المُراوِغون خدعونا .. والفاشيّون خدمونا Sozdar Mîdî ( Dr. E. Xelîl )

2015-10-20

إذا انطلقنا من أن قضيّتنا الأساسية هي "وطنٌ محتلّ، وشعبٌ مُستعمَر"، وأن مشروعنا الاستراتيجي هو تطهير كُردستان من الاحتلال، وتكنيس المُستعمِرين وثقافاتهم وقيمهم المتوحّشة من وطننا وذاكرتنا، فمقولةُ "المرواغون خدعونا، والفاشيون خدمونا" صحيحة جداً.

 

أمّا إذا اعتقدنا أن قضيّتنا الأساسية هي الفوز بـ "حقوق المواطَنة" في دول المحتلّين، والرضا بالجنسية الإيرانية والتركية والعراقية والسورية، والتخلّي إلى الأبد عن الجنسية الكُردستانية، والبقاء إلى الأبد أتباعاً للفُرس والتُّرك والمُستعرِبين، وأن يقال عن العبقري الكُردي (فلان الإيراني/التركي/العراقي/السوري) كما حصل منذ أيام بشأن الكُردي (التركي) عزيز سنجار الفائز بجائزة نوبل في الكيمياء، فحينئذ تكون مقولة "المراوغون خدمونا، والفاشيون دمّرونا" هي الصحيحة.
وقد يُظَنّ أنني أُبارك جرائم الفاشيين، وأبرّر تسلّطَهم علينا، لا، وإنما أقصد أنهم يخدموننا من حيث لا يدرون ولا يريدون؛ فهم حينما يقمعوننا، ويرتكبون الجرائم البشعة، يجعلون الكُرديَّ اللامبالي يهتمّ، والمغفّلَ يَنتبه، والمخدَّرَ يَصحو، والأحمقَ يَعقِل، والحالم يستيقظ، والمرتزِقَ يَخجل، والغيورَ يحمل القلم أو السلاح ويقاتل.
أجل، بقدر ما تُهدَّد الشعوبُ في وجودها، ويُستهان بكرامتها، تغضب وتستنفر وتقاتل بشراسة، وبقدر ما تُخَدَّر وتوهَم بأنها تَنعم بالحرية، مع أنها في سجن كبير، فإنها ترتخي وتَستسلم وتَتدجَّن وتتلاءم مع الوضع العبودي.
إن النظام البعثي في العراق وسوريا، والحكّامَ العسكر الفاشيين في تركيا، ونظامَ الملالي الفاشي في إيران، خدمونا- من المنظور الاستراتيجي- أكثرَ من نظام الملك فيصل في العراق، وأكثر من الحكومات السورية قبل عهد البعث، وأكثر من عهد تُورْغوت أُوزال في تركيا، وأكثر من عهد الشاه في إيران. 
وقد بدأ النظام التركي الأردوغاني الحاكم في تركيا معنا بلعبة التخدير، فجاد علينا ببعض "حقوق المواطنة" الهامشية، وهلّل كثيرٌ من كُردنا في الشمال لنعمة الـ (بارِش/السلام) التي هبطت عليهم من المساء مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وأوقفوا القتال ضد الدولة التركية فترة، ورضوا بالله ربّاً، وبأردوغان إماماً، وبتركيا وطناً، وبعَلم الذئب الأغبر بَيرقاً، وبالجنسية التركية هوية.
لكن سرعان ما "عادت حليمة إلى عادتها القديمة" كما يقول المثل، وها هم الطورانيون الإسلاميون قد كشّروا عن فاشيتهم الدفينة، وها هم يضربوننا بوحشية لا حدود لها، ليس بطائراتهم وصواريخهم ومدافعهم فقط، وإنما بقطعان الانتحاريين الذين أعدّوهم لنا منذ سنين، أجل، بدأوا يخدموننا بقوة، مرحى لهم!
يا شعبنا، كُردستان مهرُها غالٍ جدّاً، كُردستان هي دجلة والفرات وعشرات الأنهار الأخرى، هي الأمطار والثلوج الغزيرة، هي الجبال المنيعة، والسهول الفسيحة، والغابات الكثيفة، والثروة الحيوانية والزراعية الهائلة، هي البترول والغاز الحديد والنحاس والرُّخام، هي الموقع الجيوستراتيجي الهامّ في قلب غربي آسيا. 
أتظنّون أن المحتلّين لا يعرفون جيّداً ماذا تعني كُردستان؟
أم تظنّون أننا سنستردّها من قبضتهم دون عذابات؟! 
ومهما يكن فلا بدّ من تحرير كُردستان!
15- 10-2015