حوار تركي - أميركي حول استبعاد وحدات الحماية من شمال سوريا

شبكة ولاتي
بعد يوم واحد من لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان مع نظيره الأميركي باراك أوباما في واشنطن (على هامش قمة الأمن النووي)، وصل إلى أنقرة وفد عسكري أميركي. ووفق ما تسرب من لقاء أردوغان - أوباما، أن الأول قال لمضيفه: «دعكم من قوات الحماية الكردية وصالح مسلم، توقفوا عن دعمهم عسكرياً.
وفي المقابل، فإننا مستعدون لمقاتلة «داعش»، نحن والقوات المعتدلة من العرب والتركمان في شمال سورية بالتعاون معكم». ولكن، هل قصد أردوغان أن الجيش التركي مستعد لدخول شمال سورية وقتال «داعش» هناك؟ لا يخفى أن الجيش التركي كان يعد لعملية جرابلس الكبرى، وكانت الخطة تقضي بدخوله مع قوات المعارضة المعتدلة إليها بحماية سلاح الجو التركي والدولي، من أجل طرد «داعش» وإنشاء منطقة آمنة تمتد على طول 98 كلم وعمق 40 كلم. وهذا كان قبل أن يسقط الجيش التركي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي الطائرة الروسية وانقلاب الأمور رأساً على عقب. وبعد ذلك أعلن الروس رفضهم دخول الجيش التركي إلى منبج، وطلب الأميركيون من الأتراك التخلي عن الخطة هذه.
 
والحقيقة أن موسكو لا تريد أي دور للجيش التركي في منبج. ومثل هذا الدور يحد من النفوذ الروسي في شمال سورية ويرجح كفة النفوذ التركي هناك. لكننا نعلم أن واشنطن كانت تؤيد دخول قوات برية تركية إلى شمال سورية، وسبق أن عاتب الرئيس أوباما أردوغان على تردده في المبادرة إلى هذه الخطوة. وبعد طي مشروع التدخل التركي في منبج بسبب الاعتراض الروسي، استبقي من الخطة العمل مع القوات المعتدلة العربية والتركمانية هناك من دون توغل الجيش التركي في المنطقة هذه. وهذا ما جاء الوفد العسكري الأميركي إلى أنقرة لبحثه. لكن الخطة التي يبدو أن أوباما وأردوغان اتفقا على خطوطها العريضة لا تشمل الأكراد هذه المرة. والخطة هذه التي تستبعد مشاركة الأكراد اقترحها أردوغان على بايدن أولاً، ثم اتفق على التفاصيل مع أوباما. والاتفاق يقضي باستعادة بعض قرى منبج والباب من يد «داعش». وشددت تركيا على ألا يكون للأكراد دور في هذه العملية، للحؤول دون تشكيلهم ممراً جنوبياً بين كوباني وعفرين في شمال سورية. وهذا الممر يزعج تركيا. فهو يطبق على جرابلس فيسعى الأكراد إلى دخولها بعد غلبة كفتهم في المنطقة. وإذا بلغ الأكراد جرابلس سيطروا على كامل الحدود السورية - التركية من الجانب السوري، وهذا خط أحمر (محظور) في أنقرة التي لا تريد أن يعزلها الأكراد عن سورية.
 
واعتراض أنقرة على خطط الأكراد الرامية إلى دخول منبج والباب حمل الولايات المتحدة على تأجيل تلك العملية. وفي الأثناء حصل ما عرقل مشروع الممر الكردي بين عفرين وكوباني. فقوات المعارضة المعتدلة تقدمت إلى منطقة الراعي واستعادتها من «داعش». وإذا واصلت القوات هذه تقدمها حتى جرابلس، برزت منطقة آمنة طولها 35 كلم وعمقها 40 كلم. المفاوضات التي أجريت مع الوفد العسكري الأميركي في أنقرة تدور على نقطتين، الأولى طرد «داعش» من منبج ثم من جرابلس، والثانية إعداد المنطقة لما بعد خروج «داعش» منها. وهذه مسألة مهمة يجب التوقف عندها، بعد تحرير هذه المناطق من «داعش» وتنفيذ الخطة التركية – الأميركية. وهل ستغير «قوات سورية الديموقراطية» موقفها؟ وهل تواصل التعاون مع نظام الأسد أم تنضم فعلياً إلى المعارضة؟ وإذا غيرت القوى الكردية موقفها، وانضمت إلى المعارضة الحقيقية، ستُشن عملية أكبر بالتعاون معها. لكن، إلى اليوم، لا مؤشر إلى اقتراب هذا التغيير.