كوهدرز تمر : محاولة الإنقلاب الفاشلة ، الضربة التي لم تقضِ على أردوغان هل تقويه أكثر !؟

2016-07-16

السبت 16 يوليو 2016
 
يتضح أن محاولة الإنقلاب التي نفذتها مجموعة من ضباط الجيش التركي على سلطة الحكومة المنتخبة و الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد باءت بالشفل، لكن تبعاتها ستستمر لأيام و ربما أسابيع قادمة  من مناوشات عسكرية و اعتقالات و محاكمات للإنقلابيين لن تكون سهلة .
 
و يبدو وقوف الكيان الموازي (الدولة العميقة ) الذي يُتّهَم بإدارته رجل الأعمال التركي المتدين فتح الله غولن معلّم أردوغان و التيار الإسلامي في تركيا ، الذي انقلب عليه الأخير و بات من ألدّ أعدائه .
 
الدولة العميقة  هذه تمتلك ذراعاً طويلة ضمن مؤسسات الاستخبارات و الشرطة و الجيش التركية و قد قامت حكومات حزب العدالة و التنمية الحاكم بتفصية تلك المؤسسات منها نوعاً ما في  العقد الأخير لكنها لا تزال قوية و سرية للغاية افتضحها هذا الانقلاب و كشف بقايا خيوطها ، و كانت المحاولة بمثابة حياة أو موت لها .
 
الصراع بين هذه المجموعة و حزب العدالة و التننمية الحاكم  كان قد ارتفعت وتيرته بشكل كبير و خاصة بعد اتهامات أردوغان لغولن و جماعته بالوقوف وراء تفجيرات أنقرة و حديث أردوغان عن اندساسها  حتى في القصر الرئاسي قبل أقل من شهر و من ثم مطالبته الولايات المتحدة الأمريكية بتسليم غولن لها .
 
أما بالنسبة لتوقيت الإنقلاب فربما توقع الإنقلابيون تراجعاً في التأييد الشعبي و السياسي لأردوغان و حكومة بن علي يلدرم بعد تطبيع العلاقات مع اسرائيل من حديد و الخلافات التي دبت في صفوف الحزب و ترك داوود أوغلو بعد عبدالله غول له مع مجموعة لا يستهان بها .
 
 كوردياً اختلفت الآراء حول الانقلاب بين قسم مؤيد  لا يهمه سوى رحيل أردوغان والعدالة و التنمية ، و قسم معارض يخشى عواقب الانقلابات و عايشها في ثمانيات القرن الماضي و الأول أغلبه خارج تركيا أما الثاني ففي شمالي كوردستان و بالطبع حزب الشعوب الديمقراطية ضمنه .
 
و تشير التحليلات السياسية ان تلك الجماعة تقف وراء تفجيرات سروج و ديابكر  و وراء الكثير من العمليات العسكرية في شمالي كوردستان و تجنيد شباب مغرر بهم تحت ستار تنظيم داعش الارهابي  ، و قد اتهم رئيس الوزراء السابق داوود أوغلو حزب العمال الكوردستاني بالصلة مع الجماعة و سعيهما لعرقلة عميلة السلام   بعد تلك التفجيرات الدامية في شمالي كوردستان  و ماتلاها من هجمات و إنهء لوقف إطلاق النار بعيد انتخابات حزيران العام الماضي البرلمانية التي فاز فيها الشعوب الديمقراطية المقرب من العمال الكوردستاني ولاول مرة ب13 % من أصوات الناخبين و دخوله البرلمان ب 85 مقعداً.
 
و السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ، ماذا سيكون مصير القضية الكوردية بعدما جرى و ماذا سيتغير !؟
 
إن كان الإنقلاب قد نجح لعادت الأمور إلى سابق عهدها في التسعينات إن لم نقل الثمانينات من حيث تعامل العسكر مع القضية الكوردية و مع عموم تركيا و لفقد الكورد ما كسبوه في إدارة بلدياتهم و حضورهم في البرلمان التركي و الحياة السياسية عموماً و لتحول حلّ القضية غلى شبه مستحيلة ، لو اعترف الناتو بالانقلابيين و شهدنا مصر سيسي جديد و صمت دولي تجاه دكتاتورية حاكمة بقوة السلاح تحت عباءة حماية الوطنية.
 
و أتوقع أن يكون الرئيس التركي أردوغان أكثر ارتياحا بعد تكشّف الخلايا النائمة في مؤسسات الجيش و الشرطة و الأمن التي كان يخشاها كثيراً و ربما كانت تردعه عن أي تفكير باطلاق سراح الزعيم الكوردي عبدالله أوجلان أو تحويله من السجن غلى إقامة جبرية في أورفا بمنزله حيث عمل للخطة منذ عامين و أكثر و لم يتقدم فيها .
 
فهل سيخرج أردغان اقوى من ذي قبل حسب المقولة الشهيرة : ( الضربة التي لا تقتلك تقويك أكثر ) !؟ 
 
الأسابيع و الأشهر القادمة ستضعه على  المحك ، فإما سيستثمر  انتصاره في كسب شعبية أكبر و حل باقي أزمات تركيا و على رأسها القضية الكوردية ، و تجنيب البلاد  المستنقع شرق الأوسطي الضحل و على أطرافه نيران أعداء جيران يتحينون الفرصة لتوريطه أكثر من خصوم الداخل الانقلابيين ، او  سيزداد طغياناً و عنجهية و توجهاً نحو السلطنة و الغرور .
 
*كاتب و عضو  هيئة المتابعة في حركة الشباب الكورد