق وهو راكب للميطور , لقد قررنا الخروج لرحلة نصف عائلية واخترنا دياركم كمنطقة شبه سياحية , في عام قلت فيه الامطار وجفت من تربته الينابيع والأنهار , فرحبت بدوري بحسن الاختيار وشكرتهم على هذه الدعوة في ربوع آليان موطن البط والإوز والجمال ,

وأخبرتهم عن تتبع أخبار الطقس وأن الزمن لا يؤمن في هذه الأمصار , ورغم أنه كان للرحلة إدارة حكيمة وخبير طقس من طراز عدنان حمدان , والذي كانت مفكرته لاتجاه الرياح وسرعتها وثقل الغيوم وكثافتها واحتمالات الامطار ونسبتها مثل مفكرات رمضان , إلا أن الرحلة ثبت موعدها وطلب منا عدم النوم صبيحتها , والانطلاق إلى المكان الموعود في اليوم المنشود ..

 

استيقظت قبل دجاجات القرية وصياح ديوكها واتصلت بعامودكي لأفيقه كما أظن , فإذا به يحدثني من مكان الرحلة يطن ويئن , أين غبت يا عماد أنا فرشت المكان واستطلعت الأزقة ومواطن الجنان , فحملت عدستي وهرولت إليه , وصلت للمكان بعد دقائق معدودة وقمت بفحص الطبيعة والأشجار المحدودة وأليكم نشرتي الصباحية قبل وصول القافلة السياحية : في المنطقة حوالي 25 شجرة توت كبيرة في الحجم والعمر متنوعة المذاقات في ثمارها , المختلفة في ألوانها بين أخضر يصفر وأحمر يسود , والتي تطبع الأنامل والشفاه لكل متذوق وتسحر قلب كل متروق ,و هناك نبعان من مياه صافية نقية يمكن للرائي أن يتمتع بجمال تحركات الأسماك العاشقة فيها وهي تصول حول بعضها غنجاً ودلالاً , وينبع منهما ساقية  تروي الجدول الذي يحيط بالمكان بأنواع من الحشائش الخضراء من " توزك وباربار " , كانت اسراب البط وفراخها الصغيرة تهوي حيث الساقية وتتحمم في تلك المياه التي تسير ببطء وتفرد جناحيها لتتطاير حبات المياه فوق رؤوس صغارها , أصوات الضفادع كانت تملأ المكان وكأنها في حفلة غناء , الطيور سعيدة بأشعة الشمس الدافئة وتنتقل من غصن إلى آخر تتناول من مطبخ التوت ما لذ وطاب , الدجاجات والديكة تتأهب تحت الأشجار لتقضم على كل حبة توت تسقط من العصافير تتسابق كأنها دعوة للفطور .

 

عاينت بنظري هذه المشاهد الخلابة وحاولت بعدستي توثيق بعض منها للأيام القادمة , في غمرة انبهاري بهذه المناظر فإذا بالباصات قادمة , كان السلام على الأصدقاء حاراً حرارة الأيام التي جمعتنا , نزل الأطفال والطابات بأيديهم ,واللعب على المرج الأخضر يدك وجدانهم ويهويهم , وبدأ النشاط الصباحي , البعض ينصب الخيم والبعض الآخر يفرش المكان ويقسم العدة ونحن الأطفال ذهبنا نلعب الطابة " نحن طبعاً " , حتى حان موعد الفطور وبدأت علب الحلاوة بالظهور , فعمت الفرحة قلوب الأطفال وظهرت الضحكات تتوالى على أفواه الرجال , في لحظة من الوحدة الوطنية نسي الجميع طائفتهم الآلية والآشيتية والغربية , ونسوا الشاي والجبن والزيتون وأفرغوا الحلاوة من الصحون .

 

ثم لعبنا نحن الشباب بالطابة بينما تنزهت النسوان في الغابة , وكان الرهان على الرابح في المباراة أن يشوي الكباب والشقف وعلى الخاسر أن يأكل حتى يصل كرشه للسقف , والحمد لله على خسارة فريقنا بنتيجة كبيرة فالهزيمة في المباراة لا تعني إلا الفوز بمنقلة كباب مستديرة .
وفي المسابقات العائلية فاز كل زوجين بوردة , وفاز كل طفل بلعبة , وفزت بدوري بمشاركة فنية .

