يوسف حمك : لميا نحاس ولهيب نار عروبتها

2015-08-24

لميا نحاس أعمتها الشوفينية إلى حد الظلام ,وأغرقها التعصب جسداً بلا روح , وأفحمتها الكراهية فكرا بلا وعي , وصيّرها  الحقد ناراً بلا دخان تلتهم بقية الشعوب والأمم والأديان والطوائف فحسب علم النفس السياسي  أن الشوفينية نوع من التكتيك الدفاعي يلجأ إليه الفرد غير المؤهل نفسيا لأن يقيم علاقة سوية متكافئة مع الآخرين أو مع جماعة محددة ).
فهو مقتنع بأن العالم بناء قائم على علاقات غير متساوية وأن التكافؤ والمساواة شيء مستحيل في الواقع.
فالشوفينيون يرون هم الأعلون فقط , ونظرتهم دونية لباقي الشعوب.
إنه غياب المنطق من عقال العقل , والحط من شأن الجماعات الأخرى , والتحامل عليها والغيرة العمياء للأمة والإفراط في تمجيدها , والانحياز التام لأبناء الجلدة , محاولة طمس هوية الآخرين وطمرها تحت الثرى.
لميا نحاس ترحمت على هتلر الذي أحرق يهود عصره ناسية أو متناسية أن حقد هتلر على اليهود ليس إلا بسبب إيذاء زوج أمه اليهودي له, وتفننه في تعذيبه أو أن جدته كانت يهودية باغية تعمل الرزية.
ثم ترحمت على السلطان عبد الحميد الذي ورط بلاده في حرب مع الروس والدول الأوربية بسبب رفضه تحسين الأوضاع المعيشية للمسيحيين , وهزيمته ثم التنازل عن عدة مدن في آسيا وسلخ المزيد من الأراضي عن دولته العثمانية والموافقة عنوة على تحسين أوضاعهم , لكنه لم يفي بوعده مما ثار حفيظة الأرمن فطالبوا بالاستقلال وكان أبشع المجازر بحقهم.
أما بطل العرب وأعظم رجالهم صدام الذي توفي والده قبل ولادته بستة أشهر لكسر في ظهره , وحسب صلاح عمر العلي أحد قادة حزب البعث السابقين بأن زوج أمه إبراهيم الحسن ووالد برزان ووطبان وسبعاوي, كان يعامل صداماً بعداء مفرط ويضربه بلا رحمة على الرغم من صغر سنه ليتعلم فنون الرعي والزراعة.
فحسب علم النفس أن عواقب الضرب على الطفل تؤثر على نموه النفسي وخلل في نموه العقلي ويزيده سلوكا عدوانياً ورغبة في الانتقام وميل إلى الكذب فيستخدم العنف كوسيلة لتحقيق أهدافه حلاً لمشاكله.
فأبطال لميا نحاس وشجعانها لديهم عقد نفسية إلى درجة الكراهية لفئات بعينها , وحقداً نابعا من عقدهم بعيداً عن الصواب والحق والعدل والبعد الإنساني.
أما لميا نحاس فقد طالبت إزالة شعب متجذّر على أرضه التاريخية يزيد عن خمسين مليوناً – وليس أقلية – بجرة قلم مسموم حقداً وكراهية , كما حرق طائفة دينية أصيلة ولدت مع طائفتها ومذهبها وسيستمر وجودها إلى يوم الدين .
فرفضها لتعددية بلاد الشام اثنياً ومذهبياً يدحض التاريخ مزاعمها , ويثبت أن هذه المنطقة حضارتها من امتزاج الثقافة الميدية والآشورية بالثقافات الأخرى.
ثم تبتهل إلى الله لدعم ثوارها من غير تسمية للقضاء على الأنجاس من الكرد والعلويين والنصيرية دون إثبات نجاستهم سوى تلبية لرغبة داخلية تلطيخا لسمعتهم .
إلا أن أبناء جلدتها من العرب أصحاب طهر النفوس ونقاء القلوب أشادوا بطهارة الكرد ونقاء نسبهم وأفضليتهم للحكم في البلاد من غيرهم حسب ما يقول جهاد الخازن  :(لست من أمة يقتل فيها المظلوم في مسجد والسياح في متحف وتهدم الآثار وتسبّى فتيات صغيرات, ويهاجم الأبرياء ).
مضيفاً : ( أسجل هنا على نفسي أنني أؤيد قيام دولة كردية في مناطق الأكراد من تركيا وسوريا والعراق وإيران , هم وحدهم قاوموا الإرهاب والإرهابيين وحموا أنفسهم وأثبتوا أنهم أكثر استعدادا للحكم وأعبائه من عرب فتحوا الأبواب لعصابات إرهابية تقتل المسلمين والمستأمنين ).
ويتابع :( لن أضع نفسي مع غالبية خاطئة مخطئة , أرفض أن أكون متهماً على الهوية . أنت عربي أنت فاشل جاهل قاتل ).
وبهذا الصدد تقول الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي مخاطبة الكرد في مقدمة الترجمة الكردية لرواية ذاكرة الجسد لـ صالح محمد أمين:( أيها الرائعون الموزعون على خارطة التشرد متورطة أنا بحبكم ).
وقد فنّد ابن خلدون قناعة لميا نحاس وأمثالها الشوفينيين عن مدح العروبة حينما قال :( العرب أمة وحشية , أهل نهب وعبث , وإذا تغلبوا على أوطان أسر عليها الخراب , يهدمون الصروح والمباني ليأخذوا حجارتها أثافيّ للقدور , ويخربون السقوف ليعمروا بها خيامهم وليست لهم عناية بالأحكام وزجر الناس عن المفاسد , وأنهم أبعد الناس عن العلوم والصناعات ).
أما نحن الكرد فسنقف بالمرصاد لو أن أحداً من أبناء جلدتنا ارتكب جرماً بحق الآخرين ولن نفتخر به كردياً.
غير أننا نفتخر بكرديتنا دون حقد على العرب ونعتز بقوميتنا دون الحط من شأن بقية الأمم كما نعتز بإنسانيتنا دون تدنيس لقيمها الأصيلة .