مروان سليمان : مع من يتحاور الكورد( المعارضة أو النظام)

2015-07-21

إن الأنظمة خلقت من أجل خدمة الشعوب التي تحكمها تلك الأنظمة و بدون الناس لا يوجد نظام، و المعارضة وجدت من أجل مراقبة الحكومات و تصحيح مسارات العملية الديمقراطية و تصحيح الأخطاء التي تقع فيها الأنظمة و المشاركة في وضع القوانين و الأسس في سبيل بناء مجتمع يقوم على العدل و المساواة
و لذلك فإن المعارضة و النظام هما في خدمة الشعب و هما جزءان لا ينفصلان في إدارة البلد لأنه من أسس الديمقراطية هو احترام الرأي الآخر الذي يكون فيه مخالفاً لتوجهات و أفكار الرأي الأول و خاصة إذا كان هذا التوجه أو الرأي هو مخالف من حيث الإسلوب و الطريقة و لمصلحة الشعب و البلد.
المشكلة الأساسية في الأنظمة الديكتاتورية ذوات الحكم الفردي المطلق تكمن في أنها تتخوف من المعارضات بشكل عام بسبب الخلل السياسي في النظام و طريقة إدارته للبلد و تمسك الحاكم بالسلطة  و السبب الأساسي هو الإستيلاء على مقدرات الوطن و وضعها في الحساب الشخصي و العائلي  و الحاشية التي تحوم حول الحاكم و يتم إلغاء المساواة و العدالة في توزيع فرص العمل و المناصب و كما الحال في الجوانب الخدمية بشكل عام التي تفتقد إلى أبسط أنواع الرعاية الصحية و الخدمية و التجديد و لذلك فإن الأخطاء و الخلل هي التي تصدر من إدارة الحكم الفردي و من أجل التنصل من المسؤوليات التي تقع على عاتق تلك الأنظمة الديكتاتورية عمدت إلى تشكيل معارضات شكلية أو حتى وهمية في الظل من أجل إدامة عمر التصفيق و المديح لشخص الحاكم في الداخل و إظهار حكمه على أنه ديمقراطياً أو أقرب إلى الديمقراطية( الجبهة التقدمية في سوريا التي كانت ظل حزب البعث تضم عدة أحزاب شيوعية و قومية و يسارية مثالاً) مع العلم أن حصر المسؤوليات و المناصب تكون للحزب الحاكم و حاشيته حيث يتم إطلاق يد الأجهزة الأمنية و ما أكثرها في كل شئ لقمع النفوس و الأشخاص التي تفكر (مجرد تفكير) بنقد الحاكم أو طريقة حكمه و إدارة البلد و يتم توسيع المعتقلات السياسية و يتم إعتقال قادة المعارضة بالإضافة إلى ذويهم و أقاربهم لإسكات تلك الأصوات إلى الأبد لأن الحاكم ينظر إلى المعارضة بعين العدو اللدود له و المتربص به لينقض عليه و يستلم الحكم و يزجه في السجون كما عملوا هم مع الذين سبقوهم( النظام السوري مثالاً عندما انقلب على الأتاسي و وضعه في السجن أو العراقي عندما قتل عبدالكريم قاسم)، و من شدة القمع يبتعد قادة المعارضة نحو الخارج لأنهم لا يستطيعون التكيف مع الأجواء الظالمة و الأمنية و التصفيات البدنية و لذلك فإن السلطة تمنح لنفسها الفرصة السانحة في التحكم بالمجتمع كما تشاء بدون أن يكون هناك  حسيب أو رقيب أو صوت مخالف أو معارض يقف في وجه السلطة و إيقاف مشاريعها التسلطية و التخريبية و المتمثل في تخريب المجتمع من الداخل كما أن الأنظمة في المنطقة استطاعت أن تكسب الجماهير بالتهديد و الإعتقالات أحياناً و بالمناصب و الهدايا أحياناً و في الكثير من الأحيان نتيجة لنفاق شعوبنا التي تعلن الولاء و بكل بساطة للحاكم الذي يضع السكين على رقابهم و يذلهم و يخنعهم بسبب سيكولوجية شعوب المنطقة التي تربت على الشعارات الفضفاضة كالخيانة و العمالة من جهة و المقاومة و الصمود من جهة أخرى( كما في العراق كان الأخ يقتل أخاه و الأب يقتل إبنه بأمر من الحاكم تحت تلك الشعارات) و هكذا كانت المعارضات تخدم الأنظمة باستمرار لأنها كانت في الحقيقة معارضات في العلن و لكنها كانت جزءاً من مشروع السلطة الديكتاتورية الفاسدة و كانوا يعملون كمهرجين و مصفقين لدى الحاكم في سبيل أن ينالوا بعض الفتات من الحاكم و حاشيته مثل الحزب الشيوعي السوري بجناحيه البكداشي و الفيصلي أو في العراق من خلال العشائر و رجال الدين.
أما المعارضة التي وصلت إلى سدة الحكم أو التي تنتظر لتصل إلى القمة و استلام المنصب فإنها خرجت بأسوأ من الأنظمة بسبب أفكارها المتحجرة و تجاهل حقوق الآخرين و الجهل بأصول الحوار و عدم إحترام الرأي الآخر و تكريس الإستبداد و الطغيان و الفساد المستشري و الإستمرار في زرع ما يولد الكراهية و الحقد و الثأر بين الناس على أساس مذهبي و طائفي و عرقي و إرتكاب المجازر بحق الآمنين( المالكي في العراق مثالاًبالإضافة إلى كيلو و اللبواني).
فمع أية أنظمة أو معارضة نتحاور نحن الكرد؟ و بمن نثق من الحكام؟ و هل نحن مجبرون على حوار من لا يحترم الحوار؟
مروان سليمان
14.07.2015