ومع بداية فترة الظهيرة والاستعداد للشواء بدأت الغيوم تتشكل وتثقل والرياح تشتد وتبرد وحبات المطر تهطل من السماء , وبدأت الفرق الفنية تعمل كالنمل لكل مجموعة دورها الموكل لها في تحضير اللحم وشوائه وتوزيع المشوي منه على الصحون حسب الأفراد , كل ذلك والأمطار تشتد والاوحال في الأرض تمتد , عالج بعضهم دواء البرد رقصاً حول الأشجار , وداوى الآخرون بالتقرب من الجمر , بينما التجأت النسوة والأطفال للخيم والباصات , إلى أن تصلهن من حفلة الشواء الواردات , والمضحك في الأمر أنني بقيت واقفاً قرب شجرة وبيدي صحن كباب لم يكن يمتلئ رغم افراغ اللحم فيه , لأن مهمة لجنتي التموينية كانت تذوق اللحم من كل منقلة , حرصاً على سلامتهم من أي إصابة محتملة , تناول الجميع طعام الغداء مسرورين , ونظفوا المكان من كل ورقة ومحرمة وقشرة بذر تأدباً وخلقاً ودين , وعادوا إلى بيوتهم سالمين غانمين , والحمد لله رب العالمين .

 

عماد يوسف
الأحد 29 / 4 / 2018

 

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

صورة  ronyda's
User offline. Last seen سنة واحدة 3 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 03/09/2009

هما بخودي خوشبو .. ذكرتني بمواضيع التعبير في وصف رحلة في الربيع .. بس موضوعك بياخد العلامة التامة اكيد
سلمت يداك عماد ،، بخودي دايما انت مبدع
متل هالرحلات راحت علينا والله

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

وي تساغبي اختي الطيبة رونيدا ,,
ارجو ان تنال مواضيعنا اعجابكم واستحسانكم 
من المؤكد أن ادب الرحلات غائب في واقعنا الكردي لكننا اردنا ان نسلط الضوء على جزئية صغيرة منه
كل الشكر لمرورك

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

gul
صورة  gul's
User offline. Last seen 5 سنة 26 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/10/2009

 ما هذه الرحلة التي أتت بقالب المقامات
 ((عماد الزمان الآلياني)) 

 كما قالت رونيدا بخودي خوشبو 
 سلم ابداعك، ودام فيض نبوغك 
 وتعافت بلادنا مما أحل بها من ظلام غاشم
 
  أكثر من هذه الرحلات، لنصافح بديع ما تكتب 
 من مقال ومقام وقصائد، وكل شيء إلا السياسة 
 كم تسيء وأساءت إلى الاقلام 

 كل التقدير لعدستك وعينك التي ترمق الدقائق، وتحدق في التفاصيل
 فليست كل عين ترى، ولا كل فكر انتبه 
 أو كل لب عرف وتفقه؛ في الموجودات من بشر وحجر ومخلوقات اخرى 
 مثل الطيجي والبقر والقاز، والعلوك أيضاً cool
 

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

وكل التقدير لكلماتك اللطيفة التي تقرأ ما بين السطور ووراءها وتبين ما فيها من جمال وأدب
للرحلات أدبها واسلوب سردها اضافة الى اظهار اخلاقيات التخييم في مكان ما من تنظيف وعدم ترك المخلفات 
فالمكان الذي نتنزه فيه اليوم سيتنزه فيه غيرنا غدا
كل الشكر صانعة العسل وسيدة الادب الراقي

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع

User offline. Last seen 4 سنة 1 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 07/08/2006

أين صور الفلاح النشيط الذي يطارد الاقطاعي البغيض..
واين الحلاوة ..مع أن الحلاوة اكتملت في هذا التجمع الغربي آشيتي إلا أن غياب الحلاوة انقص من قيمة الرحلة ..

مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

اهلا اخي ابراهيم 
صحون الحلاوة تزين الفطور الا تراها ههههههههههه
كل التقدير

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع